| محليــات
قبل عشرة أيام، صادق مجلس الدوما (البرلمان) في روسيا الاتحادية على معاهدة ستارت 2 الخاصة بتقليص عدد الصواريخ البالستية الاستراتيجية في الترسانتين النوويتين الروسية والأمريكية ولكن بعد التصديق مباشرة صرح الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتن الذي نُصّب رسمياً أول امس، صرح بأن روسيا لن تنزع صاروخاً استراتيجياً واحداً من موقعه قبل عام 2007م، وحتى تطمئن إلى أن الولايات المتحدة تفعل الشيء نفسه.
المعروف أن وسائل التجسس الروسية والامريكية بالغة الدقة والتطور التقني الارضية منها والفضائية تراقب ترسانة كل منهما وتقف على كل جديد في مجال التسلح النووي الروسي والامريكي.
وبرر الرئيس بوتن تأجيل تنفيذ اتفاقية ستارت 2 رغم التصديق عليها بعدم تخلي الولايات المتحدة الامريكية عن مشروعها الخاص بنظام الصواريخ الدفاعية المضادة للصواريخ، وهو مشروع يتطلب حسب وجهة النظر الامريكية تعديل بعض بنود ستارت 2 .
وقبل أسبوع تحديداً، أطلقت روسيا ولأول مرة صاروخاً استراتيجياً من غواصة نووية من تحت الماء مما أعاد إلى ذاكرة التاريخ السبق الأمريكي في هذا النوع من التسلح عندما أطلقت الولايات المتحدة في أواخر الستينات من القرن الماضي صاروخاً من طراز (بولاريس) من غواصة نووية تحت الماء,!!
ويوم السبت الماضي وبينما كان بوتن يتسلم بطاقة هويته الرئاسية من رئيس لجنة الانتخابات، وذلك قبل أدائه القسم أول أمس كرئيس، أعلنت وزارة الدفاع في موسكو عن إنتاج طائرة استراتيجية قاذفة تنطلق بسرعة الصوت وقادرة على حمل شحنة قنابل ذرية مع القدرة على التحليق طويلاً في الجو!
وأمس قرر الرئيس بوتن السماح بتصدير مواد وتكنولوجيا نووية روسية إلى الخارج وفق شروط معينة، وهي شروط روسية محضة تخضع للقرار السياسي تنفيذاً وتجميداً.
هذا بعض ما تبدى من ملامح سياسته العسكرية التي قال عنها إبان حملته الانتخابية إن هدفها هو إعادة بناء القوة العسكرية الروسية لتستعيد روسيا وضعها العالمي كقوة عظمى.
وبالنسبة لدبلوماسيته السياسية، فإن من الواضح أن الرئيس الروسي قرر الاعتماد على القوة العسكرية بصورة واضحة لتنفيذ أهدافه السياسية خاصة ما يتعلق منها بتأمين الاتحاد الروسي,وأقرب دليل على ذلك هو قراره وضع جمهورية الشيشان الاسلامية في شمال القوقاز تحت الحكم العسكري الروسي المباشر لمدة سنتين قبل إجراء انتخابات لن تأتي إلا بموالين لموسكو يؤيدون بناء الجمهورية ضمن الاتحاد الروسي وليس الاستقلال عن روسيا.
وبالرغم من تأييد الولايات المتحدة - كقوة عظمى بمواجهة القوة الروسية لبقاء جمهورية الشيشان ضمن الاتحاد الروسي ومعارضتها لاستقلال هذه الجمهورية المسلمة، إلا ان الولايات المتحدة أظهرت باستمرار معارضتها الواضحة لسياسة روسيا التي تعتمد فيها على القوة العسكرية لقمع الشيشانيين بدلاً من الحوار السياسي معهم,!
وللاتحاد الأوروبي موقف مشابه للموقف الأمريكي بالنسبة لقضية الشيشان الأمر الذي يعنى بالضرورة وجود خلافات سياسية حادة بين روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سواء بشأن قضية الشيشان أو بشأن القضايا السياسية الاقليمية والدولية المشابهة الأمر الذي يثير تساؤلاً هاماً هو: هل تعيد استراتيجية بوتن السياسية والعسكرية الحرب الباردة الى العلاقات الدولية من جديد على نحو ما كانت عليه حتى قبل انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1989م، ثم زواله بعد ذلك بعام؟
|
|
|
|
|