عزيزتي الجزيرة,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربّما قلت لنفسك ذات مرة: إنّها مجرّد اضغاث أحلام,, غير أن هناك مصنّفات بدأت تغزو المكتبات مؤخراً,, توحي بعكس ذلك محاولة أن تتصدّى لتيار تلك الرّؤى لتمنحك تشخيصاً طرياً ,, يفسّر الأعراض,, يستنطق الأحداث,, ويكشف عن هوية الرموز,, يهبك وصفة فريدة !
حقاً ينالك العجب وتأخذك الدهشة وأنت تطالع تلك التفسيرات التي تجيء لتقدّم ترجمة عامرة بألوان التوقع ,, كتيبات تدور في فلك التخمين,, توغل في أعماق التوجّس,, تزرع دوائر الترقب,, ويظلّ الهاجس هوالبحث عن مفاتيح ملائمة لصندوق الحلم المؤرق,.
ولم تزل تلك المؤلفات تلاحق فلول الاحلام ,,تركض خلف وميض الرؤى عبر لهاثٍ محفوف بالتحرّي لرصد إشاراتها,, وتأويل مُشكلها والتنقيب عن أسرارها,, وسيكون للكوابيس معانٍ خفيّة,, ودلالات دفينة,, ولغة مليئة بمفردات الحيرة والتساؤل, ستسمع تفسيرات معلّبة وتأويلات جاهزة ولن تُحرم من حوارات تهب الحلم المزعج موقعاً في خريطة الذّهن,, نعم مضت تلك التآليف تتهجّى ملامح حلم عابر موسوم بالفزع ومثقل بالتوجه قبل أن تذوب معالمه في ذهن صاحبه,, وكأنها تريد أن تقدّم هوامش نادرة لمتونٍ غامضة في كتاب الأحلام !
عفواً,, عزيزي القارىء: لا تستغرب حينما تتأمل مصنّفات غريبة في علم الاحلام وقد تطالع عناوين جميلة: كيف تفسّر أحلامك ,, دليلك في تأويل احلامك ,, تحفة العروس في تأويل الكابوس !
وستسمع عن طرق مبتكرة واساليب فريدة تزيل غبش الاحلام وتكشف غموضها من خلال ربط محكم,, وتأويل متقن يتكىء على الحدس ويلوذ بالتخمين ويتواصل مع نظريات علم النّفس,.
ستقرأ عن أشهر الأحلام في التاريخ,, وعن قصصٍ تعجز الخيال,, ولن تبخل عليك,, تلك المؤلفات بمعجم يحوي فنوناً في تأويل الاحلام مرتبة على الحروف الابجديّة,, وربّما حاولت هذه المصنّفات أن تقدّم مواصفات الحلم السعيد ,, وأوقاته الملائمة ومعايير صدقه,, وسبل تحقّقه,, ليستحيل هذا الحلم العابر إلى موقف مكتظ بالطقوس في مواكب الاحتفاء,,!
هكذا يقف المرء محتاراً أمام تلك التفسيرات التي تستحوذ على بعض العقول,, تربك الذهن,, تشرع نوافذ القلق,, تمنح الرؤى هوية العبور,.
وينبغي للإنسان ألا يندفع خلف سراب الاحلام او يبالغ في قراءة الكوابيس,, لقد عالج الإسلام هذه القضية علاجاً إيمانياً ورسم المنهج الملائم للتعامل معها بصورة تحفظ عقل المؤمن,, وتجعله بمنأى عن الاعتقادات والاوهام,, ولننظر إلى الهدي النبوي الكريم الذي اشار إلى أن الرؤيا الصالحة تقابل بحمد الله تعالى ويمكن أن يحدّث بها الرائي من يحب,, أما الرؤيا المكروهة فيتعوّذ من شرّها وشر الشيطان الرجيم وينفث عن يساره ثلاث مرات,, فإنها لا تضره إن شاء الله تعالى,.
عذراً معشر الراكضين فوق الدائرة,, خلف الرؤى العابرة,, لا تحيلوا الأحلام إلى افلام,.
محمد بن عبدالعزيز الموسى بريدة
|