| مقـالات
من حسن حظ الأدب منذ آلاف السنين أن وجد له هذا الوعاء الذي يحفظه من النسيان والضياع وهو تطور يحسب في ميزان منجزات عصور بيضاء تلألأ فيها الفكر وأخذ حظه من التوهج في مسار اليقظة التنويرية العالمية بعد أن تحرر من سيطرة الكنيسة وتسلطها على كافة أمور البشرية منذ قرون طويلة قبل أن يبزغ الإسلام وينشر ضياءه في كافة أنحاء المعمورة, فكانت أول نفحة سماوية نزلت إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم هي اقرأ مما يعني أن التعاليم السماوية ماكان لها أن تسود وتبلغ رسالتها بدون هذه الوسيلة ,, القراءة,, كما أنه لولا الكتاب لما حفظ هذا التوجيه وتناقلته البشرية, فالكتاب مرتبط بالقراءة وهذه هي الوسيلة لتقوم بدورها التوجيهي والحضاري في نشر رسالة الفكر وحتى لا نتوسع في أمر قد تكون له مناسبته هذه الأيام ونعني به تتالي معارض الكتاب في العالم العربي ما بين القاهرة ثم جدة مروراً بعدة عواصم عربية منها دمشق والكويت والبحرين ولن أقول الرياض أيضاً لأنه لم يكن في المستوى المأمول تخطيطاً وإعداداً, ومعذرة للأصدقاء في الجامعة لأن تعثر دخول الفتاة ولا أقول مشاركتها في هذه التظاهرة الثقافية صفعة موجعة لن تتكرر إن شاء الله ولاننسى أن نلوم أيضاً مكتبة العبيكان التي أشرفت على ذلك المعرض مع أنني أعرف سلفاً أن هذه الجهات سوف تتبرأ من الاتهامات لتلصقها في إدارات أخرى رغم أن النتيجة واحدة وهي حرمان مئات الفتيات المثقفات من التجوال فقط في أنحاء المعرض للاطلاع على المعروض من مصادر الفكر العربي والأجنبي.
وقد كتبنا عن هذا المطب في حينه ولم نسمع أي تفسير أو توضيح لأن الصمت اعتراف بالخطأ على أمل تداركه مستقبلاً وسبب إعادة إثارة هذا الموضوع افتتاح معرض جدة للكتاب قبل أيام,,, وحين أكتب هذه المشاركة من منزلي بعد أن اكتسبت خبرة حضور مثل هذه المعارض ولا أقول اطلعت على كافة ما يعرض فيها من الإصدارات باعتبارها كما هائلا يتعذر الإحاطة به لأمثالي من عشاق الأدب، وأكرر عشاق لأنها اصبحت قدرنا منذ بدأت هواية وعبث طفولي, والسؤال الذي أطرحه في هذه المناسبة لماذا لاتبقى معارض دائمة للكتاب بدلاً من حوانيت خدمة الطالب التجارية التي سيطرت عليها سريعاً العمالة الآسيوية, كما سيطرت على حوانيت بيع الخضار والبقالات على أن تديرها عمالة وطنية حتى لا تحرف عناوين وأسماء المؤلفين للكتب, كذلك لماذا لاتكون الأسعار أقل مغالاة بحيث يتسنى للطلبة وهم أكثرية الرواد اقتناء ما يلزمهم وينير أمامهم السبيل للاطلاع الثقافي وكأن يباع لهم بنصف السعر وما دور المؤسسات الثقافية الوطنية والإقليمية (الجامعة العربية والمجامع اللغوية) في تذليل هذه الصعاب المادية على الأقل خاصة أن الكتاب يلاقي منافسة شديدة من وسائل الإعلام الأخرى ولاسيما الفضائية منها على مدار الساعة.
|
|
|
|
|