| مقـالات
حدثتني الزميلة العزيزة سلطانة السديري عن منزل كانت تقطنه في حي البديعة في الرياض وكان حديثها عذبا مفعما بنستولجيا الماضي حيث كانت تصف الحي السكني بجميع خصائصه الانسانية والعلاقات النابضه بين سكانه، الى الدرجة التي كانت تصف فيها من خلال مقلتها الشاعرة مصابيح الشوارع المتدلية بزخرفة جميلة لا تشبه باي حال من الاحوال مصابيح الاضاءة الحالية في الشوارع تلك المصابيح التي تفتقد الزركشات الفنية الحميمة وتستعيض عنها بالمهمة النفعية الجامدة، لنكتشف سويا بان مدينة الرياض تعجز عن اقامة علاقة ثابتة ونهائية مع احيائها فهي واقعة اسر فرار دائم من احيائها لتركض ركضا دائما باتجاه الشمال، والذي يمر بمنطقة المربع مثلا او الملز سرعان ما تشجيه تلك البيوتات التي كانت تكون اجمل الاحياء السكنية لهذه المدينة وكانت تؤسس لرياض تستشرف ملامح المدينة الحديثة، وبما ان الرياض لا تمتلك شاطئا يحكمها او يضبط امتداداتها فهي بقيت تركض وراء مفاجآت الطفرة واطماع تجار العقار، وبذا فقدت ذلك الثبات والديمومة التي تكون لاحياء المدينة حيث عراقتها وطابعها المختلف عن بقية مدن العالم ولكن في الرياض كثيرا ما يختلط السكني بالتجاري في عشوائية تبدو وكأنها خارجة عن السيطرة.
مما تهرب الرياض؟؟ هل تهرب من ماضيها، واحيائها التي تخلفها وراءها، اطلالا وصبوات!!
في المدن العريقة العائلة الواحدة تتوارث منزلها لعشرات بل لمئات السنين حيث تظل الاحياء وفية للمكان، ولذاكرة مفعمة بالتفاصيل والاحداث والصور، بينما السيولة المادية في يد الرياض جعلتها كالفتاة المدللة النزقة، والتي تأبى ان ترمي جذورها عميقا في ذاكرة الزمان.
من قصيدة لسلطانة السديري في ديوانها الحصان والحواجز:
شجرة الحب نثروها
شجرة الحب اللي ماتت ونثروها وسط ريح ليت قلبي مات معها حتى اهدأ واستريح شجرة الحب نثروها وانت يا قلبي الضريح |
|
|
|
|
|