رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th May,2000العدد:10092الطبعةالاولـيالثلاثاء 12 ,صفر 1421

الاقتصادية

احترام الأنظمة والقرارات مطلب تنموي ملحّ
د, مفرج الحقباني *
ذكرت في الاسبوع الماضي ان الاقتصاد السعودي يعيش مرحلة تجديد وإعادة بناء يلزم لنجاحها توفر الوعي النظامي للمواطن السعودي بغض النظر عن موقعه في سلم الترتيب الوظيفي، وفي هذا الخصوص اذكر ان احترام النظام والقرار لا يمثل احتراما للنظام او القرار فحسب ولكنه احترام للجهات التشريعية التي تسن الانظمة وتصدر القرارات مما يعني ضرورة الحرص على تحقيق الاحترام الكامل لجهاتنا التشريعية ولنظامنا الوطني بشكل عام، ولكن يجب ان اشير هنا الى ان احترام النظام او القرار لا يتأتى الا اذا توفرت المقومات اللازمة التي يأتي في مقدمتها:
1, قابلية النظام او القرار للتطبيق على ارض الواقع.
2, توفر الامكانات اللازمة للجهات المسؤولة عن تطبيق النظام.
3, منع الاستثناءات والتجاوزات العلنية والخفية المباشرة وغير المباشرة لمواد النظام ومضمون القرار.
4, توفر الوعي والادراك الخاص والعام بأهمية النظام وعلاقته بالمصلحة الوطنية.
وفي اعتقادي ان توفر مثل هذه المقومات سيكفل لأنظمتنا وقراراتنا الشاملة والجزئية بيئة تطبيقية مناسبة تساعدنا على تجاوز هذه المرحلة الحرجة التي تشهد تداخل الكثير من المتغيرات الدولية والمحلية وتخلصنا من العشوائية التي نلمسها في الكثير من مواقع حياتنا اليومية، ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن في هذه الاثناء هو لماذا لا تجد انظمتنا احتراما عاما من قبل المواطن والمقيم على حد سواء؟ ولماذا يبقى نظام العمل والعمال حبيس التنظير؟ ولماذا يبقى قرار مجلس الوزراء رقم 50 معطلا؟ ولماذا التجاوزات العلنية للكثير من الانظمة والقواعد وفي مقدمتها نظام المرور مما أدى الى تحول شوارعنا إلى ميدان حرب بين الحديد والإنسان؟ قد يقول قائل إن هذه نظرة تشاؤمية وغير منطقية وإليه أقول يكفيك جولة واحدة على المحلات التجارية لترى المخالفات الصريحة لأنظمة البلدية والدفاع المدني، ويكفيك جولة صباحية على منشآت القطاع الخاص لترى الجرأة والجسارة على مخالفة مواد نظام العمل والعمال وفقرات القرار رقم 50 ، ويكفيك جولة اخرى في شوارعنا لترى تعدد المخالفات المرورية وتنوعها, أليس في ذلك دليل على أننا نعيش حالة غريبة ربما لا تساعدنا على التعامل مع مستجدات حياتنا اليومية خاصة بعد صدور نظام الاستثمار الاجنبي والقواعد المنظمة للسياحة وبعد صدور الموافقة على منح المعتمر حرية التحرك داخل المملكة خلال فترة التأشيرة الممنوحة له.
ولكن اذا اتفقنا ان لدينا مخالفات صريحة لأنظمة قائمة فما هو السبب الحقيقي وراء هذا الترهل في التطبيق؟ اعتقد ان السبب الحقيقي يتمثل في فقدان واحد او اكثر من المقومات التي ذكرناها سابقا, واعتقد ايضا ان القصور الواضح في الوعي العام والخاص ووجود تجاوزات صريحة للأنظمة والقرارات ربما تكون العامل المشترك والسبب الرئيس وراء هذه الحالة الغريبة، حيث لا يمكن تصور الجهات المعنية تتعمد اصدار نظام او قرار غير قابل للتطبيق ولا يمكن تصور الجهات المعنية تصدر نظاما او قرارا ثم تكلف جهة محددة بتولي التطبيق والتنفيذ وهي تعلم مسبقا عدم قدرة هذه الجهة على التطبيق، كما يمكن الاشارة هنا الى ان المواطن السعودي كفرد لا يفتقد للوعي بأهمية التقيد بالنظام حيث نلاحظ ان هذا المواطن يعتبر من اشد الناس احتراما للنظام خاصة عندما يكون في الخارج وبشكل خاص عندما يكون في الدول الاوروبية او الولايات المتحدة الامريكية مما يعني انه قابل لأن يكون قاعدة ملائمة لبيئة تنظيمية متكاملة، ومن هذا المنطلق نستطيع القول ان المشكلة الحقيقية وراء عدم وجود تطبيق كامل لأنظمتنا وقراراتنا العامة والخاصة وربما تنحصر في وجود تجاوزات علنية للنظام تعطي مبررا اجتماعياً وادارياً للمخالفين، كما ان وجود مثل هذه التجاوزات العلنية قد افقد المراقب الميداني الحماس في العمل نتيجة لمعرفته المسبقة بإمكانية ومقدرة المخالف على الخروج سليما معافى.
ولكن ما هو الحل؟ وهل نرضى بالواقع على انه نصيب مفروض علينا أم ان الواجب الوطني يفرض علينا العمل الدؤوب لتحقيق الحزم النظامي والإداري اللازم للتعامل مع المستجدات والمتغيرات المحلية والدولية؟ اعتقد ان بالامكان تحقيق قفزات هائلة في هذا المجال من خلال الاجراءات التالية:
1, تنظيم حملة إعلامية مركزة تستهدف خلق الوعي العام بأهمية احترام الانظمة والقرارات الصادرة لدى المواطن السعودي بشكل عام ولدى فئة المسؤولين المعنيين بتطبيق الانظمة والقرارات في الجهات الحكومية المختلفة بشكل خاص.
2, القضاء على كل صور التجاوزات للانظمة والقرارات الصادرة لكونها تمثل السبب الرئيس وراء حالة عدم الاحترام للمنظومة النظامية، ولكونها تخلق مجالا رحبا ومبررا منطقيا للراغبين في المخالفة ولكونها تضعف الحماس لدى المنفذ في الميدان.
3, الحزم في تطبيق العقوبات التي ينص عليها النظام او القرار دون تخفيض او مساومة مع ضرورة تطبيق القاعدة العامة التي تقول بأن الجزاء من جنس العمل.
4, ضرورة اجراء مراجعة شاملة وعاجلة لانظمتنا وقراراتنا العامة والجزئية وبالشكل الذي يتوافق مع متطلبات الواقع الحالي، كما يجب إعادة مراجعة العقوبات والغرامات التي نصت عليها هذه الانظمة وبالشكل الذي يكفل لها خاصية الردع اللازم وللأنظمة والقرارات الصادرة حسن التطبيق.
5, ضرورة اطلاع المواطن على الانظمة والقرارات وجعلها متاحة للجميع حتى نتلافى الادعاءات التي قد يلجأ لها البعض مع ضرورة التركيز على ان الجهل بالنظام لا يعفي من العقوبة في حالة المخالفة مما سيولد لدى الجميع الرغبة في معرفة الانظمة والقرارات حال صدورها.
6, انشاء هيئة مركزية عليا مهمتها متابعة تنفيذ الانظمة والقرارات الصادرة ودراستها ومراجعتها واقتراح تعديلها عند الضرورة، وهنا اعتقد ان مثل هذه الهيئة ستكون ضرورية لعكس الرغبة الصادقة في التطبيق خاصة في هذه المرحلة التي انهكت فيها المخالفات الانظمة وزادت فيها قناعة المخالف بالمخالفة وضعفت فيها حيلة المنفذ في الميدان.
اشارة: يجب علينا ان نحدد السبب الحقيقي وراء عدم تطبيق الانظمة والقرارات الصادرة وعدم قيام الجهات الحكومية المكلفة بتنفيذ تلك القرارات بواجبها ومسؤولياتها المنصوص عليها قبل الشروع او الاسترسال في اصدار الانظمة والقرارات الجديدة او تعديل الانظمة والقرارات السابقة حتى لا يصدق اعتقاد البعض بأن الانظمة والقرارات ليست سوى تنظير يشبع رغبة المنظر ولا يلقى حماس المنفذ.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved