أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 8th May,2000العدد:10084الطبعةالاولـيالأثنين 4 ,صفر 1421

الاقتصادية

وجهة نظر
اقتصاديات الموت
د, محمد يحيى اليماني *
اصبح سماع او قراءة خبر عن وفاة شخص او عدة اشخاص او اصابة العديد باصابات بالغة نتيجة حوادث السير خبرا عاديا لا يلفت انتباه الا القريبين لكثرة الحوادث وتعود الناس على سماعها بصفة مستمرة حتى اضحى الامر عاديا وبدا المجتمع وكأنه في معركة مع نفسه يذهب ضحيتها عشرات الاشخاص يوميا وتشير الاحصائيات الصادرة في هذا الشأن الى ان عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير ازداد سنويا خلال عشر السنوات الماضية بنسبة 5,4% بينما زاد عدد الوفيات عام 1419ه عنه في عام 1410 بنسبة 59,1% كما زادت اعداد المصابين بين العامين المذكورين بنسبة 32%.
وهذه ارقام مخيفة تستوجب الدراسة بحثا عن الاسباب ووصولا الى الحلول وتوضح البيانات الرسمية ان ما نسبته 82% من الحوادث يمكن ارجاع اسبابها الى عدم التقيد بانظمة المرور والاستهتار بارواح وممتلكات الآخرين والى اخطاء السائقين بشكل عام.
تبين هذه الارقام مدى الضرر والهدر الذي يلحقه المجتمع بنفسه نتيجة لاسباب يمكن تلافي معظمها ولو اخذنا احد جوانب الهدر لحوادث السير المتمثل في الجانب الاقتصادي لوجدناها مسؤولة عن اضاعة كم هائل من ساعات العمل سنويا بسبب تأخر اطراف الحادث في انهاء اجراءات الحادث وبسبب ما ينتج عن الحادث من تأخير لسالكي الطريق, اضافة الى عدد من الايام يقضيها المصابون خارج دائرة العمل واذا كانت الحوادث تتسبب سنويا في اضاعة الملايين من ساعات العمل فإنها تتسبب في اهدار مئات الملايين من الريالات في صورة نفقات على علاج المصابين وعلى اصلاح التلفيات التي لحقت بالممتلكات.
ولا شك ان الهدر الاقتصادي سيكون اكبر في حالة وجود وفيات اذ يكون معظم هؤلاء اشخاصا عاملين لهم اسهامهم وانتاجهم وقد خسر المجتمع مبالغ كبيرة على تأهيلهم وتدريبهم وكل هذا يذهب بسبب التهور والاستهتار؛ فيخسر المجتمع ما استثمره في هؤلاء الافراد ويخسر الانتاج المتوقع لهم فيما لو امتدت بهم الحياة لسنوات قادمة وتخسر ايضا اسرهم دخولهم المتوقعة وربما ضاعت اسرة باكملها واصبحت عالة على المجتمع,يضاف الى كل هذا ما ينتج عن الحوادث من عاهات مستديمة تكلف الاسرة والمجتمع تكاليف علاج باهظة وتجعل احد افراده عبئا عليه بدلا من ان يكون عضوا منتجا.
ان القراءة الدقيقة لأرقام واحصاءات الحوادث تستوجب أخذ هذه الامور في الاعتبار لنتبين مدى خسارة المجتمع نتيجة لهذه الحوادث ومدى حجم الجرم الذي يرتكبه المتسبب في الحادث والذي يفترض ان يعاقب بناء على فداحة جرمه.
هذه الحقائق تقودنا الى ضرورة ربط العقوبات المفروضة على المتسببين في الحوادث بمقدار الجرم والضرر الذي احدثوه, فعلى سبيل المثال لو تسبب شخص في وقوع حادث وذهب ضحيته موظف في الاربعين من عمره راتبه الشهري 7000 ريال فإن المفروض عند معاقبة المتسبب في الحادث ان يؤخذ في الاعتبار عدة امور منها حجم المبالغ التي استثمرها المجتمع في تدريب وتأهيل هذا الموظف ثم مقدار الدخل المتوقع له فيما لو استمرت به الحياة الى نهاية العمر المتوقع للحياة للشخص لدى الولادة في المملكة، كما يفترض ان يؤخذ في الاعتبار ما يمكن ان ينشأ عن وفاة هذا الشخص من مشاكل نفسية واجتماعية ودراسية لاسرته, ومن المعقول جدا ان تتناسب العقوبة طردا مع فداحة الجرم وضخامة الخسارة.
*قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved