| الاقتصادية
* الرياض - الجزيرة
ابرزت النشرة الدورية التي يصدرها البنك السعودي البريطاني أهم الأحداث الاقتصادية عن الميزانية لعام 2000م وتطرقت إلى تحليل للمؤشرات الرئيسية للميزانية بالاضافة إلى آخر تطورات سوقي البترول والأسهم وموجز حول أداء القطاع الخاص للعام الحالي .
سوق البترول
واصل سوق البترول ازدهاره خلال الفترة حيث تراوح سعر مزيج برنت بين 23 و 27 دولاراً للبرميل الواحد, وقد تحددت تلك الأسعار بناء على مفاهيم التوازن بين العرض والطلب والاتفاقيات المتوقعة مستقبلاً بخصوص الانتاج بين أعضاء منظمة الأوبك,وكانت أسعار البترول في أوائل شهر أكتوبر الماضي قد شهدت هبوطاً من مستوياتها العالية في أواخر شهر سبتمبر بنسبة 10% وكان مرد ذلك بروز الشكوك بعدم التقيد بالاتفاقيات وجني الأرباح من قبل بعض المضاربين بالاضافة إلى المخاوف من احتمال أن يؤدي الاجتماع المقترح عقده بنهاية نوفمبر بين بعض كبار المنتجين إلى رفع الانتاج فوق الحصص الحالية, وهنا يتضح أثر الاشاعات والمضاربات في السوق جلياً فقد أظهرت الأرقام بعد ذلك ان نسبة الالتزام باتفاقيات الخفض في شهر سبتمبر بلغت 91% وهبط مستوى الالتزام في شهر أكتوبر إلى 83%, وبذلك فقد هبط بترول سلة أوبك إلى 21,63 دولاراً للبرميل الواحد في المتوسط خلال شهر أكتوبر منخفضاً بمعدل 54 سنتاً عما كان عليه في شهر سبتمبر الا انه كان أعلى بمقدار 9,35 دولار للبرميل الواحد عن متوسط عام 1998م, ولكن سعر البترول ارتفع أكثر من ذلك في أواخر شهر أكتوبر وفي أول اسبوعين في شهر نوفمبر.
في 18 أكتوبر ومع ورود تقارير مواصلة خفض الانتاج وأخبار انخفاض المخزون العالمي فقد ارتفعت أسعار البترول إلى مستوى ما قبل تسعة سنوات ليصل مزيج برنت إلى 25 دولاراً للبرميل الواحد وبنهاية شهر يناير لعام 2000م كان هذا السعر صامداً باستثناء بعض الارتدادات القليلة المؤقتة,ويرجع السبب الرئيسي لذلك إلى أن منظمة أوبك أثبتت مرة ثانية قدرتها على التحكم بالسوق قياساً بالمستوى الحالي للطلب العالمي, فلقد فاجأ انضباط دول منظمة أوبك السوق، بالرغم من هبوط نسبة الالتزام باتفاقيات الخفض الى 83% في أكتوبر 1999م إلا انها ارتفعت مرة ثانية الى 89% في شهر نوفمبر وبقيت فوق مستوى 80% منذ ذلك الحين، ويرجع العديد من المعلقين ذلك الى التغير السياسي في فنزويلا وتصميم الحكومة السعودية ولقدرة جميع المنتجين الرئيسيين المملكة العربية السعودية، المكسيك، فنزويلا، ايران على التوصل إلى تفاهم مشترك حول السياسة البترولية.
فبالرغم من عدم وجود اتفاقية لما بعد شهر مارس 2000م إلا أن السوق انتعش بعد تصريحات العديد من وزراء البترول بوجود النية لتمديد اتفاقيات الخفض.
فقد ذكر وزراء البترول في كل من المكسيك خارج منظمة الأوبك والكويت وايران أن من المرجح أن يكون الوضع كذلك مستقبلاً، وكان وزراء البترول في كل من المكسيك وفنزويلا والمملكة العربية السعودية قد أكدوا في اجتماعهم بالرياض في شهر نوفمبر 1999م على انهم سيواصلون خفض الانتاج لغاية شهر مارس 2000م على الأقل, وقد ورد هذا الموقف في كافة البيانات الصادرة منذ ذلك التاريخ, وقد دفعت الاشاعات برغبة المملكة العربية السعودية فرض ضوابط انتاج أقوى بعد شهر مارس بعقود مزيج برنت الآجلة إلى مستوى أكثر من 28 دولاراً في 12 فبراير.
ونتيجة لذلك فقد نفدت أساسيات السوق, حيث هبط مخزون دول منظمة التعاون الاقتصادي بسرعة حيث تظهر التقديرات بأن مخزون البترول قد هبط إلى حد 2,5 مليون برميل يومياً في الربع الأخير من عام 1999م ومن الممكن أن يهبط بمقدار 2,7 مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2000م وهو ما يجعل المخزون لدى تلك الدول كافياً لمدة خمسين يوماً فقط وهو مستوى منخفض جداً، مما دفع بعض المعلقين إلى دق نواقيس الخطر، وتجدر الاشارة بأن مركز دراسات الطاقة العالمية يتوقع ارتفاع سعر مزيج برنت إلى حدود 27 دولاراً للبرميل الواحد ما لم ترفع دول منظمة أوبك انتاجها بمقدار مليوني برميل في عام 2000م اذ إن السوق حسب ادعائه لا يستطيع التعايش مع الخفض الحالي للانتاج لغاية شهر يوليو 2000م والى أن تأخذ دول منظمة الأوبك اجراء بشأن ذلك فانه يتوقع رد فعل شديد بالنسبة للطلب على البترول,ومن الآثار التي قد تترتب على الارتفاع الحاد لاسعار البترول ازدياد فاتورة واردات البترول بدرجة كبيرة بالنسبة للاقتصاديات الصناعية مما قد يؤدي إلى تقلص التجارة العالمية وهو ما يرتد على البلدان المصدرة للنفط, وقد حصل ذلك فعلاً في الفترة من 1974- 1980 إلا أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقدر بان ارتفاعاً في سعر البترول من 13 دولاراً إلى 25 دولاراً للبرميل الواحد سيزيد فاتورة الاستيراد في حدود 0,25 0,5% فقط من اجمالي الناتج المحلي في الاقتصاديات الصناعية, اضف إلى ذلك ان الدول المصدرة يحتمل ان تصرف جزءاً كبيراً من فائض ايرادات البترول خلال تلك المدة في الاستيراد من الدول الصناعية وبذلك تكون الآثار السيئة على التجارة العالمية مع ارتفاع أسعار البترول أقل حدة, ولكن إلى متى يمكن أن يستمر ازدهار سوق البترول؟ يقول معهد البترول لندن يناير 2000 بأن سعر مزيج برنت البالغ 25 دولاراً للبرميل الواحد غير قابل للاستثمار على المدى المتوسط مع رفع قيود الانتاج الحالية وحصول استثمارات جديدة في حقول البترول.
ولكن اذا ما نظرنا إلى أسواق العقود الآجلة فاننا نرى وجود توقعات واضحة باحتمال هبوط أسعار البترول، فمع أن الأسعار على المدى القريب تتراوح بين 26 27 دولاراً للبرميل الواحد إلا أن الأسعار في أسفل منحنى الأسواق الآجلة تتراوح بين 17- 18 دولاراً للبرميل الواحد لمزيج برنت,وعلى هذا الأساس يتوقع العديد من المحللين أن يبلغ متوسط سعر مزيج برنت حوالي 19 - 20 دولاراً للبرميل الواحد لعام 2000م الا ان حصول ذلك يعتمد بشكل كلي تقريبا على تصميم منظمة أوبك على ابقاء خفض الانتاج كما هو عليه، اذ ان ما تقرره منظمة الاوبك سيكون سعرا مستهدفا وملائما للبترول.
الميزانية المالية لعام 2000م
للسنة الثانية على التوالي تتطابق توقعاتنا بشكل كلي تقريبا مع الارقام الفعلية للميزانية وخطط الانفاق الحكومي وقد بلغت المصروفات الحكومية الفعلية 181 بليون ريال سعودي توقعاتنا كانت 180 بليون ريال سعودي بينما بلغت المصروفات المستهدفة للسنة المقبلة 185 بليون ريال سعودي توقعاتنا كانت 182 185 بليون ريال سعودي .
يعتبر مبلغ 185 بليون ريال والذي يمثل المصروفات الحكومية الموضوعة اعلى نسبة 1,12% من المصروفات الحكومية الموضوعة لعام 1999م, الا انه لا يزيد الا نسبة 2,2% عن المصروفات الحكومية الفعلية والبالغة 181 بليون ريال سعودي, وينظر الى هذا المستوى على انه منخفض مع الأخذ بعين الاعتبار الأسعار العالمية الحالية للبترول, ويتضح من ذلك بأن وزارة المالية والاقتصاد الوطني، كما هو الحال دائما، قد افترضت مستوى محافظا بالنسبة لسعر البترول في عام 2000م، مع الأخذ في الاعتبار بانها قد توقعت ان تصل الايرادات الحكومية الاجمالية الى 157 بليون ريال سعودي فقط في عام 2000م مما يترك عجزا قدره 28 بليون دولار امريكي,ويتضح من النظرة الاولى ان توقعاتنا للايرادات الحكومية كانت متفائلة بالنسبة لعامي 1999م و 2000م ولكن قد يكون هناك سبب لذلك فالحكومة تكون دائما متحفظة عند وضع توقعات الايرادات ولذلك فهي تضع تقديرات أقل، ثانيا يبدو ان الحكومة تستثني بعض الايرادات من تقديراتها على أساس ان تلك الايرادات تتحقق الآن للقطاع غير الحكومي, وبالرغم من عدم اعطاء أية تفاصيل فقد تنطبق هذه الحالة على ايرادات الاتصالات والتي قد تستحق لصالح شركة الاتصالات السعودية وهو ما يسهم في خفض الرسوم والاجور المقبوضة من قبل الحكومة بحوالي 10 بلايين ريال سعودي، ولو تم ادخالها في الايرادات الحكومية لغرض المقارنة فان اجمالي الايرادات تقترب من 160 بليون ريال سعودي لعام 1999 و 170 بليون ريال سعودي لعام 2000 وهذا الأخير مطابق لتوقعاتنا للايرادات لعام 2000.
وانطلاقا من هذا الأساس فاذا كانت الايرادات غير البترولية أقل من 50 بليون ريال سعودي لعام 2000م فعندها يجب ان تكون توقعات وزارة المالية والاقتصاد الوطني لايرادات البترول في حدود 105 - 110 بليون ريال سعودي, وكانت اتفاقيتا لاهاي والرياض قد أدتا الى خفض في الانتاج بحوالي 15 16% وهو ما سيؤثر على ايرادات الصادرات ولكن هناك مجال لبعض المقارنات, ففي عام 1995م مثلا بلغت ايرادات البترول 106 بليون ريال سعودي عندما بلغ متوسط سعر سلة اوبك 8,16 دولاراً للبرميل الواحد وفي عام 1997م بلغت الايرادات البترولية 160 بليون ريال سعودي في الوقت الذي كان فيه متوسط سعر سلة أوبك 6,18 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد, ومن الواضح ان سعر البترول المفترض في الميزانية منخفض جدا قياسا بأسعار البترول الحالية والتي ارتفعت في المتوسط عن 23 دولاراً للبرميل في الفترة ما بين سبتمبر 1999م وفبراير 2000م.
لم تقدم الميزانية أية مصادر دخل جديدة من اجل التنويع عن ايرادات البترول, وهذا لا يعني انه لن يكون هناك أية تغييرات في عام 2000م وما بعده كما كان هناك في عام 1999م أسعار الكهرباء والبنزين، الخ,, إلا انه لا يبدو ان هناك على العموم أية مصادر دخل رئيسية جديدة في توقعات ميزانية وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
لقد اعطت الميزانية أولوية لتحسين مخصصات الصرف في المجالات الأساسية كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية,وبالمقارنة مع الميزانية الموضوعة لعام 1999م فقد ارتفعت المصروفات بمقدار 20 بليون ريال سعودي مما يترك بعض المصروفات الاضافية للمشاريع الرأسمالية, وقد تضمن بيان الميزانية تخصيص 8 بلايين ريال سعودي اضافية للانفاق على البرامج والمشاريع الجديدة مع انه لم تتوفر أية تفاصيل عن تلك البرامج والمشاريع,بالمقارنة مع مخصصات السنة الماضية نجد ان هناك بعض الزيادات الهامة في بعض البنود, فقد حاز بند تطوير الموارد البشرية والذي بلغت مصروفاته التقديرية 4,49 بليون ريال سعودي على أكثر من 26% من اجمالي المصروفات الحكومية، أي بزيادة نسبتها 4,15% على مخصصات السنة الماضية, وقد خصص لقطاع النقل والمواصلات 403 ملايين ريال سعودي اضافية أي بزيادة نسبتها 7,7% عن مخصصات السنة الماضية, أما قطاعات الصحة والتنمية والخدمات البلدية فقد ارتفعت مصروفاتها المخصصة بنسبة 30% عن مخصصات عام 1999م.
حيث خصص لبند الصحة والتنمية الاجتماعية حوالي 20 بليون ريال سعودي أو نسبة 11% من اجمالي المصروفات بينما خصص للخدمات البلدية 1,7 بليون ريال سعودي مرتفعا من 4,5 بلايين ريال سعودي كما في عام 1999م.
هذا وقد تم هذا العام دمج بندي تطوير الموارد الاقتصادية وتطوير البنية التحتية في ميزانية هذا العام وخصص لهذا البند مصروفات قدرها 1,9 بلايين ريال سعودي مرتفعة من 1,6 بلايين ريال سعودي في عام 1999م,وقد هبطت الميزانية المدمجة للدفاع والأمن الوطني والادارة العامة والاعانات وصناديق التنمية الخاصة من 76,54% من اجمالي المصروفات الموضحة في عام 1999م الى 76,50% في ميزانية عام 2000م, وبالرغم من ذلك فقد بلغت مخصصات الانفاق الخاصة بها 9,93 بليون ريال سعودي مقارنة ب3,90 بليون ريال سعودي في السنة الماضية,أما الجهات الأخرى فقد حصلت بشكل عام على مخصصات صرف أفضل لعام 2000م, ويتضح ذلك على سبيل المثال من مخصصات المؤسسات العامة لتحلية المياه والتي ارتفعت بنسبة 9,53% لتصل الى 7,3 بلايين ريال سعودي, كما تلقت الهيئة الملكية للجبيل وينبع زيادة قدرها 9,30% لتصل مخصصاتها الى 7,1 بليون ريال سعودي، وبالمثل فقد ازدادت مخصصات معظم الجامعات بنسبة تصل الى 4,16% باستثناء جامعة الملك فهد والتي انخفضت مخصصاتها بشكل طفيف أما الجهات التي حصلت على مخصصات أقل فهي: المؤسسة العامة للموانىء، المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق وبترومين.
التضخم:
حذر المعلقون الحكوميون والاقتصاديون من آثار التضخم المحتمل حدوثه نتيجة لزيادة أسعار البنزين والكهرباء ورسوم الهاتف، ومعظمهم يرى انه سيكون هناك تأثير ولمرة واحدة فقط خلال عام 1999م وبداية عام 2000م.
الا ان أرقام تكلفة المعيشة تشير الى ان الحوافز التضخمية قد لا تكون مرتفعة كما هو متوقع اذ ان مؤشر تكلفة المعيشة لكافة المدن لم يكن أعلى بنهاية شهر اكتوبر عما كان عليه في شهر يناير 1999م 4,113 بالرغم من ان مؤشر تكاليف النقل والمواصلات ارتفع بالنسبة 5% في شهر مايو 1999م من 3,126 الى 132 , والسبب في ذلك هو انه كان هناك هبوط كبير في مؤشر جميع المواد الغذائية بين فترة شهر مارس وشهر اغسطس بنسبة 3% تقريبا, وكان هذا الهبوط مع الهبوط الهامشي الآخر في أسعار المفروشات المنزلية والعناية الصحية والاسكان وبعض البنود الأخرى كافيا لتثبيت مؤشر تكلفة المعيشة, وهذا لايعني بالطبع انه لن يكون هناك مضاعفات أخرى اذ ان زيادة تكاليف وحدة الانتاج سوف يكون لها اثرها على أسعار المفرق خلال الأشهر القادمة، الا ان الميزانية تتوقع انه والى ان تتوفر الأرقام الكاملة لعام 1999م فسوف يكون مؤشر تكلفة المعيشة قد هبط بنسبة 2,1%,وبالطبع فان أرقام نمو العرض المالي مطمئنة في هذا الخصوص اذ تدل أرقام شهر نوفمبر 1999م بان عرض النقود M3 نمت بنسبة 8,1% فقط زيادة عن السنة الماضية بينما نمت عرض النقود M2 بنسبة 3% تقريبا وعرض النقود M1 بنسبة 6,3% وهي زيادات متواضعة ومن المفروض ألا تزيد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد السعودي.
القطاع الخاص:
هنالك أسباب عديدة تجعلنا متفائلين فيما يخص القطاع الخاص في هذا الوقت, فمن المحتمل ان تتضمن خطة التنمية السابعة والتي ستنشر قريبا مبادرات جديدة تتعلق بدعم القطاع الخاص والمزيد من الخصخصة,
وتشير أرقام الميزانية الى ازدهار اقتصادي معقول يتجاوز فترة انخفاض اسعار البترول في عام 1998م وأوائل عام 1999م.
ومن المتوقع ان يحقق انتعاش أسعار البترول، جنبا الى جنب مع نمو القطاع الخاص، نموا في الناتج الاجمالي المحلي بواقع 4,8% طبقا للأسعار السارية في عام 1999م مقارنة بهبوط وقدره 8,10% في عام 1998م ويمكن مقارنته بالنمو القوي المسجل في عام 1997م 6,8% ومع ان الأرقام لم تنشر في بيان الميزانية الا ان النمو الفعلي سوف يتأثر بالهبوط في انتاج البترول في عام 1999م نتيجة لاتفاقية لاهاي حوالي 7% الا ان نمو القطاع غير البترولي كان قويا ولذلك يجب ان يكون النمو الفعلي العام ايجابيا، وربما يكون في حدود 1%.
|
|
|
|
|