| الاقتصادية
إن تقرير برانت حول مساعدة العالم الثالث الذي أعدته مجموعة من الشخصيات التي يديرها رئيس الحكومة الألمانية السابق، بناء على طلب روبرت مكنمارا رئيس البنك الدولي الأسبق، هل يمكن أن يقدم قاعدة جدية لطرح سياسة المساعدة للبلدان السائرة في طريق النمو، وهل من شأن لجنة برانت أن تسهم حقيقة في حل المشكلة الأليمة للفقر؟!.
التقرير الذي أعدته لجنة برانت، رحبت به الصحافة ولاسيما من حيث اقتراحاته العديدة التي تضمنها، غير أن هذه الاقتراحات قد تخفي الأساس أو الجوهر الاقتصادي لمشروع برانت الذي اذا ما استنطق بوضوح من دون تحلية وتزويق، بدا أقل كرما، أو على الأقل بدا طوباوياً.
تقرير برانت يعرض المشكلات الرئيسة مما يصادفه المجتمع الدولي في المرحلة الراهنة من تنميته,, ويقترح لكل مشكلة من هذه المشكلات حلولا ويذكر أيضا رقم كلفتها، ويقترح برنامجا عالميا لتمويلها.
الحقيقة، ان هذه المشكلات تتلخص في اثنتين:
البؤس الذي يتفاقم في العالم الثالث، من جانب، والبطالة والأزمة الاقتصادية اللتين تتطوران في البلدان الصناعية من الجانب الآخر.
لذا، يرى تقرير برانت حلا واحدا سحريا للمشكلتين هو نوع من مشروع مارشال للعالم الثالث، أي تحويل كبير للموارد، 30 إلى 40 مليار دولار في السنة بالاضافة إلى المساعدة الحالية 29 مليار دولار.
إن الطابع الطوباوي لمشروع مارشال الجديد يكمن في أنه يتطلب اتفاق البلدان المتطورة فيما بينها, ان منطق لجنة برانت يقوم على افتراض ضمني بأن الشمال يشكل كلا موحدا، لكنه في الواقع، كائن مجرد.
والنتيجة التي تفرض نفسها، أن مشروع مارشال الجديد، كما يبدو لن يرى النور أبدا,.
فهذه طوباوية,وعلاوة على ذلك انها طوباوية خطرة على البلدان السائرة في طريق النمو التي تتوهم بأن مثل هذا المشروع سيتحقق.
ذلك لأن الغرب لن يعمل أبدا للعالم الثالث أكثر مما فعله لتركيا مثلا، تثبيت رأسها خارج الماء, بل إنه سوف يعمل بالتأكيد ما هو أقل!!
ختاماً أقول: إن تقرير برانت لا يطرح جديا أية سياسة واقعية لمساعدة البلدان المتخلفة اقتصاديا، كما قلت ذلك سابقا، ومن ثم فلن يكون من شأنه أن يسهم فعليا في حل مشكلة الفقر,.
وإنه لا يعدو كونه كلاما جميلا منمّقاً ذا منطق شكلي خداع، وإن أتى على سرد كل المشكلات التي يعاني منها العالم المعاصر بشقيه الغني والفقير,وللأسف إن تقرير برانت لا يقترح لها حلا سوى ما يزعم أنه الحل الوحيد وهو مشروع مارشال الجديد ويزعم أنه سيقضي على الأوبئة، وينمي التعليم ويعيد الأمن الغذائي، ويطوّر الصناعة ذات التقنية القليلة التي باتت قليلة الريعية في الغرب!!.
يا أيها العالم الصناعي إن لغة الكرم التي تتحدثون عنها لا تكفي، لمشاكل العالم الثالث!!.
د, زيد بن محمد الرماني |
|
|
|
|