| فنون مسرحية
لا يمكن أن نذكر المسرح السعودي إلا ويأتي في السياق المخرج القدير سمعان العاني احد المسرحيين الفاعلين في مجال الإخراج المسرحي واحد الذين يحفل تاريخهم الفني باعمال رائدة تأتي في مقدمتها مسرحية قطار الحظ التي يقدمها للمسرح السعودي قبل 20 سنة والتي كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية للمسرح السعودي.
الى جانب ذلك يمثل العاني خزينة معرفية تجمع كل فنون المسرح افاد منها كثير من الشباب السعودي الذي دخل هذا المجال سواء بالعمل معه كممثلين او بالدراسة عنده في الدورات المسرحية او التواصل المستمر معه.
فنون مسرحية التقت العاني في مكتبه بجمعية الثقافة والفنون ودار الحوار التالي:
* تسعى المهرجانات المسرحية الى تأصيل فن المسرح وتأكيده في نفوس الجماهير ولكنها كثيرا ما تفشل,, اما بسب الخلافات حول من الأجدر بالجوائز وإما بسبب ضعف النواحي الفنية في العروض, كيف تقيم المهرجانات المسرحية التي حضرتها؟
ان أي احتفالية اعلامية ثقافية هدفها ايصال قضية ما للجمهور وتحقيق غايات معينة مستقبلية والمهرجانات المسرحية جزء من ذلك لكن هناك بعض المهرجانات المسرحية توجه نحو أهداف غير سامية بعد اختراق إدارات ولجان هذه المهرجانات من قبل هيئات ومنظمات عالمية ومحلية بعد تمويل وتحمل تكاليف هذه المهرجانات,, فيصبح المهرجان خاضعا لهذه الإرادة وما ترغب تحقيقه فتعطي الجوائز لمن يريدون, هناك بعض الدول لا تخضع لهذا، هنا تكون الغايات سليمة هدفها التطوير والتنافس بين الدول والفرق المشاركة للارتقاء بالفنون المسرحية، ولهذا يجب على الفرق والدول المشاركة ان تكون على معرفة تامة بغايات وأهداف هذه المهرجانات, هل هي ذات الأهداف التي نسعى لها بالفائدة والتنافس واكتساب الخبرة والاطلاع على تجارب الآخرين وما وصل اليه المسرح من تطور ورقي أم هناك غاية اخرى؟
* ثمة من يجتهد لنصرة المسرح ولكن بلا نتائج باهرة,, هل تعتقد ان مناصرة المسرح بمجهودات فردية كفيلة بجعله يقف على قدميه ام ان الأمر يحتاج الى توجه رسمي عام واستراتيجية خاصة تضع المسرح في موضعه اللائق؟
نحن نعرف ان المسرح عمل جماعي وليس فرديا والمسرح ظهر عند الاغريق عندما بدأ الإنسان يفكر نحو بناء المجتمعات المتطورة والمتقدمة في أمور الحياة العامة, إذاً المسرح جزء من الاستراتيجية العامة التي توضع ويخطط لها لبناء الإنسان والمجتمع, فالتوجه الرسمي للتخطيط ووضع اللوائح والنظم وهيكلة الحركة المسرحية ودعمها وتشجيعها وتحويلها الى قضية ثقافية فكرية عامة وهذا عين الصواب نحو التطوير والتقدم وتحقيق الاحترافية والتخصص في المسرح, ليتولد الالتفاف الكبير من قبل الجمهور فيعترف به كحركة ثقافية فكرية فيها الفائدة العامة وليس الخاصة.
* هل يستحق المسرح ان يكون قضية؟
المسرح من إبداع الإنسان ساهم في بناء الشعوب فكريا وثقافيا وفق المبادىء والقيم التي تؤمن بها, من هذا المنظور كيف لا يستحق ان يتحول المسرح الى قضية؟ فعندها نشاهد جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها تدعو الى التطور وبناء المجتمع السليم الواعي المحارب للتخلف بامتلاكه أعظم عقيدة فتحت له كل سبل الحياة للبناء والتطور ومسايرة الأمم الأخرى في تطورها.
المسرح كما طالبت كثيرا منذ عشرين سنة في الصحف وعند المسرحيين والجهات المسؤولة من أن خطة النهوض به بأن يتحول المسرح الى قضية , هنا يتحقق الهدف منه كما تحولت الحركة الرياضية الى قضية وحققت النجاحات الكبرى.
* يطالب المسرحيون بأن يقف الإعلام في صف المسرح ويطالب الإعلام بالإبداع أولا,, من وجهة نظرك من يبدأ أولا الإبداع المسرحي أم المؤازرة الإعلامية للمسرح؟
العصر الحالي هو عصر الإعلام بأجهزته المختلفة,, وما تريد إيصاله للناس وإقناعهم به وتحقيقه,, والنظرية الإعلامية التي تدعو الى سياسة الانطباع الجميل اي تحويل القبيح الى جميل,, والفشل الى نجاح وهكذا, هنا يأتي دور الإعلام للمساهمة في المؤازرة للحركة المسرحية وتحقيق الأهداف التي تسعى لها, فعندما يحول الإعلام المسرح الى قضية عامة وهامة,, ويدعو للنهوض والارتقاء به وتحقيق الاعتراف الجماهيري والرسمي, مع مواكبة حركة مسرحية نشطة خطط لها بشكل جيد ومنسق بين الجهات الرسمية والأهلية.
* مايزال مفهوم المسرح الحقيقي غير واضح عند الجماهير فقد نجد بعضهم يخلط بينه وبين المسرح التجاري,, كيف يمكن لنا إزالة هذا اللبس؟
مفهوم المسرح الحقيقي عند الجماهير يأتي من خلال كثرة الأعمال المسرحية وقيام المهرجانات الداخلية والحملات الإعلامية المرافقة لها وكذلك الندوات والبحوث وغيرها فعندما تصل هذه النشاطات للجماهير من خلال وسائل الإعلام نكون قد كسبنا جمهورا واعيا يستطيع ان يميز بين المسرح بمعناه الفكري المحرك للعقل والعاطفة وبين المسرح التجاري الذي هدفه الضحك وتسويق التسطيح لعقول الناس والشيء المؤلم ان مسرح التهريج والضحك هو سمة بارزة ومنتشرة في كثير من الدول العربية بمساهمة فعالة من بعض المحطات التلفزيونية لنشر هذه الأعمال, قد تكون بقصد او بغير قصد لكن هذا لا يمنع العاملين في المسرح بتقديم الأعمال المسرحية المبدعة فنيا والمقرونة بالمتعة والترفيه الجميل الذي يساهم في ترسيخ المفهوم لمضمون العمل المسرحي الذي يعالج مشاكل هموم وتطلعات الجماهير.
* منذ مسرحية قطار الحظ التي قمت بإخراجها قبل 20 عاما تقريبا الى الآن, هل ثمة تطور حصل في مسرحنا؟
عند مراجعة ارشيف المسرح السعودي ستلاحظ ان قطار الحظ كانت هي المحرك الفعلي للمسرح السعودي وما وصل اليه ونشاهده الآن من فروع جمعية الثقافة والفنون في مختلف المدن وكذلك فرق مكاتب رعاية الشباب، المسرح الجامعي، الاندية الرياضية وغيرها, (قطار الحظ) كانت نقطة الانطلاق التي اشعلت روح التنافس بين الجميع, وكانت المحرض للمسرحيين والمبدعين, كذلك اوجدت الملاحق الفنية والصفحات الثابتة للفن عموما التي خلقت جيلا من نقاد المسرح,, هذه هي الحقيقة وما التفاعل بين الجميع والاهتمام من الجهات الرسمية للمسرح إلا تأكيد فاعل لما نشاهده الآن ايضا من عروض مسرحية في مختلف المدن والمشاركات الداخلية والخارجية حيث اصبح المسرح حقيقة يحتاج الى تخطيط وتوجيه ليكون عاملا مساعدا للتطوير والبناء في المجتمع ويساهم في الحركة الثقافية في المملكة وعندما يتحول المسرح من حقيقة الى قضية سيكون له دور بارز فعال في مسيرة الخير والعطاء.
|
|
|
|
|