رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th May,2000العدد:10092الطبعةالاولـيالثلاثاء 12 ,صفر 1421

عزيزتـي الجزيرة

الرئاسة ,, حالات استثنائية,, أم أننا غير مؤهلين للحوار؟
عزيزتي الجزيرة
ما اثاره حوار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية، ليس جدلاً رغم اختلاف المواقف والآراء للذين تصدوا للتعليق أو التعقيب على التعليق,, ليس جدلاً لأن الجدل من طبيعته أن يقوم بين خطأ وصواب، أو بين نقيض ونقيض، وسموه قد لامس في اجاباته وفي تعقيبه جوهراً لحقيقة لابد أن وعي سموه بها،وحرصه على جلائها، وما وراء ذلك كله من نبل الموقف،ويقظة الضمير، وشرف الدور، وتقدير المسئولية التاريخية، لا بد أن هذا الوعي وما يسنده أو يستند اليه يملأ كل النفوس، الصغيرة والكبيرة،الرجال والنساء، في مواقع المسئولية أو خارجها، بالرضا والفرح والاطمئنان، ومن ثم فلا خلاف عليه يقتضي جدلا أو اختصاماً أو تراشقا بأطراف الأقلام, وإذن فمن أين جاءت تشنجات الكتابة وارتعاشات الحروف أحيانا، أو اندلاقها بلا ضابط أو تحكيم لضمير أحيانا أخرى؟,, ربما هنا بالتحديد قضيتنا الأساسية فيما ازعم إن أعدنا النظر في الحوار ودلالاته، وفي الكتابة ومراميها.
صاحب السموالملكي الأمير نايف من موقعه في قيادة الحياة في بلدنا الكريم، يمتلىء بهواجس الوطن والمواطن في ظل عصر لاهث التغير،وهو واحد من الذين يصوغون واجهة الحاضر على بوابات الوطن، ويترجمون أحلام الغد في مجريات اليوم، ومن هنا كان حرصه على اللقاءات والحوار مع العاملين في مختلف القطاعات رغبة في التعرف على المشاكل والمعوقات في مواقعها الأساسية، وهو في تجشمه لهذه المهمة الشاقة يعول كثيرا على ثقة في أبناء هذا البلد الذي وصل إلى ما وصل إليه بأنهم أولا على غاية من الوعي بواجبهم وبحقوقهم، وأنهم ثانيا يتميزون بكل الشجاعة في الدفاع عن تلك الحقوق، وأنهم ثالثا والأهم يمارسون هذا الوعي بها والدفاع عنها في ظل مكتسبهم الأهم من هذا العصر، أعني حق التعبير بصراحة وحريته المكفولة للجميع، سواء كانوا من الكتاب أو كانوا من الشاكين إلى الدواوين الحكومية,,! وإذن أين المشكلة بالضبط؟، هل يمكن أن نتصور صاحب حق يقف في حضرة من كفل له حرية البوح، فيغير رأيه ويشيد بما يتعارض مع قناعاته؟، حد أن الأمير قد أخفى إحباطه حين جاءت الأسئلة على غير ما توقع خلف نبله وأبوته، واكتفى بإشارة بسيطة إلى أنه كان يتمنى أن تشمل الأسئلة كل المجالات، خاصة ما يتصل بقضايا المرأة وطموحاتها وما تواجهه من مشكلات أو عقبات,.
بعض الكتاب، من الذين يتميزون بشجاعة الطرح، ويعرفون أنهم حقيقة هم نبض هذا العصر وضميره، وحملة رسالة التنوير فيه، ويدركون أن كتاباتهم هي جسر التواصل بين كل منجز يتحقق لبلادنا وبين وعي المواطن المعني بهذا المنجز، كي يجيد التعامل معه من منطلق حضاري يتناسب وحجم الإنجاز، هؤلاء ليس لهم من هدف شخصي أومصلحة فيما يكتبون، ولذلك لا يتخيرون قضاياهم الشخصية موضوعا مكرورا لكتاباتهم، فكل شيء يعنيهم طالما انه يعني الوطن او المواطن,, بعض هؤلاء الكتاب استوقفهم الامر بشدة، أبدى الاستاذ محمد رضا نصر الله، صاحب أصوات دهشته أن تكون المرأة السعودية التي حققت إنجازا طبيا غير مسبوق عالميا، هي نفسها المرأة السعودية التي خلت أسئلتها من أي هم أو وعي أو معنى، ولم يستطع أن يستوعب الأمر إلا أن تكون أجهزة بيروقراطية في الرئاسة قد افرغت الأسئلة من اي قيمة، وبذلك توصل إلى بيت الداء، ليتجاوز محدودية الجزئي إلى شمولية القضية، فطرح بشجاعة فكرته عن وزارة لشئون المرأة لتدير بنفسها قضاياها، وهي كما يرى مؤهلة لهذا الدور,, والدكتور خالد آل هميل كتب بهدوء عن أوضاع الرئاسة ونمطية عملها وجموده.
هذا من الجانب الإيجابي، لكنه على جانب آخر يواجهنا ما كتبه محمد غازي العنزي (المستشار في مكتب بالرئاسة) بحماس وانفعال يبدآن من عنوان المقال لسنا استبداديين تجاه النساء ولا وجود لحرب داحس والغبراء بيننا، ليدافع باستماتة عن عدم استبدادية الرئاسة كما يقول، فيؤكد ما أراد أن ينفيه دون أن يدري، فإن أخذنا في الحسبان كون العنزي يعمل في رئاسة تعليم البنات يمكننا أن نتجاوز عن مقاله من القضية، ولو بشكل استثنائي، لنواجه إحباطاً بلاحد فيما كتبته المرأة نفسها، صاحبة الحق الذي يدافع عنه غيرها من الكتاب رغم ما تملكه من حرية التعبير، فتكتب د, افراح بنت علي الحميضي، استاذ التاريخ الحديث المساعد، مقالاً يرتد بالمرأة إلى سنوات ماضية!، ويسلبها أدنى مايحقق لها من وعي أوحق أو مكانة، لكننا في نهاية مقالها نكتشف دافع الكتابة فهي تنعى على الاستاذ نصر الله تشكيكه بعميد الكلية ومديرات المكاتب والادارات واللجان المشرفة على التنظيم، التي منعت بالفعل الكثيرات من الاقتراب من الميكرفون او إلقاء الاسئلة والتي صادرت ما لم يرق لها من اسئلة،أخذنا كتابتها على أنها كالعنزي دفاع عن الذات لا عن الموضوع.
وكتبت ليلى الأحيدب مقالاً لا يتناسب وعنوانه وقفات يثير دهشتنا فليلى كاتبة ومحررة تحمل أو مفروض أنها تحمل مسئولية ورسالة، فما الذي يدفعها إلى الممالأة؟
هذه أمثلة قليلة ولكنها كافية لتحملنا في مواجهة مباشرة مع القضية: طرف فيها المملكة، الدولة أو السلطة أو القيادة الرشيدة لهذا البلد الأمين تفتح الأبواب واسعة وبكل الأشكال امام المرأة السعودية، اطمئناناً إلى حسن تربيتها وثقة بفكرها واخلاقها وتقديرا لعلمها ووعيها بدورها في المشاركة بماهو مطلوب في هذا الزمن، وإيماناً منها على صعيد اقتصادي بأن المرأة نصف قوتها البشرية العاملة، ونصف عافيتها الثقافية والاجتماعية,,، والطرف الثاني هو المرأة التي تبدو صورتها حتى الآن من خلال تجربة حوارها مع سمو الأمير نايف وما أعقبه من كتابات، هزيلة الفكر والهم والطرح والاسئلة، غائبة في الكتابة عن نفسها، صورة لا تتسق وحلم الدولة أو أمل المرأة بحال، فكيف؟
إذا كنا مطالبين بإجابة، فالأمر في تصوري لا يخرج عن احتمالين، إما أن نكون بعد رجالا ونساء غير مؤهلين حتى اللحظة للحوار، وإما أن تكون هذه الشواهد كلها حالات استثنائية، من سوء حظنا أن الاستثناء بلا استثناء مقابل هو الذي واجهنا وحده,, إما أن نكون غير مؤهلين للحوار لأننا بعد لم تكتمل لنا ثقافتنا، ولم نبلغ درجة من الوعي بحركة الزمن وبالتاريخ، ولم نروض ضمائرنا وذممنا على تغليب الصالح العام على الخاص، وعلى عدالة الرؤية ونزاهة الموقف، لا نملك كبرياء التسليم بالصواب والإذعان للحق وشرف التراجع ونبل الانتصار للخصم ضد الذات إذا ثبتت له جدارة، غير مؤهلين للحوار لأننا بعد لسنا على شاكلة الصورة الحلم الذي تصبو إليه، وتسهر عليه الدولة للابن والبنت معاً، ومن ثم لا ينبغي أن ننعى على شيء,,، وإما أن تكون هذه حالات استثنائية، أفلحت عبرها الرئاسة في تهميش شخصية وكيان منسوباتها ولكنها لم تفلح في تعمية بصائر كتابنا وقادة الرأي فينا، وافلحت في الدفع بأشكال من الكتابة الانفعالية، لكنها تبقى كلاما عابرا، ينفي ما يراد تأكيده، ويؤكد منه النفي، وتبقى قدرة المرأة السعودية وصورتها في النهاية، بالضبط، ماحلمت به الدولة، واحد التفاصيل المضيئة في إشراقات وجه المملكة.
إذا افترضنا صحة الاحتمال الأول فتلك مصيبة لا يجلوها كل الحزن والألم، وإذا افترضنا صحة الأخير، فليس أهون من تداركه وتصويب الخطأ فيه,.
ريم عوض

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved