| عزيزتـي الجزيرة
يدور على صفحات هذه الصفحة نقاش حول عمل المرأة وكفاءتها في تولي القيادات العليا في التعليم النسائي، وحول زيادة الفرص الوظيفية للمرأة في الأجهزة الحكومية والأهلية باستحداث اقسام نسائية في كل الوزارات والاجهزة وجهات الخدمة العامة بعد ان ساد فترة موضوع محسوم قبلا وهو هل تعمل المرأة خارج البيت وتساهم في عملية البناء؟ أم نكتفي بأن تكون ربة بيت وهنا فلو لم يحسم الامر بأهمية ان تعمل المرأة فإن الاجيال الاخرى لن تجد من يعلمها مادمنا جميعا ربات بيوت,, نعود الى الصغر او الى الكتاتيب المنزلية وهو المستحيل لذا فإني سأتجاوز موضوع عمل المرأة وتعليمها الذي ارتقى عند الفكر العام والخاص لما هو اجدى منه وهما الموضوعان الاوليان والذي كان التأكيد على تحول الرأي اليهما بعد ان تناولهما صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية من خلال اجاباته على اسئلة منسوبات الرئاسة والكليات في الحوار الابوي الخاص مؤخرا واستأثر بالخير.
وعلى الرغم من اختلاف الاتجاهات حول هذين الموضوعين بين مؤيد ومعارض، وتباين وسائل النقاش التي تطرق بها الكتاب والكاتبات، الا ان الهدف الاسمى يظل هو اختيار الامثل من هذه الآراء دون التشدد لرأي مهما كان الحجم الأدبي لكاتبه، او الحجم السياسي لمؤيده والداعي اليه.
وليس لكوني انثى تحتل موقعا متواضعا في خريطة الوظيفة التربوية يعني أني اسلم جدلا بضرورة تأييد الرأي الاول وهو تأنيث القيادات العليا ولاسيما في التعليم او استحداث وزارة خاصة بشئون المرأة، فالذين طالبوا بتأنيث مطلق لكافة القيادات ابتداء من مدير عام الى وزير دولة، فهم قد تغاضوا على رأي الاستاذ الفاضل عبدالرحمن السماري في زاويته اليومية عن طبيعة الانثى البيولوجية واحتياجها الى اجازات لايمر عليها الرجل اطلاقا مثل اجازة الحداد والامومة وتوابعها.
والذين نادوا بأن المرأة لا تصلح مطلقا للقيادات العليا كما في رأي الاستاذ السماري نفسه وفي ذات المقالة بحجج بعضها تقبل لمنطقيتها والأخرى مع احترامي الشديد قابلة للنقاش ونطلب منه تدعيم القول بالبرهان، فهؤلاء تغاضوا او تناسوا ان المرأة قد اثبتت جدارتها وتفوقها في قيادة الكثير من الاجهزة الحيوية مثل الجامعات وادارات الاشراف التربوية التعليمية وما يتبعها، والاقسام النسائية في بعض الوزارات والقطاعات الخاصة، كما وتفوقت في المجال العملي والعلمي عالميا وها هي الاسماء تتوالى بأوليات قد يعجز عنها الرجال ، وليس شرطا ان تجيد فن تصليح المايكرفون حتى نحكم بجدارتها في الادارة بدليل ان قد يقصر الرجل في مثل هذه المواقف، ولا يعاب على مدير ادارة ورجاله ألا يفقهوا في امر تصليح المايكرفون وان كنت ممن يدعون الى تأنيث القيادات العليا، فإني لا ادعو الى ان تكون وزيرة التعليم او تكون مديرة تعليم منطقة ولكني انادي بأن توكل اليها ادارة بعض الادارات التي تتصل مباشرة بشئونها مثل شؤون المعلمات، التطوير، شئون الطالبات، الابحاث التربوية ,, وما شابه مما يسهل تعامل ذوات الشأن من الموظفات والمراجعات مع بنات جنسهن,, ويساهم في تلاشي ازدواجية العمل التي تنتج من وجود ادارة رجالية وشعبة نسائية، وليس هناك في ظني من عائق لأن تتولى المرأة هذه القيادات مادام لدينا الكثيرات ممن هن كفؤ في درجات تعليمهن وفي القدرات الفكرية والادارية الابداعية.
ولو اتيح للمرأة المجال لتفعيل دورها والكشف عن طاقاتها وابداعاتها لتأكد لنا أن المرأة طوال هذه السنين ظلت طاقة كامنة غير مقدرة، ولتأكدت لنا امكانياتها الابداعية فهي صنو الرجل في الذكاء والقدرة والحماس تجاه المساهمة الجادة في بناء المجتمع وهذه مقومات كافية لادارة ناجحة.
أما الموضوع الآخر وهو فتح المجال الوظيفي للمرأة في الوزارات الحكومية والخدمات الاهلية فيدفعنا لهذا القول تلك الاستراتيجيات المتجددة لمواقع المرأة في هذه المرحلة الحضارية المتألقة التي تعيشها المملكة، فهي بعد ان حظيت بالتأهيل على مستوى عال من التخصص واثبتت نجاحها في كل التخصصات التي توالى فتح آفاقها لها وقدرتها على ممارسة مهام اكثر جديدة ومسئوليات أعلى حري بنا ان ننادي الآن بالدراسة الجادة لفتح مجالات عمل جديدة بما لايتعارض مع الشريعة الاسلامية التي تحفظ للمرأة مكانتها ووقارها وتمنحها في ذات الوقت حقها في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الاجتماعي والاقتصادي,, حان الوقت لفتح الحوار الجاد على مستوى المسئولين الذين أوكل اليهم الامر لسياستهم وحكمتهم وعملهم وتجاربهم ان يتولوا ضمن المواضيع التنموية بحث امكانية توسيع القاعدة الوظيفية للمرأة، بحيث تفتح اقسام نسائية في جميع الجهات الحكومية والاهلية ولاسيما التي تتعلق بخدمة المواطن كمصلحة معاشات التقاعد والجوازات والهاتف والكهرباء وماشابه حتى تتولى المرأة خدمة مواطنتها في هذه القطاعات التي نضطر المرأة ان تتولى مراجعتها بنفسها ولا تجد من يتولى عنها ذلك.
اما المطالبة بالعمل في الجهات الحكومية التي لابد وان تساهم المرأة من خلاله بفكرها وعلمها ، فنحن لانطالب بذلك لمجرد منح فرص وظيفية تسد حاجة المرأة الاقتصادية بقدر ما نطالب بذلك لتكون الشطر الفاعل في بناء كيان هذا البلد وتكون الاضاءة الصادقة في السلك الحضاري لها، نحن نطالب بعمل يتعدى مجرد تنفيذ القرارات الى المساهمة الفعلية مع الرجل في التخطيط واتخاذ القرار والتقييم والتقويم ومرة أخرى بما لا يتعارض مع تعاليم الاسلام، والا فهي ستفقد الكثير من حماسها الابداعي,, ستفقد الرغبة في التطور والتقدم، وسنفقد بالتالي شطرا مهماً من هذه الأمة.
وبالنظر الى استراتيجيات بعض الجامعات لدينا ومراكز التعليم المتخصصة تجد ان خطة التعليم لديها يوجب مساهمة المرأة الفعالة في التخطيط والدراسة والتنفيذ ويعدها لذلك، لكنها تصطدم بالقرارات التي تضع المرأة مجرد آلة للتنفيذ فقط, لهذا ونحن نطالب بفتح هذه الاقسام في جهات العمل نطالب ايضا بفتح المجال لها بالمساهمة الفعالة ومراعاة ذلك عن اعداد الكوادر الوظيفية لها وبكافة التخصصات التي لا تتعارض مع طبيعتها الانثوية وما تبيحه الشريعة الاسلامية.
ولعل تجربة خوض المرأة غمار العمل الاقتصادي مؤخرا ومؤشرات النجاح التي يتوالى ارتفاعها مما زاد في دعم الاقتصاد الوطني هي من مؤشرات نجاح المرأة في مجال العمل الذي كان يظن انه مجال عمل رجولي فقط، وعلى هذا سنعيش.
وان ما يثلج الصدر قناعة اولي الامر بضرورة مشاركة المرأة في هذا البناء، فحكومتنا الرشيدة تضع المرأة محورا وأملا في كافة خطط التنمية، ويعد المسئولون دائما بذلك، ولاننسى الحديث الأبوي لصاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الامين الذي اكد فيه بعدم تهميش دور المرأة في المجتمع ووعده بأن يفتح المجال رحبا امام المشاركة الفعالة في بناء كيان هذه الأمة وعدم حصر مجالات العمل دونها طالما ان ذلك يتفق مع ما يبيحه الاسلام، وكذلك الحوار الابوي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية مع منسوبات الرئاسة والكليات.
فهنيئا لنا هذه القيادة الحكيمة والله ولي التوفيق.
جميلة ياسين فطاني كاتبة قصصية
|
|
|
|
|