| الثقافية
النساء شقائق الرجال، ونحن أبناء هذه الأرض المباركة نفخر بأخواتنا وبناتنا وأمهاتنا وكل من تربطنا بها قرابة نسب, لكن الأخت تبقى هي الرمز الذي نستند إليه في استنهاض الهمم ونخوتنا لبعضنا البعض، ولا أدلَّ على ذلك من مؤسس هذا الكيان العظيم أخو نورة طيَّب الله ثراه، الذي كان يفخر بهذه الكنية أيّما فخر.
أما خالد البنيان أخو منيرة كما كنت ألقبه في فترة من فترات حياته قبل قدوم آلاء وعبدالله، فقد كان فخورا بذلك لأن منيرة التي رافقها خارج الوطن لإكمال دراستها العليا في الطب هي من النماذج المشرّفة للفتاة السعودية المؤمنة بربها والمتمسكة بقيمها وأخلاقها الرفيعة.
كان خالد قد أدى دوره في تلك الفترة بأن وقف بجانب شقيقته حتى أصبحت استشارية يشار لها بالبنان في طب المخ والأعصاب، لكن القدر لم يمكّنها من أداء رسالتها والقيام بواجبها تجاه أغلى الناس، الذي كان في حاجة الى رعايتها بعد الله حيث كانت اصابته في المخ وكانت هي صاحبة التخصص والخبرة، إلا ان إرادة الله كانت أسرع من نجدتها فمات خالد.
كان يحدثني عن حادث وقع له مع شقيقته الدكتورة منيرة قبل أن يلتحق بالإذاعة، وكانت أول المسعفين له حيث كانت إصابته في مؤخرة الرأس, وتداركته عناية الله ثم إسعاف شقيقته له في اللحظة المناسبة فنجا من ذلك الحادث.
لا أدري ما سر هذه الحوادث التي تختار في كل مرة رأس خالد, كل ما أعرفه ان ذلك الرأس لم ينحن أبداً ، بل كان شامخا واثقا متطلعا يحمل الكثير من العلم والثقافة والطموح والإصرار والتحدي رغم حداثة سنه إذا ما قيس بأعمار الآخرين, موقفه مع شقيقته صورة من الوفاء التي رسمها خالد في حياة أسرته وزملائه ومحبيه، فترك في حياتنا فراغا كبيرا لا يملؤه أحد غيره,, حضوره الطاغي,, شمولية ثقافته,, أُلفته النادرة حميميته الصادقة,, عيناه اللتان تشعّان بالحب والتقدير والتهذيب,, كل هذه التداخلات الجميلة في شخصه النبيل، تشعرك بالوحدة والفراغ والغربة بعد رحيله عنك, عرفته قبل زملائي الإذاعيين حينما جمعتنا مقاعد الدرس في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، ولفت انتباهنا جميعا بكثرة أسئلته وجرأته ونقاشاته مع أساتذته التي تصل أحيانا إلى نديّة محببة إلينا ومزعجة لأساتذتنا.
مرّت الأيام وإذا بخالد يلتحق بالإذاعة التي سبقته إليها بثلاث سنوات,, حاول البعض الوقوف في طريقه والتقليل من قدراته إلا أن ثقته بنفسه وإصراره، وقبل ذلك إمكاناته المتميزة، جعلته يقف في الصف الأول مع أساتذة أمضوا عشرات السنين في العمل الإذاعي, كان المكان أضيق من طموحاته وتطلعاته فغادر الوزارة الى فضاء أرحب يسبح فيه بكل حرية وانطلاق، فاختار بيروت ودبي والرياض للمرحلة الجديدة من حياته وكان موفقا الى حد كبير.
لم يطل به الترحال، فقد ترك بيروت ودبي وعاد إلى الرياض التي احتضنته إلى الأبد.
رحمك الله يا خالد، وأدخلك فسيح جناته وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان.
* إذاعة الرياض |
|
|
|
|