| العالم اليوم
يوم قلنا إن لقاء الرئيس حافظ الأسد والرئيس الأمريكي بيل كلينتون في جنيف,, سيكون اللقاء الحاسم في مسيرة السلام في المنطقة العربية، وإن نجاح قمة جنيف سيفتح آفاق السلام ويدفعها إلى أرحب طرقها، وإن فشلها سيلغي إمكانية إتمام عملية السلام والتي سيكتب عليها الانتظار لأعوام أخرى,, أعتبر ذلك الكلام ضرباً من ضروب التشاؤم، إلا ان الأيام أثبتت صحة ما ذكرناه وهو ما أيّده الكاتب البريطاني باتريك سيل، كاتب سيرة الرئيس حافظ الأسد، والذي يؤكد في آخر كتاباته بأن الاسرائيليين أضاعوا فرصة العمر بعدم الاستجابة لطلبات الرئيس السوري بالعودة الى حدود الرابع من حزيران من عام 1967م، وأقنعوا الرئيس الامريكي كلينتون بدلاً من ذلك ان يحاول إقناع الرئيس حافظ الأسد في اجتماع جنيف ان يتنازل لهم عن حصة سوريا في بحيرة طبرية, ويرى باتريك سيل أن الاسرائيليين لم يفهموا ولم يعرفوا بعد فكر وعمل وأسلوب الرئيس السوري ولا الشعب السوري, فالقرار في سوريا في عهد الرئيس حافظ الأسد بل وحتى في عهود سورية سابقة حتى العهد الجمهوري لا يؤخذ اعتباطاً ولا عاطفياً، بل يخضع لحسابات دقيقة من أهمها التشبث بالأرض وعدم التفريط بالوطن الذي وإن استُلب بعض منه إلا انه يظل في ذاكرة تتناقله الأجيال تورثه لبعضها البعض, ولهذا فإن الرئيس كلينتون وسواء نقل طلب الاسرائيليين للرئيس الأسد التنازل عن سواحل بحيرة طبرية عن حسن نية وعدم فهم للبعد الوطني والالتزام القومي لدى السوريين، أو تفهُّم امريكي لرغبة الاسرائيليين وتجاهل للحقوق السورية، فإنه - أي الرئيس الأمريكي - ساهم في إيقاع الاسرائيليين في الخطأ بعد انتهازهم توجُّه ورغبة السوريين في تحقيق السلام وإنهاء الحروب، لأن تلك الفرصة لن تعود تقريباً خصوصا وان التوجهات في سوريا الآن التفرغ لمعالجة الأوضاع الداخلية التي تُركت لأجهزة لم تكن في مستوى المسئولية والأمانة التي كان يأمل منها، ولذا كثرت المشاكل الاقتصادية واستشرى الفساد الاداري والمالي بعد انشغال وانهماك القيادة العليا في معالجة قضايا السلام مع اسرائيل.
الآن والذي يفهم سوريا جيدا يرى ان التوجه منصبٌّ لمعالجة صور القصور المالي والتسيب الاداري واجتثاث بؤر الفساد وترك محاولات الجري وراء أحلام السراب خلف وعود السلام الذي يريدونه أن يكون استسلاما لا وجود له في القاموس السوري.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|