| الثقافية
الشعر من الفنون الأدبية الجميلة المحببة الى النفوس لما يمتاز به من أخيلة وحلاوة لفظ وجمال قول، لأنه حديث العاطفة والوجدان والاحساس والشعور المرهف, والشعر العربي امتاز بمزايا متنوعة واستطاع ان يحتل مكانة في ركب الآداب لما له من أثر وتأثير وبلاغة وفصاحة وجمال وحسن وموسيقى عذبة وبالطبع فكل شاعر صورة للبيئة التي انحدر منها ودرج على أرضها.
والشعر يصور نفوس الشعراء ومشاعرهم وأحاسيسهم واتصالهم بالمجتمع وبالطبع فان البيئة هي التي ألهمت الشعراء والشاعر بطبعه صاحب عزيمة دائمة التوقد والتوثب.
ولقد وجد العرب في الشعر متنفسا لهم وتعبيرا عن عواطفهم وتجسيدا للمثل السامية، فحرصوا على رواية الشعر وتدوينه وليس أدل على هذا من ذلك البحر الزاخر والفيض الغزير الذي تمتلىء به المكتبة العربية وحينما نطالع كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة وطبقات الشعراء لابن سلام والطبقات والعقد الفريد والأغاني وغيرها نجد ان هؤلاء الرواة يمتازون بذاكرة قوية وحافظة واعية، فقد روي أن الأصمعي كان يحفظ ستة عشر ألف أرجوزة وأن حمادا الراوية كان يحفظ ثمانية وعشرين ألف قصيدة وحين امتحنه أحد الخلفاء أن يسمعه على كل حرف من حروف المعجم قصيدة أنشده مئات القصائد حتى سئم الخليفة ثم وكل به من يسمعه ويروى انه قد أنشده ألفين وسبعمائة قصيدة، ويروى عن عمرو بن العلاء قوله ما انتهى اليكم مما قالت العرب الا أقله ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير,,
ان من يلقي نظرة على كتب التراث سيلقى فيضا زاخرا كجمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي وأخبار الشعر للصولي وأخبار أبي تمام وديوان الحماسة للبحتري والأمالي لأبي علي القالي وخزانة الأدب لابن حجة الحموي ودواوين الشعر الضخمة التي تمثل مئات الدواوين في الفنون المختلفة وبخاصة في العصر العباسي والأندلسي حيث راجت سوق الشعر والأدب اذ كانت بعواصم الخلافة منتديات أدبية يتداولون فيها الشعر ويتبارون في قوله.
وكثيرا ما كانوا يحتفلون في مجالسهم الخاصة بالشعر والشعراء ويفيضون عليهم من عطائهم وسخائهم فكان اعزازهم للأدب والشعر من أكبر الأسباب التي دعت الى ازدهاره بين الناس على اختلاف طبقاتهم.
وللشعراء ورواتهم أحاديث وأعاجيب وقصص,, فقد كان وسيلة من وسائل التعبير الأدبي واحتفاء الناس بالشعر هو احتفاء بالفصاحة والبلاغة والبيان وتصوير العواطف والمشاعر وآلام الأمة وآمالها وقد احتفوا بشعرائهم كما احتفوا بأبطالهم وفرسانهم، حيث كانت القبيلة اذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل الأخرى فهنأتها، فهم يتباشرون به لأنه يدافع عن أعراضهم ويذود عن أحسابهم ويخلّد مفاخرهم ويشيد بمكارمهم,, وكانت قصائد الشعراء تطير عبر الصحراء ويتناقلها الناس ويرويها الرواة في أسرع من الرياح في وصولها الى المواطن الأخرى فتحدث أثرها الكبير في قلوب الأصدقاء والاعداء.
وبعد، فساحة الشعر ودواوينه وأخبار رواته تحوي الوفير من الثروة الأدبية واللغوية والبلاغية تشع منها عواطف متباينة وتحلق بنا في أجواء متعددة ذات صدى يتردد على مدى الزمان.
|
|
|
|
|