أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th May,2000العدد:10087الطبعةالاولـيالخميس 7 ,صفر 1421

الاقتصادية

العولمة,, هل هي استعمار سياسي يرتدي حلة اقتصادية؟
د, حسن عيسى الملا
منذ ان تهاوت صروح الشيوعية في روسيا وأوروبا الوسطى، ودعاة السلام وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية يبشرون بالقطب السياسي الواحد الذي من اهم مميزاته عندهم انتهاء الصراع والتنافس لصالح التعاون والتكامل.
وعندما طرح شعار (العولمة) الذي سرعان ما تحول الى ممارسة عملية اقتصادية من خلال منظمة التجارة العالمية، وُعدت الشعوب الفقيرة في الدول المتخلفة والنامية اياً كان تسميتها برغد العيش والرفاهية، بلا فقر أو جهل أو مرض.
فماذا حصل؟
تحت شعارات حولتها الى مبادىء للتجارة الدولية مثل (إزالة الحواجز امام التجارة الدولية) و(التجارة الحرة) (والمعاملة الوطنية)، استغلت الولايات المتحدة الامريكية ومن خلفها الدول الاخرى المتقدمة سيطرتها السياسية واستخدمت هذه الشعارات أداة للسيطرة الاقتصادية، وبدأت تبتز الدول المتخلفة والنامية من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فلا دعم ولا مساعدة ولا قروض ما لم تصحح وضعها الاقتصادي، وهذا يعني في مفهومها ان تفتح هذه الدول أبوابها دون قيد أو شرط لمنتجات تلك الدول ولشركاتها العملاقة لتسيطر على الاقتصاد المحلي، وتدير السياسة فيما بعد.
وعندما تتداعى الدوائر، تغلق المصانع الوطنية الصغيرة ابوابها لعدم القدرة على المنافسة او يبتلعها قرش العولمة في بحر لا حياة فيه للأسماك الصغيرة.
كلنا ندهش عندما نسمع عن الاندماجات الكبيرة ونصفق لها، وهي في الواقع ليست اكثر من تسييس للاقتصاد وصولا الى (القطب الواحد الاقتصادي) و(الاحتكار العالمي) للمنتج الواحد، وما الشركات المسماة Multi National الا مقدمة لهذا الإعصار.
وأصبح الانضمام الى شيطان العولمة (منظمة التجارة العالمية) هاجساً للدول النامية، فهي بين نارين أبردهما حارق، نار التنازل عن الخصوصية والمصالح الوطنية، أو نار الحصار الاقتصادي الذاتي.
إن من قصر النظر الاعتقاد بأن ما يجري عولمة للرخاء والرفاهية، ومن بعد النظر، الإيمان بأن ارواح الملايين من البشر التي حاربت الاستعمار السياسي وتحررت منه، ستذهب هباءً إن نحن مكنا العولمة من تحقيق مراميها فهي ليست أكثر من استعمار سياسي جديد يرتدي حلة اقتصادية.
قد أكون متشائما في بحر المتفائلين، لكن الحرص والحذر والروية، وكل أدوات الحلم والأناة التي ورثناها عن أجدادنا جيلاً بعد جيل، تصبح مطلوبة عند اتخاذ قرار في مسألة تحدد إطار حركتنا الاقتصادية في المستقبل.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved