| عزيزتـي الجزيرة
هناك موضوع كثيرا ما شغل تفكيري، وكثيراً ما حاولت تناسيه ولكني لم أستطع، ليس لمجرد التطفل أو حب الاستطلاع، ولكن كوني أحد أبناء هذا البلد الغالي والذي أحلم ويحلم كل من ينتمي له أن يكون في يوم من الأيام من أعظم بلدان العالم تنموياً واقتصادياً، وحرصاً على دفع عجلة التطور والتقدم المستمر إلى الأمام أردت طرح هذا الموضوع أمام القارئ لمجرد إعطاء كل ذي حق حقه من الناحية المنطقية والعقلية على أقل تقدير، فعندما تشاهد سائقاً يتجاوز بسيارته اشارة المرور وهي حمراء ستعرف أن ما فعله أمر خاطئ دون أن تفعل أي أمر تجاهه، ودون أن تحاسبه على ما فعل، فطرحي لهذا الموضوع كمن يشاهد أمرا خاطئا ولا يكون بمقدوره تغييره فيلجأ للورقة والقلم ويعرضها أمامك ويترك لك الحكم.
لعل من أهم العوامل التي تدفع الموظف أو العامل المنتمي لأي قطاع حكومي لإنجاز عمله المكف به دون النظر في مستوى أو مركز هذا الموظف أو العام، هو حصوله على حقوقه كاملة,لن نقول الحقوق التي أقرها له النظام، ولكن نقول الحقوق التي يستحقها بالمنطق والعقل، والحقوق التي تجعل العامل أو الموظف حريصاً على إنجاز عمله بكل أمانة، الحقوق التي تدفع العامل لزيادة الإنتاج وتطويره، الحقوق التي تؤدي إلى رفع الروح المعنوية، وايضا الحقوق التي تدفع بالعامل لبذل كل ما يستطيع تجاه عمله دون تخاذل أو تهاون,فهناك خلط كبير وكبير بين تواجد الموظف أو العامل في مقر عمله من ناحية وبين حجم انتاجية هذا الموظف أو العامل خلال تواجده في مقر العمل نفسه، فهذا الأمر ليس من السهل اهماله او تناسيه، فالنظام المتبع في بلدنا الغالي بقوانينه وأنظمته الدستورية والشامل لجميع الأنظمة الحكومية يطالب بمحاسبة الموظف المتأخر عن الحضور لمقر عمله ولكنه لايفرق أو يحدد حجم انتاجية مجموعة من الموظفين كانوا متواجدين في مقر أعمالهم بنفس المدة, والنظام لا يفرق أيضاً بين موظف أنجز العديد من الأعمال في نهاية اليوم وبين موظف آخر انتهى وقت عمله اليومي دون انجاز أدنى عمل كان من الممكن انجازه، وقضى وقته بقراءة الجرائد اليومية أو تناول المشروبات على اختلاف أنواعها,فمن الممكن أن يكون حجم انتاجية موظف خلال يومين أو ثلاثة أعلى بكثير من انتاجية موظف آخر خلال شهر كامل, بالصدفة وقبل بضعة أيام شاهدت مشهداً من إحدى المسلسلات المحلية قد يمثل جزءاً من موضوعي هذا وكان المشهد يصور موظفاً يقف أمام مدير القسم الذي يعمل به بعد أن أبلغه زملاؤه بأن المدير قد طلبه لأمر هام فكان المدير لا يتوقف عن تأنيب هذا الموظف وتوبيخه وكان يصفه بالموظف المتكاسل والمتهاون وعدم الحرص على العمل، فكان حديث وتعابير وجه هذا المدير تدل على أن هذا الموظف قد ارتكب خطأ فادحاً لا يمكن تفاديه أو أنه ارتكب جريمة لا يمكن السكوت عنها, ولم يكن الخطأ الذي ارتكبه هذا الموظف سوى تأخره عن الحضور الصباحي خمس دقائق!!!!!,وعندما انتهى المدير من توبيخ هذا الموظف وبعد أن أخد منه وعداً بعدم التأخير عن الحضور مبكراً في الأيام القادمة، وعندما هم هذا الموظف المسكين بالخروج من مكتب المدير وإذا المدير يرفع بعض الملفات من على مكتبه والتي كان يغطي بها احدى الصحف ليقوم باكمال حله لمسابقة الكلمات المتقاطعة!!! مستغرقاً في ذلك العديد من الساعات وهو منذ دقائق يحاسب أحد موظفيه على تأخير بضع دقائق لا تقدم ولا تؤخر قد يكون قضاها في ايصال أبنائه لمدارسهم أو للازدحام الشديد في طرق المواصلات أو في أمر ضروري ليس له فيه حول ولا قوة, وعندما نرى مدى الاخلاص والتفاني والدقة في انجاز العمل عند شعوب الدول المتقدمة كالولايات المتحدة والدول الأوربية وبعض دول شرق آسيا كاليابان والصين يتبادر إلى أذهاننا سؤال عن السبب في وصولهم إلى هذه المراحل؟ والإجابة بلا شك أن أنظمتهم التي يعتمدون عليها تعمل على التمييز بين عمل وانتاجية موظفيهم على اختلاف الطبقات، وأن النظام لديهم محدد بقوانين واجراءات معينة يمنح فيها العامل أو الموظفة المنتج والمتميز حوافز معينة تجعل منه منتجاً حريصاً على اتمام أعماله على أكمل وجه دون أي قصور او نقص، والحوافز الممنوحة لموظفيهم ليست كالحوافز المقررة في أنظمتنا والمعتمدة على العشوائية وسوء التنظيم والتي يمنحها الرئيس لمرؤوسيه والمدير لموظفيه متى ماشاء ومتى ما أراد وكما يقال بالعامية (هذا لسواد عيونه وهذا لأنه قريبي)، بل ان الحوافز في أنظمة الدول المتقدمة لا تسمى بهذا الاسم وانما هي جزء من الأنظمة المقررة لديهم وهي محددة بأسس وتصنيفات معينة على حسب نوعية العمل.
أخيراً,,,,,, هذه الشريحة الصغيرة من النظام والتي استعرضناها معكم فيما سبق ماهي الا جزء من كابوس لا يزال نظامنا موطئا رأسه له وهو ما يسمى (بيرو قراطية النظام) ومتى ما أمكن التخلص من هذا الداء في نظامنا الحكومي أمكن لنا الانطلاق في سباق مع الدول المتقدمة,
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ناصر مقرن الشبرمي الرياضِ
|
|
|
|
|