| مقـالات
تختلف المجتمعات باختلاف ثقافاتها، ونعني بالاختلاف هنا: طرائق تفكير الافراد وسلوكياتهم والتي يحددها ما اتفقوا عليه، سلفا، من تعريفات للقيم والعادات، والتقاليد ومعايير ما يصح وما لا يصح فعله اجتماعيا,, وما الى ذلك, ورغم ما اثير في الماضي ولايزال يثار من فرضيات تبحث في كنه وجود (قيم عالمية مشتركة Universal Values) بين افراد هذا الكون وهي فرضيات بالمناسبة انبثقت منها فكرة العولمة فإن الواقع المعاش يقول في الحقيقة عكس ذلك، بمعنى آخر: كلما تفاءل الانسان بوجود قواسم مشتركة مع بني جنسه الانسان، اصطدم بواقع الاختلافات الثقافية الجذرية التي من دلائل وجودها ما نشهده من حروب، ومجاعات، وكوارث، ومؤامرات يعج بها هذا الكوكب، مما يعني، بالطبع، فشل ما شاع من نظريات مثالية ومجردة سعت جاهدة الى تسهيل عملية فهم (الآخر للآخر) ثقافيا, ويكفينا دليلا على هذا الفشل مصطلح ما يعرف ب(النسبية الثقافية) والذي (يحث ويحث) نظريا على وجوب مراعاة الحقيقة القائلة بأن لكل ثقافة خصوصيتها والتي لا يجوز الحكم عليها الا من خلال معايير تلك الثقافة وقرائنها وحيثياتها,, ومع ذلك فالواقع اثبت عكس ذلك، وكما هو جلي بمواقف الغربيين تجاه العرب وما يروجون عنهم من صور نمطية ظالمة في وسائل إعلامهم، ومناهجهم الدراسية، ووسائلهم الترفيهية من افلام وخلافها,.
هنا اصل الى مربط الفرس، او ما سوف تدور حوله تلك المقالة، لذا فعليك التعامل مع ما سبق قوله على غرار (أول فوح انثره!) ,, وعليه اقول ان اختلاف الثقافات وتباينها على مر العصور والدهور لا ينفي حقيقة تشابهها سلبا في مجال واحد: الا وهو ذلكم المتمثل في وجود (قيم) اجتماعية راسخة في كل المجتمعات رغم أنف حقيقة كونها قيما ضيقة وليس لها من أساس يبرر وجودها، ناهيك عن التقيد بها, إنها قيم اجتماعية (سرية/ مستترة) وفاعلة على الرغم من عدم الاعتراف بوجودها وذلك لكونها تعمل من (الباطن!) تلك القيم، في الحقيقة، هي المعيار، والمحك، والوسيلة للحكم على الأشياء والتحكم بها واحتكارها واستغلالها,, بل إنها تعتبر من الاسباب الجوهرية لكل ما يدور على كوكبنا هذا من الامور السلبية,, ما هي تلك القيم الاجتماعية السحرية/ العجيبة؟!,, إنها، في الحقيقة، قيم لا يؤبه بها، سخيفة، ضئيلة (رغم جبروتها) وتعرف علميا بالقيم الاجتماعية السرية أو الخفية او التحتية Subterranean values، وتشير الى مجموعة الأعراف الاجتماعية غير المحسوسة بل وغير المعترف بوجودها على الرغم مما لها من سطوة ونفوذ وتحكم بسلوكيات افراد المجتمع، ويدخل ضمن هذا النطاق العديد من العادات الاجتماعية التي تتبلور بفعل الزمن فتصبح قيما ذات قدسية تحكم طرائق تفكير وسلوكيات الافراد, على سبيل المثال، خذ ما يجري في الغرب من (ادعاء) مساواة وعدالة ومع ذلك لاحظ سلبيات (القيم العنصرية المتأصلة) في عقول الغربيين والتي من ضمنها ما يتمثل بتدني مستويات تعليم ومهن ودخول الاقليات غير البيضاء؟,, بل خذ الدستور الفرنسي أو الامريكي مثلا وحينها سوف تجد انه على الرغم من انهما لا يشترطان لمنصب رئاسة البلد شخصا أو جنسا أو دينا بعينه ومع ذلك فإنه من المستحيل كما هو ثابت تاريخيا حتى يومنا هذا ان يتولى رئاسة فرنسا فرد لا يدين بالكاثوليكية الفرانكفونية,, بل ان الشخص الوحيد الذي تولى رئاسة امريكا منذ تأسيسها وبديانة غير ديانة (البروتستانت الانجلوساكسونية) كان الكاثوليكي جون كنيدي، الذي انتهى به المطاف مقتولا! (وبالمناسبة،هذا المثال الاخير لن تتضح أبعاده سوى لمن يعرف خبايا الصراع التاريخي بين الطائفتين المسيحيتين/ البروتستانتية الفاعلة WASP والكاثوليكية قليلة العدد والعدة في المجتمع الامريكي).
,, حقا صدق من قال:تحت السواهي دواهي !
للتواصل: ص,ب: 4206 رمز 11491 الرياض
|
|
|
|
|