عامُّ مضى في لهيب الحزن والأسف
وما ارعوى مدنفٌ عن دمعه الذَّرِف
عام وأحرفنا تبكي مضمِّخَها
بعلمه العذب من باء إلى ألف
عام مضى كل ما في الأرض يذكِرُنا
عهوده بل ويذكي مُضرَم اللَّهَف
عام مضى أقبل الحجاج وانصرفوا
وعالم العصر لم يأتِ ولم يطِف
تمر أيامنا والحزن ما خمدت
نيرانه من فؤاد الواله الكلف
أين المعين الذي يروي ضمائرنا
وأين شهد الرضى والعلم والطُّرف
أين الذي تشرق الدنيا بطلعته
وعاش أهل السجايا منه في كنف
أين المهابة والإجلال أين غدا
محيي أفانين زهر المنهج السلفي
أبيت أرعى نجوم الليل من أرقي
كأن ثهلان من همي على كتفي
تبكي قلوب التقى عنوان بهجتها
وفارس العلم والبحاثة الثقِفِ
فقه ابن حنبل، إبداع ابن تيمية
والجود يزري بجود من أبي دُلف
أغر يجلو بنور من تألقه
وصدقه في النوايا حالك السُّدف
يفوز بالسعد منه كل مقترب
علم وحلم وبحر غير منتزَف
لا فرق في حسن لفظ أو معاملة
لذي جلال ومال أو لذي خصف
تفجرت منه أنهار العلوم وما
يزال سلسالها رياً لمغترف
لطف وصدق وإخلاص ومرتبة
في الفضل والعدل مأمون من الجَنَفِ
وبين جنبيه من حسن النهى فِكَرٌ
حسناء كاللؤلؤ المكنون في الصدف
تهتز من لفظه المعسول أنفسُنا
فيضاً من العلم سلسالا لمرتشف
لم يرض بالعيش في ظل القصور وفي
بحبوحة المال بل في الزهد والشظف
وللمساجد جُلُّ الوقت يبذله
ما بين علم وتعليم ومعتكف
ماذا يجلِّي بياني من روائعه
لوصغته في مئات الكتب والصُحف
اختاره الواحد الخلاق في زمن
تعيش منه البرايا في شفا جُرُف
سُلواننا ياإمام العصر في نُخَبٍ
وذائب من سُلاف القول مُرتَشَف
إذا تغنى هواة الغيد أو عشقوا
فإن لي فيك أزكى الحب والشغف
هذي أحاديث من ذكراك ترسمها
دموعنا يامَعين الفضل والشرف
تبقى ضياءً مدى الأيام معلنةً
صدق النوايا وطُهر النهج والهدف