| الثقافية
اخرجت مطابع مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر كتابا جديدا في مادته الادبية/ العلمية التي تؤرخ بموضوع قلّما تطرق له الكتّاب الدارسون له وهو الموضوع (عادات سودانية اصولها عربية) وهو من تأليف الكاتب السوداني الكبير الدكتور ابراهيم القرشي عثمان، جامعة الملك سعود في الرياض.
وهذه هي الطبعة الاولى لهذا الكتاب الذي لا غنى للقارىء العربي من غير ابناء السودان من قراءته إذ يصحح مفاهيم كثيرة مغلوطة عن عروبة السودان وجذور ثقافته اهل العربية التي شكلت حضارتهم وساهمت في بناء شخصيتهم الانسانية، وليس كعادات الشعوب وتقاليدها واعرافها الاجتماعية التي تترجم قيمها الاخلاقية ما يمكن ان يُستدل به على اصولها العريقة، ونمط حياتها العامة والخاصة.
وكتاب (عادات سودانية اصولها عربية) يتحدث من وحي اللغة، وطرائف التراث ونوادره التي بذل المؤلف جهدا واضحا ومقدرا في جمعها وتصنيفها وتحليلها وارجاعها الى اصولها العربية الخالصة .
وقد اعتمد المؤلف في مؤلفه على (61) مرجعا عربيا واسلاميا كفتاوى ابن تيمية - على سبيل المثال - فضلا عن ثقافته الخاصة التي وسعت الشأن السوداني في مختلف جوانبه معرفة وفهما.
وينبه المؤلف القراء الكرام الى ان كتابه هذا هو الجزء الاول ويبشرهم بالجزء الثاني .
ويقع الكتاب في (363) صفحة من الحجم المتوسط، وقد قدمته مطابع مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر في ورق مصقول وطباعة انيقة وفاخرة، وهو بعد قمين بان يقتنى وان يكون محل درس ونقاش خصوصا من حملة الاقلام بين المغتربين السودانيين العاملين في المملكة العربية السعودية، الذين نقلت نساؤهم الكثير من تلك العادات السودانية ذات الاصول العربية ومنها عادة (دخان الطلح) و(الحنة والخنافس ودق الشلوفة) وشيء عن (غدر النساء) و(الهمبتة) والاخيرة تعني (الصعلكة العربية) تناهت إلينا اخبارها من اسلافنا عرب الجاهلية وعلى رأسهم سيد الصعاليك عروة ابن الورد العبسى الذي يقول:
لحى الله صعلوكا اذا جن ليله مصافي المشاش آلفاً كل مجزر يَعُدُ الغنى من دهره كل ليلةٍ اصابت قراها من صديق ميسر ينام عشاء ثم يصبح قاعدا يحث الحصا عن جنبه المتعفر |
ويقول:
اوزع جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد |
وهي نفس المعاني التصويرية لحالة مشاهير الهمباتة السودانيين وهم في الاصوال عرب مثل الطيب ود ضحوية وبعض مغامراته طه الضرير ومثل البامسيكة ولقول ودضحوية في مخاطبة طه الضرير:
زمنك كله تاكل بارده ما ضُق حاره فحل ام قجة جاك زي السحاب التاره حس اب جقره والقرنيت صواقعا فاره اطرَ الليلة ياطه ام حمد والساره |
لهذا القول قصة من قصص الهمبتة قد لا تتسع هذه العجالة لسردها.
وغير عادات الدخان والحنة والهمبتة يحفل الكتاب بعادات وتقاليد واعراف سودانية هي - كما يثبت المؤلف باجتهاد موفق - عربية الاصول,وقد اسعفته ثروته الضخمة من اللغة العربية التي تخصص في علومها وأحاط بأسرارها، وثروته الضخمة -
أيضا - من مفردات اللهجات السودانية لشتى قبائل أهل السودان العربية منها وغيرها، اسعفته هاتان الثروتان اللغويتان في قدرته النافذة على تطويعهما في التعبير المبين لكل معنى اراد ايصاله للقارىء,وقد يجد القارىء العادي غير السوداني مشقة في نطق الألفاظ السودانية الدارجة ولكنه سيجد في مقابلها الفصيح ما يعينه على الفهم واضافة رصيد من المعلومات والمعرفة بأهل السودان التي قد تصحح مفاهيم مغلوطة كثيرة وشائعة بين أهلنا الشعوب العربية عن السودان وأهله.
الطيب شبشة |
|
|
|
|