قالت العرب,, مقتل الرجل بين فكيه,, وكانوا يقصدون اللسان,,وقالوا,, لسانك حصانك,, إن صنته صانك,, وإن خنته خانك,,وجاء سؤال معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم يقول: وهل نحن محاسبون بما تقوله ألسنتنا,, أو كما سأل، فقال صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يامعاذ,, وهل يكب الناس على وجوههم أوقال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم,.
وكثيرون تحدثوا عن هذا اللسان الذي ينبطح في نفق الفم عند الإنسان يرتفع وينخفض,, ويلف ويدور,, ويتسخ كثيراً بساقط الكلام والشتم والنميمة ويصبح نظيفاً,, بذكر الله، وبالتسبيح والتحميد، واللفظ الحسن.
واللسان يقتل صاحبه,, مثلما يرفعه ويعليه وهو يقوده إلى المحامد والمنازل الرفيعة ديناً ودنيا, مثلما يهوي به إلى الدرك الاسفل عندما يمده الشيطان بمائل القول ومعوج الحديث,.
والآن في عصرنا الحاضر,, يدخل اللسان في كل شيء ويزيد صاحبه ذنوباً وعذاباً,, فالمخترعات الحديثة جذبت اللسان ووظفته بدون مؤشرات ولا شهادات، يكفي أنه لسان، ويكفي صاحبه أنه لم يركد عقله بعد ولم تستقر عاطفته، ولم ينهل من معين الذكر الحكيم مايسبح به نفسه ويقيد به هذا المنفلت بدون زمام ولاقيد.
عندما يهدأ الناس في نومهم يستيقظ آخرون يهذرون عبر أسلاك الهاتف وتغلب الاتهامات للآخرين على ما يجري عبر هذا الهاتف ومعظمها اتهامات باطلة، ويجري عبر الهاتف اعتداءات على المحارم,, ويخترق هذا اللسان عبر الهاتف أسوار المنازل,, وتبدأ المراهقة في مرانها المستمر والذي لا يصل إلى نتيجة فرض الضمير الحي، ولاتناسب القيم الأصيلة.
واللسان عبر الهاتف يدبر الصفقات التجارية,, وفيها من المكاسب الشيء الكثير لكنها مكاسب فيها الحلال وفيها الحرام, والضمير بين هذاوهذا ميت لا يهمه شيء.
وبدون الهاتف يستطيع اللسان ان يقيم العداوات ويخترع الاسباب لزرع بذور الفتن والفرقة بين الافراد وبين الأسر.
وهذه اللغة جزء من لغة فيها الصالح والطالح,, وكلها لغة، لكنها تنصب في مجاري متعددة,, وكل لغة لها عقابها وثوابها.
واللغة تنقاد للسان على غير مانريد فهو الذي يكيفها وينوعها ويبرزها وهذا كله تابع لأخلاق الإنسان وبنائه التربوي، وتأثره بمن حوله, ولا يستطيع الإنسان على مر الزمن ومع سني عمره أن يحصي الصالح والطالح أو يغلب شيئاً على شيء,, لكنه يظل متمسكاً بالاستغفار,, ماحي الذنوب.
|