| عزيزتـي الجزيرة
اذا كان الانسان اجتماعيا في طبعه، لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الناس والمجتمع، ولا أن يبقى دون أدنى علاقة أو ترابط معهم، فان هذه العلاقة بوابة رئيسية يتم من خلالها تفاعله وتكامله مع هذا المجتمع، ليخدم بعضه بعضا، ويكمل بعضه بعضا، وقد كانت مخالطة الناس والصبر على اذاهم خيرا من عدم المخالطة وعدم الصبر، لقوله صلى الله عليه وسلم: الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على اذاهم أو كما قال عليه السلام,, الأمر الذي يجعل سلوك الانعزال عن الناس والانكماش عن الجماعة أمرا مستغربا وغير طبيعي، بل انه معطل لهذا التفاعل، ومعوق لهذا التكامل, وما دام ان عنصر هذه العلاقة هو هذا الكائن الضعيف: المتباين في طباعه ومزاجه، المختلف في وعيه وادراكه، وان حلقة تواصلها ومحور ترابطها ذلك الانسان الخطأ: المتفاوت في ثقافته ومعرفته، المتباعد في صبره ونفسيته, فان محاولة الوعي بطبع هذا الانسان وطبيعته، والالمام بخلفية كافية عن نفسيته، سوف يكسب هذه العلاقة نوعا من المرونة، ويزيل عنها الجمود والكسل، بل انه سوف يوفر لها مساحة أكبر ومجالا أخصب، ويمنحها فضاء أرحب وأفقا أوسع، يساهم في عملية استمرارها وتواصلها، ويساعد على تماسكها وتمازجها,ان ادراك مثل هذه المعلومة والوعي بمثل هذه الخلفية عن هذا الكائن سوف يجعل أمام هذه العلاقة مجالا لتقدير المواقف، ومساحة لمراعاة الظروف، فتكون هناك فرصة للتنازل والتسامح، وامكانية للتغافل والتغاضي, ان عدم المعرفة بهذه الطبيعة، وعدم الالمام بهذه الخلفية وجهلها أو تجاهلها سوف يضيق هذا الافق الواسع، ويخنق هذا الفضاء الرحب، ويقلص تلك المساحة الشاسعة، فلا تستطيع الصمود أمام أي استفزاز أو هزة، ولا الوقوف أمام أي ظرف أو موقف.
ان عدم الوعي بهذه الطبيعة الانسانية، وعدم توفر المعرفة الكافية عن هذه النفسية سوف يوجد علاقة هشة ورخوة، لا قدرة لها على التحمل، ولا استعداد عندها للمقاومة، علاقة تفصمها الهفوة وتنهيها الزلة، تقطعها الشعرة وتقصمها القشة, علاقة لا مجال فيها للتصالح أو التنازل، ولا فرصة عندها للتصافح أو التصافي, علاقة مغلقة أبوابها أمام العفو وموصدة مصاريعها أمام التسامح.
علي المغيولي عنيزة
|
|
|
|
|