أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 11th May,2000العدد:10087الطبعةالاولـيالخميس 7 ,صفر 1421

الثقافية

هكذا
الأعمال الكاملة لعبدالعزيز مشري,.
فهد العتيق
** عودة عبدالعزيز مشري من العالم الفني لموت على الماء الى العالم الأكثر فنية في قريته، ومحاولته رصد التحولات التي طرأت عليها في العقود الاخيرة ورفضه الكامل ان تحاول تغيير جلدها ولبس جلد آخر لا يليق بها، يعطي مؤشرا واضحا على جوهر عبدالعزيز مشري النقي، عبدالعزيز الانسان الذي رفض في حياته وفي كل نصوصه السردية كل ألوان الزيف التي تحاول الحياة العصرية ان تلون بها حياتنا.
** ذهب ابن مطر الكبير الى ما ذهب اليه غيره من التطاول والتنافس في المقتنيات الكبيرة، وطحنت أمور الحياة الجديدة كل معالم للناس، ألقى كتبه في خزانة من الخشب المستورد البراق، وقال عليها العافية، واذا سألته عن شيء ينظر فيك قليلا، ويستأذنك ليقوم الى كتاب ما يجيبك منه وهو يرعى سبابته بين حوج شعر رأسه، والله المستعان، فقد أضاعت أمور هذه الأيام الجمل والجمال، افتقد مطر طعم القادم الذي ينادي باسمه من الساحة قبل الدخول، وجاء مكانها ضاغط للجرس بالكهرباء، لو حك حمار جلده عليه لصاح, وكان الراديو الصغير الذي بث سنينا صوت الجماهير من بغداد واذاعة لندن,, يقبع في كساء من الغبار مع مخلفات البيت القديم التي كان أعز ما فيها نعالا مطر القديمان ولم يعد للراديو مكان في الجلسة العائلية، فقد ركله جهاز كبير بألوان واضاءات، واذا أدبر أصبح التشغيل فيه، رج كل الغرفة بأغان غربية لا يفهمها مطر جاء بها ابنه الصغير سالم من سفرته الدراسية الى امريكا واذا لقي مطر من هذا الضجيج عناءة، جاهد مع عكازيه حتى يستوي واقفا عليهما وقاد نفسه المترعة بالماضي الجميل الى خارج الدار مسلطا ناظريه نحو الجبل الكبير الواقف باتجاه الرياح والشمس والأيام .
** نذر عبدالعزيز مشري رحمه الله نفسه لهذا الخط الفني منذ الوسمية ومرورا بالغيوم ومنابت الشجر وحتى كتبه القصصية أسفارى السروي وبوح السنابل والزهور تبحث عن آنية وغيرها من انجازات عبدالعزيز الروائية والقصصية التي أثبتت خطا متميزا وبصمة واضحة لهذا الكاتب الجاد والمثابر والأستاذ في تعليم فن الانسانية للآخرين.
** مجموعته القصصية الأولى موت على الماء التي صدرت عام 1979م 1399ه، كانت الشرارة الأولى في عالمه الابداعي وكانت الشرارة الأولى بالنسبة لي شخصيا التي لم اقرأها فقط، ولكنني في ذلك الوقت، وقفت أمامها طويلا وطويلا جدا، لعدة سنوات كانت بداية حياتي الأدبية، اذ أدهشتني لغتها الشاعرية وصورها المبتكرة العالية وأفكارها العظيمة، كانت موت على الماء أول كتاب رائع استقبل طموحي الكبير في ذلك الوقت للبدء جديا في كتابة القصة القصيرة، قرأتها كثيرا أو قل درستها جيدا مثل تلميذ، بالاضافة الى كتب قصصية وشعرية محلية وعربية أخرى، ثم وضعتها على جنب بعد عام كامل من القراءة والدراسة وحاولت نسيانها لكي اكتب قصتي الخاصة بي، لهذا لا يمكن ان أتحدث عن القصة القصيرة في بلادنا قبل المرور على موت على الماء أو على الوسمية كأجمل رواية محلية على الاطلاق وهذا رأي خاص بي لكنني اشعر ان هذه الرواية بالفعل مكتملة من كافة النواحي الفنية والموضوعية.
** لدي فكرة آمل ان تتحقق واظن ان النادي الأدبي بجدة هو الأقدر على تحقيقها، لان أقوال وطموحات مسؤولي هذا النادي مقترنة دائما بالافعال خلاف بعض الأندية الادبية وفروع الجمعية ذات الايقاع البطيء في الغالب، والفكرة هي طبع الاعمال الكاملة للأديب عبدالعزيز المشري في مجلد أو مجلدين تحتوي على رواياته ومجموعاته القصصية ويتزامن صدور هذا المجلد مع اقامة أمسية أدبية نقدية تدرس عالم عبدالعزيز المشري الابداعي والأدبي وهذا أقل ما يمكن ان نقوم به تجاه هذا المبدع الكبير.
** مثابرة الأستاذ عبدالعزيز مشري واخلاصه واحتشاده الحقيقي لعالمه الابداعي بعيدا عن كل مبررات الكسل أو التكاسل التي استمتع بنعيمها الكثير من الكتاب، تجعلنا نتذكر بيت الشعر المعروف:


وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وهكذا حقق أستاذنا الكبير رحمه الله جزءا مهما من احلامه المبدعة فأنجز لنا هذا العطاء الأدبي السخي الذي سوف يظل ذكرى ودرسا لأجيال الأدب القادمة.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved