| الاخيــرة
ليس هناك قوة في الارض تستطيع ان تكرهنا على التخلي عن عقيدتنا التي نؤمن بأنها وحي من رب العالمين، فهي شريعته على الأرض، وهو سبحانه أحكم الحاكمين.
لا أظن في الوقت نفسه أن المنصفين في هذا العالم يمكن ان يطالبونا بشيء من ذلك,, لكن الأرجح أنهم لا يعلمون تماماً بما يدور بين جدراننا، نتيجة غموضنا، ولهذا فهم يقعون ضحية لهرطقات الحاقدين، وأراجيف المغرضين، وأكاذيب الخصوم الظاهرين وغير الظاهرين, والذي كان لزاماً علينا في هذه الحالة هو فتح النوافذ للشمس كي تسطع الحقيقة التي أمامها ستتراجع كل الدعاوى الواهية التي قامت في الأصل على أسس هي من جهتها واهية أيضاً.
كانت جهودنا غير كافية في مواجهة ما كنا نتعرض له من إساءات وإيذاءات، إذ من الصعب ان يقتنع العالم بمجرد ردود الفعل التي تصدر عنا في مواجهة السموم التي تحوم حولنا,, كان من اللازم أن ندع الواقع الذي نعيشه يتحدث عنا مباشرة إلى ذلك العالم,.
إن أكثر ما يهم منظمات حقوق الإنسان كما تقول هذه المنظمات نفسها هو الحريات العامة في البلاد وما يتبعها أو يدخل تحت لوائها من حرية التعبير، والمشاركة في القرار أو في إدارة الشؤون العامة أو شؤون الناس، وكذلك وضع المرأة، والقضاء، وأوضاع الأجانب، وأوضاع السجون بما فيها السجون السياسية، وعلاقاتنا بكل هذه الامور هي افضل بكثير جداً مما هي عليه في مجتمعات لا تجد من المنظمات المعنية ما نجده نحن من ظلم وعنت، هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فإن كل تصرفاتنا في هذه الشؤون إنما تنبع في الاصل مما تمليه علينا شريعة نحن نؤمن باننا لا نستطيع، ولا يمكن، أن نغير في ثوابتها أي شيء، فالحريات العامة لها قوانينها، فلا يمكن مثلا الارتداد عن الدين، وحرية التعبير لها ضوابطها، فلا يمكن مثلا أيضا الدعوة الى ترك الصلاة أو إلغاء الحج أو التجاوز عن صيام شهر رمضان، والمشاركة في الشؤون العامة وفي إدارة شؤون الناس مكفول بالشورى الإسلامية، والمرأة في علاقاتها بعجلة الانتاج في مجتمعها لها تقاليدها الشرعية التي ترفض المرأة المؤمنة نفسها التخلي عنها أو الخروج عليها, والسجون السياسية لم يؤخذ فيها قط بأي طرق من طرق البطش أو التصفيات أو الخروج من البيت الذي ليس بعده عودة.
إننا مجتمع من البشر الذي هو عرضة للإغراءات والغوايات وجيلنا والجيل الذي سبقنا يعرف ان هناك من كانت له بعض الاجتهادات او الممارسات المؤدلجة أو المسيسة فانخرط في تنظيمات غير مشروعة كان هدفها محاربة النظام القائم ومع ذلك فهم يمشون بيننا اليوم، ويعيشون معنا في كل مكان، متمتعين بجميع حقوق المواطنة في الكسب الحلال وقول كل ما يرون قوله,, بل ان بعضهم قد أعطيت له الفرصة ليتسنم مناصب عالية في الحكومة نفسها او في القطاع الاهلي، ولم يُحكم منهم أحد بأحكام قاسية إلا من بلغ ما فعله مستوى الجريمة قتلا أو تفجيرا كالذي حدث مثلا لمرتكبي حادث تفجير العليا بمدينة الرياض، وذلك بعد أن مروا بمحاكمة سجلوا فيها اعترافاتهم الصريحة بما ارتكبت ايديهم,, لهذا كله نحن كثيرا ما نضحك بملء أشداقنا عندما نسمع عن اكتظاظ السجون السعودية بالسجناء السياسيين، ونضحك أكثر وأكثر عندما نسمع عن أنواع التعذيب الذي يتعرض له هؤلاء!.
أما فيما يتعلق بوضع الأجانب في البلاد فيكفي دليلا على مغرياته أن هناك اليوم بيننا أكثر من ستة ملايين أجنبي، عدا المتخلفين او المقيمين بطريقة غير مشروعة, هذا فضلا عن أن تأشيرات الدخول إلى السعودية في بعض البلدان تصل في البورصات السوداء الى حوالي عشرين ألف ريال للتأشيرة الواحدة,, وكل ذلك يدفعه ديناً طالب التأثيره كي يجد له مكاناً فوق هذه الأرض.
إن فوز المملكة بعضوية لجنة حقوق الإنسان هو أول النوافذ التي نفتحها باتجاه العالم، فلا نكتفي بردود الفعل بل نتجاوز ذلك الى الفعل نفسه، فهذه نوافذنا اليوم مشرعة لمن يريد أن يعرف حقيقتنا التي لم نخجل منها قط,, بل هي مدعاة فخر واعتزاز لنا.
وفضلا عن ذلك فإن هذا سيعطينا الفرصة أكثر من الماضي لبسط مبادئنا وعقائدنا أمام هؤلاء,, وهم عندما يختبروننا ويختبرونها عن قرب سنجد وستجد منهم كل التفهم المطلوب، على الأقل في أوساط المنصفين من بينهم، اما في أوساط غير المنصفين فهم على الأقل سيدركون أنه لا فائدة من ملاحقتنا بسهامهم فنحن لن نحيد عن عقائدنا الا إذا حدنا عن أرواحنا، فييأسون، ويتعبون,, ثم يخلدون إلى الراحة,!
العالم دائماً يحترم الواثق من نفسه,, الواثق من ثوابت حضارته! هذه هي القاعدة الذهبية التي قلما نجد لها شواذا,!
|
|
|
|
|