| مقـالات
كنت وإلى وقت قريب ومعي الكثير من أمثالي نردد في كل مناسبة مقولة المناهج الصعبة في مراحلنا الدراسية وأهمية تطويرها وتهذيبها وغربلتها لتتناسب مع مدارك الطلاب,, وفي لحظة تأمل ومقارنة وخبرة لمست وأدركت أن المناهج والمقررات لم تكن من الصعوبة إلى درجة عدم فهمها واستيعابها كما يتصور البعض وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن نسبة النجاح والتفوق لدى الطالبات وخاصة في المرحلة الثانوية تفوق مستوى الطلاب إلى درجة أن مستوى الصعوبة والفهم لدى الطالبات تكاد تكون شبه معدومة وذلك لسبب حرص الطالبات على المتابعة والتحصيل الجاد طيلة العام الدراسي.
ثانياً: في المرحلة الثانوية على الأقل بالنسبة للطلاب نلاحظ أن نسبة المتفوقين في الحصول على الدرجات القصوى هم من أبناء المقيمين نظراً لتفرغ أبنائهم التام للدراسة وحرصهم الجاد في الحصول على مستويات رفيعة وعلى أمل إكمال دراساتهم العليا في التخصصات النادرة والمرغوبة كالطب والهندسة والحاسب الآلي وأمثالها,, وبعد ذلك كله نستطيع أن نقول وبصريح العبارة أن وزارة المعارف على سبيل المثال وهذا ليس دفاعاً عنها ليست مسؤولة عن مستوى ونتيجة شباب مدلل مرفه يقضي أغلب أوقاته خارج المنزل والمدرسة يجوب الشوارع والميادين والبراري على أفخر وأحدث وأسرع موديلات السيارات المتنوعة وبين أشواط السباق والتسكع يتبطح عند القنوات الفضائية المختلفة المشارب والألوان يمر على كل قناة ويوزع وقته بينها فيأخذ ما يروق له ويضيع وقته,, ناهيك عن متابعة المباريات الكروية الداخلية والخارجية وبعد ذلك يمر على الصفحات الرياضية ويتابع التحاليل والتفاصيل والمناوشات الكتابية الحادة التي تذكي التعصب الكروي في دماء المنتسبين للأندية والمشجعين لها وما أكثرهم,, أما أوقات وجبات الطعام التي يجب أن يقضيها مع الأهل فغالباً ما يقضيها وخاصة وجبة العشاء على طاولات وكراسي مطاعم الوجبات السريعة وبالكاد يجد فرصة ضئيلة للنوم,, ومن هنا فأين للمقررات المدرسية المسكينة المغلوب على وقتها والمفترى عليها فرصة لمذاكرتها أو حل واجباتها أو حتى مصافحتها,, وإذا استمر الوضع على هذه الوتيرة وجعلنا من المقررات مشجباً نعلق عليها فشل وتقصير وضعف مستوى طلبتنا فلا ندري غداً بماذا نطالب,, بالتأكيد سنطالب بوضع إجابات جاهزة ومحددة للمقررات لأن المدارس طيلة العام الدراسي لن تدرك غاياتها في الإعداد والتوجيه ما دام معظم الطلاب من بني جلدتنا خاصة يديرون ظهورهم للواجبات والمذاكرة ويعتمدون في النهاية على الملخصات المبتورة والمدرس الخصوصي الذي ينتظر هذه الأوقات العصيبة بفارغ الصبر,, وما ذكرته سلفاً لا يعني بأي حال من الأحوال أن منهجنا ومقرراتنا قد بلغت الكمال أو أنها خالية من بعض الحشو والإطالة ولكن ذلك لم يكن عائقاً بهذه النسبة التي يتخيلها البعض ويبررون بها انتقاداتهم,, ولتقويم مثل هذه الأمور ولأهمية المناهج والحرص على تطويرها فإن الوزارة لم تكتف بوجود قسم أو إدارة للمناهج فقط بل هيأت لها وكالة وزارة مختصة متفرعة بكافة الفروع والتخصصات وفتحت صدرها وأبوابها لكل رأي حصيف منصف يصب في تطوير المناهج وتهذيب المقررات نحو الهدف المنشود,, وإذا كان لي شخصياً من ملاحظة هامة وجوهرية من وجهة نظري في ختام هذا الموضوع فهو أن تقوم الوزارة غير ملتفتة للتحفظات النشاز من البعض وذلك بتخفيف المواد الأدبية عن الأقسام العلمية بالمرحلة الثانوية لأن أعباء مقررات القسم العلمي ليست من السهولة بأن تضاف إليها مقررات القسم الأدبي بهذه الكثافة علماً بأن طلبة القسم الأدبي بالمرحلة الثانوية لا تضاف إليها أي مادة من القسم العلمي,,هذا وللحديث إضافات وهوامش سنتطرق إليها فيما بعد,, والله ولي التوفيق.
|
|
|
|
|