| الاخيــرة
1
سئلت مرةً عن العلاقة بين الجامعة وما بات معروفاً الآن في الأوساط الاعلامية والوظيفية والتربوية ب يوم المهنة ، وهو مهرجان سنوي تقام خلاله ولائم الولاء كلاماً عن السعودة، وتمضي المناسبة، أعني المهرجان ، كما يمضي سواها كأسبوع المرور وأسبوع الشجرة وسواهما، ليعود كل شيء الى سيرته الأولى ويتحول الجدل عن السعودة وعن المرور وعن الشجرة الى هوامش صحفية باردة او فتات حديث تقضمه المجالس الخاصة وتتسلى به!
***
ولقد كان ردِّي على السؤال المشار اليه في صدر هذا الحديث كما يلي: لي مع الجامعة وقفة عتاب في يوم المهنة، كلما اقبل او ادبر، فهي تحرص على احياء هذا اليوم كل عام,, وتدعو من اجله الى رحابها الخاص من الناس والعام,, محاضراً او مناقشاً او مستمعاً، وليس في هذا بأس، بل هو شأن مرغوب ومحمود، انما البأس الا تستفيد الجامعة بما يطرح على هامش اللقاءات والندوات، وما يتخلل ذلك من محاور وطروحات وتوصيات، تتمحور كلها حول المهنة، والرغبة في تأهيل التفكير المهني بما يخدم اغراض التنمية ومناشطها المختلفة.
ماذا نريد اذاً من الجامعة، في هذا الصدد؟
* نريد منها ان تكون مورداً لا ينضب للمهن التي يفتقر اليها بناء الوطن، بدلاً من أن تطغى على مدخلاتها ومخرجاتها حمى التنظير المسير لكثير من العلوم الانسانية! أقول هذا لا كرهاً في هذه العلوم، ولا تزهيداً بها، او تنفيراً منها، ولكن رغبة في تخفيف سيطرتها على مواد الجامعة.
***
* نريد أن تتحول المهنة من مجرد هاجس نفكر فيه او نتحدث عنه يوماً أو يومين كل عام، الى شغل شاغل لنا,, كل يوم في العام!
* نريد من الجامعة ان تتخذ زمام الريادة والقدوة في هذا السبيل، فتقوم مناهجها على نحو يخدم هاجس المهنة في هذه البلاد، بدلاً من الاقتصار على وصفات نظرية او جرعات مثالية، تعصف بها رمال النسيان!
* ليكن يوم المهنة ترجمة حقيقيةً لتآخ قوي بين الجامعة والمجتمع، تلعب فيه الجامعة دور الوسيط نحو الغد المنشود!
***
2
* سئلت: المملكة مستهدفة بتهريب المخدرات، ماذا تقول؟
فأجبت: مملكتنا الغالية جزء من المجتمع الدولي,,تتأثر بسرَّائه وضرائه، والمخدرات داء عضال لا وطن له سوى مستنقعات النفوس المريضة، ولا هوية له سوى عقول وجيوب الضعفاء من الناس! وتبقى بلادنا فريدة بين دول المجتمع الدولي في ردعها لهذا الداء,, واحسبها بالتالي اسعد حظاً!
***
3
سئلت: ماذا يعني لك عنوان الرئة الثالثة
فقلت: مثلما ان للجسد رئتين,, لا يقوى على العيش بدونهما، فان للعقل رئةً يتنفس من خلالها ويمارس الوجود عبرها، هي اللسان والقلم,, وهي آلية التعبير قولاً او كتابةً، وهي صراط يعبر عليه المفكر الى عقول وافئدة الآخرين، وهناك قدر من الشبه بين الرئة العضوية للانسان,, ورئة العقل على نحو ما سلف، فرئة العقل,, قد تمتص فكراً ملوثاً، ثم ترجعه مشبعاً بالسموم، مما يؤذي ولا ينفع!
وقد تمتص فكراً يتدفق نوراً وفضيلةً ونقاءً، فترسله ربيعاً من حلو الكلام,, يمتع الابصار والاسماع والأفئدة!
***
هذا هو معنى الرئة الثالثة التي أتمنى أن احسن التنفس من خلالها,, كل اسبوع!.
***
سئلت: مالفرق عندك بين شخصية الموظف وشخصية الكاتب ؟
فأجبت: أنا في الأولى: أعمل لأعيش، وأعيل من يهمني أمره!
وفي الثانية: أغرد فوق دوح الكلمة الجميلة والمعنى الجاد أنشد بهما خدمة الحق والفضيلة والجمال!
***
5
سئلت: كاتب يستحق التصفيق، وآخر يستحق الصفع, عرفهما؟
فأجبت: كل كاتب يحاسب نفسه قبل ان يحاسبه الآخرون يلتزم الامانة فيما يكتب، وجمال الكلمة فيما يصوغ، وهيبة المعنى فيما يقصد,, يستحق وساماً من الابداع,, لا تصفيقاً!
|
|
|
|
|