| مقـالات
لعل واحدة من الحقائق التي لا يختلف عليها الناس ،انه منذ سقوط الاندلس، وما أعقبها من سنوات اضمحلال للقوة والإرادة العربية، لم يظهر بديل لسد فراغ التوحيد الى أن قيض الله للمغفور له الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن ال سعود، ان يوحد شبه الجزيرة العربية على شرع الله وسنة نبيه ليقيم دولة، ويحول الصراعات القبلية الى مجتمع واحد متجانس، ويحل الأمن والاستقرار محل الحروب العشائرية، ويخلق من تلك الاراضى الصحراوية المقفرة دولة فى حجم قارة، قوية البنيان مزدهرة النماء، واعدة الرخاء.
سيرة موثقة لجهاد الملك المؤسس ومشوار ابنائه من بعده فى ترجمة مبادئة والتمسك بثوابته، وصولا لعهد الباني خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ،وسمو ولى عهده الامين الامير عبدالله بن عبد العزيز، حيث تبوأت المملكة موقعا متقدما للغاية واقتصادا واستقرارا وأمنا ورخاء وإسهاما فى السلم العالمي، أهّلها لمركز الريادة مع دول العالم المتقدم .
والمؤكد ان قصة ازدهار المملكة هي نفسها قصة بناء الدولة حيث كان الاساس دائما ولا يزال, ثلاثية متلازمة: شرع الله،وحكمة وعدل القيادة، وبناء وطن لمواطن صالح, هذا المزيج الثلاثى هو الوعاء الذى قامت عليه النهضة السعودية التي نراها كلنا الآن.
إنجار بهذا الحجم الأسطوري ما كان ليتحقق من فراغ، خصوصا مع ادراك هذا الاتساع الجغرافي الكبير للمملكة ، وهذا التنوع التضاريسي الذى يصل الى حد التناقض، من بحار الى صحارى ومن جبال الى وديان، ومن رمال الى صخور ،حتى اذا أضفنا الى ذلك طول الحدود السعودية نفسها وتشابكاتها الطبوغرافية لأدركنا ان ماحققته المملكة من تنمية لم يكن نزهة على بساط من حرير، بل كان ثمرة لعرق رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
ولا شك ان العمود الفقري لأي تنمية في العالم هو أمنها واستقرارها، وأمن السعودية واستقرارها ظل ولا يزال حجر الأساس لنموها وتقدمها، واستقرار المملكة هو نفسه له خصوصية تنبع من خصوصية الدولة، فالأمن السعودي هو أمن محسوس مترجم على شكل طمأنينة النفوس وشعور مشترك بين الناس مفاده انهم آمنون على أموالهم وأعراضهم وعيشهم، وهو أمن التربية لا البطش، والتقويم لا القهر، والهداية لا التسلط، وهو مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن ،ووسيلة لا تقتصر على الانسان وحده بل تعنى بالاقتصاد عينا ساهرة على مصالح الناس وحرية الملكية وصون المال.
والحقيقة ان هذا الايجاز يلخص مفهوم العدالة التي ترنو القيادة السعودية لبسطها بين مواطنيها كما أنه يلخص فكر وعقلية وطموحات الرجل الساهر على هذا الاستقرار، وهو صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز، الذي نجح نجاحاً كبيراً في ترجمة توجيهات القيادة السعودية الى واقع معاش، وحوّل المبادىء والثوابت الى نمط للحياة يسير عليه المجتمع.
ونظرة خاطفة الى موسم الحج كفيلة بإعطاء صورةناطقة لجهد الامير نايف في جعل هذه الشعيرة ، رغم ضخامة مسؤوليتها، تمر مرور النسيم دون إرباك او توقف لمناحي الحياة, ففي خلال اسبوعين من كل عام يفد الى المملكة اكثر من مليوني حاج من كل فج عميق،ويتجمعون في بقعة جغرافية صغيرة لاتزيد،مساحتها عن مساحة حي في مدينة ، ويكون مطلوباً من السلطات ان توفر لهذه الامواج البشرية سكينة العبادة وراحة الإقامة من مركب ومأكل ومسكن ومشرب، ومع ذلك فإن كل شيء يمضي وكأن شيئاً لم يكن، في الوقت الذي يشكل فيه تجمع 40 او 50 الف شخص في استاد رياضي عبئاً امنياً مقلقاً لدول عريقة في التاريخ.
وتتجسد نجاحات صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز بصورة اوضح، عبر مسؤولية اخرى لاتقل اهمية عن مسؤوليته في استقرار الدولة، تلك هي رئاسته للمجلس الاعلى للاعلام, ويدير سموه هذاالجهاز الحساس من خلال قناعته بأن الامن الفكري هو الرحم الذي يتولد منه استقرار المجتمعات، وفي ظل هذه المعادلة الدقيقة رأينا المملكة في السنوات الماضية تبني إعلاماً قوياً ناضجاً مسؤولاً يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين التقاليد والتثقيف، وبين حصانة المجتمع وضرورات تنويره، فتملكت السعودية بذلك إعلاماً مرئياً ومسموعاً ومقروءاً، محلياً ودولياً، صار مفخرة لكل عربي ومسلم.
وحين اتيحت لنا مؤخراً فرصة مشاهدة الامير نايف وهو يتحدث في مجلس القوى العاملة، تحسسنا كم ان سموه مشغول ببناء جيل سعودي قادر على استكمال تحديات التنمية والعمران، وكم ان سموه متحصّن بمواصفات المسؤول المكلف بالمهمات الصعبة ، فبدأ متحدثاً لبقاً ومستمعا جيداً وصدراً رحباً وعقلاً مفتوحاً وعقلية مستنيرة، ليؤكد استحقاقه هذه الكفاءة والحرفية في ظل توجيهات الملك الباني خادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز حفظهم الله جميعا.
*رئيس تحرير جريدة الاولى
|
|
|
|
|