أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 8th May,2000العدد:10084الطبعةالاولـيالأثنين 4 ,صفر 1421

الثقافية

خالد البنيان: وداعاً ألف رجل
خالد محمد البيتي *
خالد:
كان يوما مضرجا بالسواد ذلك اليوم الذي امتزجت فيه دموع المحبين بزخات المطر وهم يشيعونك في مشهد يكسوه الالم الى مثواك الاخير.
وكان موقفا عصيبا على ذلك الشيخ الجليل(عبدالله البنيان) الذي وقف على حافة المثوى وقدماه لا تقويان على حمله متأملا قاعه وباسطا قلبه ودموعه لجثمانك الطاهر قبل ان ترسله ايدي المشيعين الى حياة اخرى.
تأملت ذلك الشيخ وكأني به يردد قول التهامي في رثاء ولده:


يا كوكبا ما كان أقصر عمره
وكذاك عمر كواكب الاسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر
بدراً ولم يهمل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه
فمحاه قبل مظنة الإبدار
فكأن قلبي قبره وكأنه
في طيه سر من الأسرار

خالد:
لولا اليقين لصرخت في وجه الناعي بأنك خالد خالد خالد فكيف للموت ان يختار رجلا في عز رجولته وعز حيويته وعز عطائه.
لقد اكد لنا الموت باختيارك انه في هذا الزمن الرديء لا يختار باكرا الا الرجولة المطلقة التي لا تليق بهذا الزمن.
خالد:
كنا على موعد وكنت أنتظر اللقاء فما احسن لقاءك على ما كتب اشعر به من ضآلة امامك.
كيف لا وقد تجاوزتك عمرا وتجاوزتني وعيا، وتجاوزتك في سنوات الخبرة فتجاوزتني بحجم العطاء.
خالد:
عندما اشعر بالخور كنت أتذكرك فيرتفع في مساء الذكرى حجم الطموح.
وعندما اشعر بالهزيمة أتذكرك فتخطر في بالي روح التحدي.
لقد كان الطموح والتحدي جوارك الذي امتطيته في زمن التحفنا فيه برداء الخنوع.
* *
خالد:
أتذكرك وأتذكر جلوسك الى المفكر الكبير احمد الشيباني مستعرضا معه في حوار ثقافي قضايا ونظريات فلسفية باسطا اسماء اصحابها وسط ذهول المفكر الراحل وحرج المحيطين به وينتهي الحوار بسؤاله لك عن عمرك؟ وكنت يومها دون الثلاثين.
وأمام إعجابه اللامحدود يقول لك: انت اكبر من عمرك بكثير.
نعم انت اكبر من عمرك وأكبر من زمنك.
خالد:
أتذكرك وأتذكر حديثي اليك وانا أثنيك عن قرار الاستقالة يومها قلت لي,, ما دمت قادرا على العطاء فلن اتقوقع داخل أسوار الوزارة.
وقلت لك: لكن عمل الوزارة هو الأمان في هذا الزمن المتقلب.
فقلت لي: الأمان نحن الذين نصنعه بعملنا وعطائنا ولا تصنعه الوظيفة العامة.
**
خالد:
بعدك سوف ألعن كل العوازل الصخرية الممتدة بلا رحمة على اطراف الطرقات كالقنابل الموقوتة، فقبل سنوات التهمت اخي الاكبر في وضح النهار وبالامس التهمت اخي الأصغر في جنح الليل.
* *
خالد:
أتذكرك وأتذكر رأيا ساخرا للزميل حسن التركي نقلته لي ذات يوم وضحكنا حتى الالم قلت لك يومها اجمل ما في التركي انه لايستودع نفسه شيئا.
فقلت لي وهذا سر نقائه.
لقد كان التركي في يومنا الاسود آخر المودعين اطل على القبر بعينين دامعتين لا يكاد يبين بياضهما من شدة الاحمرار ولولا العزاء لانفرط كطفل وليد قال وهم يهم بمغادرة المكان: وماذا بعد التراب؟
يا حسن آه من هذا التراب.
**
خالد:
أتذكرك أيها الحبيب وأتذكر تلك القهقهة البيضاء والتي كانت تجلجل في كل حديث دار بيننا تذيله بكلماتك الحبيبة الى نفسي (جعلك تسلم يا بو محمد).
ياأيها الحبيب لو كان القبر يسمعني لقلت له الكثير عنك لكني أقول لك بنفس ملؤها الامل في رحمة السماء.
(جعلك تدخل الجنة يابو عبدالله).
* *
خالد:
لقد ارتفعت الاكف حول مثواك تدعو لك بالثبات, ويقيني ان الذي يوهبك الثبات دون رأيك ومواقفك لن يسلبك إياه عند السؤال.
رحماك يارب.
*القناة الأولى التلفزيون

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved