| مقـالات
ينال الطفل السعودي عظيم العناية والاهتمام خاصة إذا كان متحدراً من أسرة طيبة المعشر متماسكة أواصرها متميزة باستقرارها ولاشيء ينغص حياتها هذه هي الأسرة السعودية في عمومها وتنصب رعاية الأسرة لأبنائها في الغالب على الجوانب الغذائية والصحية والبدنية والعقلية، ولكن قليلاً ما تلجأ الأسرة لتعرف النواحي الوجدانية والنفسية للطفل، دون مراعاة أساس السلامة والعافية العقلية والبدنية وأساس العلاقات السليمة والمسلكيات السوية والمعاملات الحسنة, ولاتلتفت الأسرة لهذا الجانب من جوانب حياة الطفل الا اذا خرج عن خط السواء وتصرف تصرفات تزعج الأسرة والأهل جميعا، حينئذ إما أن تسلم بما آل اليه الطفل وتلجأ به الى العيادات النفسية طلبا للعون في تعديل السلوك، أو تلجأ به الى دار التوجيه الاجتماعي إن أعيتها الحيل، ولم يخطر ببالها أنه ثمة أخصائي ومرشد نفسي ممكن ان يقدم لها التوجيه اللازم؛ وإذ لم يكن هذا ولا ذاك فهي تلجأ لاستخدام الشدة في المعاملة والعنف في التجاوب معه من أجل السيطرة عليه وعلى مسلكياته؛ الا أن هذا التصرف الأخير من قِبل الأسرة قد يجعل مسلكيات الطفل اللا سوية تتفاقم وقد يصل به الأمر الى مزيد من الاضطرابات السلوكية التي يتأثر من جرائها كافة المحيطين به في البيئة الاجتماعية، ومن هذه المسلكيات المشاجرات والضرب واستخدام العنف والسرقة والهروب من المدرسة وغيرها من مسلكيات غير متوافقة وجميعها وأياً كانت فهي مردود لمعاناة الطفل لمدة طويلة لم تهتم به الأسرة ونتيجة لإحاطتها لبعض من المشكلات ذات الأثر في كيانه ولم يعرها أحد أدنى اهتمام ، بل ربما أيضا لم يلحظها أحد لانشغال الأسرة عنه.
ومن خلال الخبرة الطويلة في مجال الاحداث تبين لنا أن العوامل المسببه للاضطراب النفسي لدى الأطفال والتي ان تفاقمت تحيل هؤلاء الاطفال الى مرضى ومصدراً للإزعاج الذي ينعكس على الذات وعلى الآخرين من المحيطين,, ولعلنا نعدد بعضا من هذه العوامل وهي على سبيل المثال، ومؤشرات توجب على الأسرة اللجوء للمرشد والأخصائي النفسي عساها تستطيع أن تجنب الطفل نتائجها وأن تصحح من وضعيتها, ومن هذه العوامل نذكر : الخلافات العائلية التي تحدث في وجود الطفل وأمام ناظريه وقد تتمثل هذه الخلافات في تصرفات عنيفة من قبل الأب كضرب الأم أو اللجوء لاستخدام العنف والشدة معها او تصرفات غير لائقة كالإهانة والتوبيخ والسب واللعن مما يثير حافظة الطفل على طرف دون آخر ومما يظهر تعاطفه مع أحد الطرفين وتحامله على الآخر,, هذا التصرف من قِبل الطفل يؤدي بالحتم الى شعوره بالحنق والغضب والثورة الداخلية التي تبعث على الخلل النفسي, ومن العوامل المسببة والمقيتة أيضا: فقدان احترام الطفل لأحد الوالدين نتيجة الإمعان في توجيه اللوم والانتقاد المستمر والدائم على كل تصرف يأتيه مما يضاعف من حدة لوم الذات والشعور بالذات السالبة، مما يجعله ينساق لتصرفات غيرمحسوبة, ومن العوامل ايضا المثيرة في نفس الطفل الصراع المحتدم بين الوالدين رغبة في إمعان السيطرة على الطفل وملاحقته بالأوامر الحادة والمتلاحقة مما يضطر الطفل لمناهضة هذه الأوامر والوقوف ضدها بل ورفضها أيضا, يضاف الى تلك العوامل إهمال الطفل وتركه لفترات طويلة للخادمات أو المربيات أو لدى الجيران او أحد الأقارب مما يشعر الطفل بالغربة واللا انتماء, وكذلك تخويف الطفل من أشياء وهمية لاتنتمي للحقيقة ومما يجعله مرتعداً دائما وهيّاباً من كافة المواقف ومتوقعاً لحدوث اشياء ليست في الحسبان ولم تنتم للواقع, ومن العوامل أيضا نشوب اختلافات بين الطفل وإخوته يعلق عليها الوالدان فيفضلونه على الآخرين لما يتميز به عنهم وتفوقه عليهم مما يولد لديه الغرور والتباهي والعلو والزهو بالنفس،ومما يولد حنق الآخرين عليه مما يبعث على الصراعات المقيتة والدؤوبة, وكذلك شعور الطفل ببخل الوالدين عليه ووقوفهم حائلا دون إشباع حاجياته على الرغم من كثرة الموارد المالية وتوافرها مما يشعر الطفل بالحقد على والديه وكره تصرفاتهم وبغضهم لأنهم لم يشبعوا حاجته ولم يراعوا مطالبه.
هذا قليل من كثير وحسب ماتسمح به مساحة المقال وغاية الأمر أن مراجعة العوامل المهيئة والمسببة للانحراف السلوكي للأبناء ومحاولة النأي عنها او تجنبها أمر مرغوب فيه لاستقامة الطريقة ولحسن التصرف وصحة الأبناء.
|
|
|
|
|