|
| مقـالات
عندما فتحت صندوقي البريدي وجدت رسالة مختلفة لم أعهدها من قبل حيث كانت عباراتها تشير إلى أنه قد تم اختياري لإضافة اسمي للقائمة العالمية لمشاهير المهنيين (Who' s who of ProfessionaIs) وأن ذلك الاختيار تم بعد تزكية العديد من المصادر المعروفة مثل الجمعيات المهنية، غرف التجارة، والمجلات القانونية المتخصصة، وأنه بما أنني مهني معروف في مجال (الاستشارات القانونية) فإن اسمى يستحق الدخول ضمن نخبة مشاهير العالم.
صدقوني لم أقفز فرحاً ولم أعمل منها قضية شخصية عبر الاسراع بنشر صورتي في الصحف وسط خبر يتضمن أنه قد تم اختياري ضمن قائمة (Who's who) العالمية مثلما نقرأه أحياناً في الصحف السعودية، فانا اعرف نفسي أكثر من غيري وليس لي إنجازات عالمية أو خبطات قانونية تجعلني مشهوراً على الصعيد العالمي، فقد درست القانون في المملكة ثم استكملت دراساتي العليا في بريطانيا، ومازلت على اتصال وثيق بتخصصي عبر القراءة المتخصصة في كل جديد يطرأ على المجال القانوني، وأحضر أحياناً محاضرات وندوات ودورات متخصصة في الداخل والخارج، وقد كتبت عدداً صغيراً يكاد لا يذكر من المقالات في الصحف عن جوانب قانونية مختلفة، وبالتالي فإن ما ورد في الرسالة كان غير ما أعرفه عن نفسي.
قررت أن أتبع الخيط إلى نهايته، فاتصلت بمقر الجهة التي ارسلت الرسالة ويقع في ولاية نورث كارولينا في الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا بي أفاجأ أن هناك نسختين من كتاب (المشاهير) سيتضمن اسمي إحدى صفحاتها، إحداهما نسخة فاخرة يجب أن ادفع لكي ادخلها مبلغ (2000) دولار، والأخرى نسخة عادية يجب أن ادفع لكي ادخلها مبلغ (1500) دولار، أي أن العملية بكل صراحة عبارة عن ملامسة رغبات نفسية لدى مواطني دول العالم الثالث بالرغبة في الحضور الاجتماعي والبروز الإعلامي ولو كان ذلك عن طريق (وهم فاضح) بأن الشخص مشهور وبارز عبر دفع هذه المبالغ المالية التي ستكون حصيلتها مليوني دولار لو قرر (1000) شخص الدخول في النسخة الفاخرة التي تبلغ قيمتها الإفرادية (2000) دولار.
عرفت بعد هذا الاتصال حقيقة مانراه أحياناً في الصحف السعودية من أنه تم اختيار فلان أو علان من الناس ضمن مجموعة )Who's Who( العالمية، وعرفت أيضاً أن معايير الاختيار تجارية بحتة لا تمت للتفوق والريادة والعطاء الأصيل المبدع بأية صلة أو علاقة، لأن الشهرة الحقيقية تأتي إلى صاحبها المبدع والمتميز صاحب العطاء الأصيل زحفاً وتجتاحه دون رضاه، أما الشهرة التجارية التي يدفع ثمنها مقدماً ثم ينشر صاحبها اسمه في الصحف فرحاً باختياره ضمن مشاهير مهنيي العالم فهي شهرة زائفة تدل على عقلية شكَّلتها تنشئة وممارسات وعادات اجتماعية قد لا يكون هنا المجال لطرقها وتحليلها.
خالد الطويل |
|
|
|
|
