| المجتمـع
* تحقيق: مروان قصاص
يقول بعض أهل العلم: إن الله عز وجل يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده وهذا تأكيد على أهمية مسؤولية الوالد عن اسرته وأبنائه لأن البيت هو البوتقة الأولى التي يتم فيها إعداد النشء وتأهيله للقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه في المستقبل كما ان البيت يعد الاجيال قبل دخولها في المجتمع الكبير، وللولد حقوق عديدة على والده منها ما هو قبل الزواج أي زواج الوالد ومنها ماهو بعده أما قبل الزواج فهي الاهتمام باختيار الزوجة المناسبة والصالحة حتى تكون والدة صالحة جديرة بأمومتها واختيار البيت المناسب والبيئة الاجتماعية التي تجعل منه فردا سوياً، وتربية الأبناء مرحلة هامة وأساسية في بناء المجتمعات ولهذا فهي مسؤولية كبيرة يتحملها أولياء الأمور وجهات عدة في المجتمع، ومن خلال رحلة مع بعض الشخصيات التربوية نحاول بحث آفاق هذه القضية وأبعادها.
يقول الاستاذ حسن بن مصطفى الجوادي احد كبار التربويين بمنطقة المدينة المنورة والذي يرأس حالياً فرع جمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة لا بد من تربية الأبناء وتعويدهم على النظام في الطعام والنوم بدون قسوة مع تهيئة المكان المناسب للعب والانتباه لسلامتهم وسلامة حواسهم وإبعادهم عن سماع الالفاظ البذيئة والابتعاد عن العقاب البدني إلا في اضيق الحدود منوها بأسلوب المكافأة والتشجيع في التربية ومطالبا بالثبات في معاملة الطفل من الوالدين لأن عدم الثبات خطير جدا على النمو الخلقي للطفل وقال ان على الوالدين تعويد الأبناء على رؤية الغرباء بالتدريج ودفعهم للحديث معهم ومجالستهم مشيراً الى ان هذه الأشياء هامة في التربية المنزلية التي تبني شخصية الطفل، وأكد الجوادي على أهمية العناية المكثفة بالتربية الروحية مثل أمر الصغار وتعويدهم على الصلاة والصوم وكافة العبادات وتعويد البنات على الحجاب.
وأضاف الجوادي قائلاً ان اهتمام الوالدين بتلبية احتياجات الأبناء ضرورة ملحة ومن هذه الاحتياجات الحاجة إلى المعرفة، إشباع رغبة حب الاستطلاع، هواية القراءة، اشباع الحاجة للعمل، إشباع تأكيد الذات، الحاجة الى الرفاق ومتابعة نوعيتهم.
مرحلة المراهقة:
وهذه المرحلة الهامة تعتبر نقطة تحول بارزة في حياة الإنسان وهي البداية الهامة في تكوين الشخصية السوية ولهذا فإن هذه المرحلة تحتاج منا جميعا لتكثيف المتابعة والمراقبة غير المباشرة، هذا مايؤكده مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة المدينة المنورة الدكتور نزار غلام الذي قال ان ملاحظة الابناء خلال هذه الفترة مسؤولية الوالدين والمدرسة والمجتمع مستشهدا بدراسة موثقة حول المخدرات والشباب تشير الى ان 42% من العينة التي خضعت للدراسة تعاطوا المخدرات لأول مرة عندما كانت اعمارهم 16 - 20 عاما، وقد ارجع عدد من الاخصائيين أسباب تعاطي المخدرات الى ضعف الوازع الديني ونصح هؤلاء بضرورة تنمية الوازع الديني، ويقول الدكتور غلام ان فترة المراهقة من الفترات الحرجة في شخصية الانسان والتي تستحق أكثر من وقفة، ويجب على أولياء الأمور خلال هذه الفترة ان يكونوا حذرين في التعامل مع الابناء ومتابعتهم ومراقبة رفاقهم مشيراً الى ان الدراسة السابق الإشارة اليها قد ذكرت ان 35% من افراد العينة الذين وقعوا ضحية في هوة المخدرات راجع الى مجاملة اصدقاء السوء، وحذر من إغراق الأبناء في هذه السن بالمال بداعي عدم حاجتهم للغير وقال مستندا الى نفس الدراسة ان 37% من العينة كانوا من الشباب الذين يغدق عليهم الآباء بالمال مما دفع بهم الى المخدرات.
ويرى مدير عام التعليم بمنطقة المدينة المنورة الاستاذ بهجت بن محمود جنيد ان التربية جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية مشيراً الى اهمية دور المدرسة وقال ان معالي وزير المعارف يتابع الموضوعات المتعلقة بالتربية من خلال الاهتمام بمدرسي المرحلة الابتدائية التي تعتبر المحطة الأولى بعد خروج الطفل من بيته وقال: إن إدارة التعليم تهتم كثيراً بتطوير هذه المرحلة وكافة المراحل وتركز على اتباع أفضل الأساليب التربوية في التعامل مع الطلاب ويبذل المشرفون التربويون جهوداً كبيرة لمتابعة اوضاع وسلوكيات الطلاب خلال اليوم الدراسي للحد من أسباب الانحرافات والسلوكيات الخاطئة، وطالب جنيد بتعاون أكبر بين البيت والمدرسة لتحمل المسؤولية المشتركة بين الطرفين.
وركز الاستاذ يوسف بن علي الفقي مساعد مدير عام التعليم على أهمية الاهتمام بثقافة الطفل مشيراً الى انها احد الاساليب الهامة في التربية مشيراً الى ان ثقافة الطفل مسؤولية يتحمل تبعاتها البيت والمدرسة ووسائل الإعلام عبر قنواته المتعددة وطالب أولياء الأمور بالتركيز على تثقيف الطفل بمناهج وأساليب تواكب ثقافتنا وقال ان وزارة المعارف تولي هذا الموضوع اهتماما خاصاً من خلال الندوات والإذاعة المدرسية والانشطة الثقافية والمسابقات وغيرها، ودعا الفقي الى ضرورة الاهتمام بالبرامج التلفزيونية والإذاعية الموجهة للطفل واستثمارها بالشكل المناسب لبناء شخصية الطفل وتعزيز ثقافته العامة وانتقد أساليب البرامج المخصصة للأطفال في العديد من وسائل الإعلام العربية والتي تحاكي الأسلوب الغربي وتتجاهل ثقافتنا الغنية بمورثات عظيمة نحتاجها في تربية الأبناء ودعا الى ان يتولى مسؤولية هذه البرامج اخصائيون في هذا المجال يستندون الى خلفية ثقافية عربية عميقة.
ويقول الاستاذ بدر الفهيدي مدير ثانوية الملك فهد بالمدينة المنورة ان تربية الأبناء تمر بمراحل عدة وتتولى متابعتها العديد من الجهات لبناء جيل قادر على تحمل مسؤولياته وإكمال مسيرة البناء في صرح الوطن وهذه العملية تحتاج الى محاور عدة منها الترفيه واللعب وهو ما تحرص عليه حكومتنا في العديد من الحدائق العامة ومن خلال تشجيع اقامة المشروعات الترفيهية ومدن الالعاب في مختلف مناطق المملكة، وطالب الفهيدي بضرورة الاهتمام بهذا الجانب ومشاركة أولياء الامور في اللعب مع الابناء مما يعمق توجهات الشباب في ممارسة الالعاب المناسبة، وتطرق الى دور المسرح في التربية وخاصة مسرح الطفل الذي يساهم في ايصال المعلومات بأسلوب مبسط ومحبب لدى الصغار داعيا الى المزيد من الاهتمام بمسرح الطفل ومنوها برعاية الجمعية السعودية للثقافة والفنون بمسرح الطفل عبر اعمال قليلة إلا انها جيدة وتحتاج لتفعيل أكبر.
|
|
|
|
|