أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 7th May,2000العدد:10083الطبعةالاولـيالأحد 3 ,صفر 1421

القرية الالكترونية

حديث الشبكة
بعثة دراسية بستين ريالاً
خالد أبا الحسن *
خطر لشاب هندي ان يدخل الى مقهى انترنت في احدى ضواحي مدينة نيودلهي الهندية وفي ذهنه مهمة ظل اشهرا عدة يعمل من اجل انجازها من خلال الانترنت فتوجه الى صاحب المقهى فأخبره بأن عليه دفع ما يعادل ثمانية دولارات امريكية لاستخدام احد تلك الاجهزة بخلاف ما يختار شربه مما يقدمه المقهى، وقد قبل الشاب على مضض ان يدفع ذلك المبلغ الذي اضناه جمعه لينفقه في ساعة! وبعد دخوله اخرج ورقة كانت في جيبه وبدأ في ادخال جملة من المواقع التي نصحه استاذ جامعي هندي بزيارتها متى ما تمكن من ذلك وبعد ساعة تقدم الى صاحب المقهى واخبره بانه انتهى من استخدام الجهاز وبعد مضي بضعة اشهر اخرى رجع ذلك الشاب وفي جعبته ثمانية دولارات وبعد لحظات ارتفع صوته بالصراخ والضجيج واثار زوبعة من الارباك حوله ثم احتضن اقرب الزبائن اليه وطبع قبلة حارة علىخده قائلا: (اني احبك, أنت فأل خير لي, أنا ذاهب لأمريكا,) وتوجه بعدها الى صاحب المقهى متهللا وامطره بوابل من القبل شاكرا ومعبرا عن امتنانه له بفتح هذا المقهى وهذا المشروع الناجح وقال له ان انفق اليوم اثمن دولارات حصل عليها في حياته فما الذي افرح هذا الشاب حين انفق ستة عشر دولارا ليستخدم الانترنت؟
لقد حصل هذا الشاب على منحة كاملة للدراسة مجانا في جامعة اوربانا تشامبين في ولاية ايلينوي الامريكية وذلك حين تقدم بطلبه اليها(في المرة الاولى من دخوله المقهى) من خلال موقعها على الانترنت ضمن جامعات اخرى وبعث اليهم بأوراقه بريديا ومكث بضعة أشهر بعدها ينتظر ردود تلك الجامعات ولدى عودته إلى المقهى وجد ضمن بريده الالكتروني تهنئة من الجامعة بقبوله ودعوة ليتوجه الى السفارة الامريكية في الهند لاستكمال اوراقه لقد حصل على منحة دراسية مجانية من جامعة امريكية نتيجة استثماره الواعي لستة عشر دولارا, وقد انتهى هذا الطالب من دراسته مؤخرا وقد عاد لتوه الى الهند ليعمل في هندسة الحاسب الآلي.
حين استمعت لقصة هذا الشاب من استاذ هندي في جامعة امريكية احسست بمرارة وانا اتأمل ما عمله هذا الشاب الهندي بحفنة من الدولارات التي امضى اشهرا لجمعها, لقد انفق هذا المبلغ الذي يعد مبلغا كبيرا بالنسبة لشاب هندي عاطل ليبحث عن فرصة تعليمية وتمكن من الحصول عليها, احساسي بالمرارة منبعه ما اراه في منتديات التخاطب المتناوب وقنوات الحوار الحي التي تفيض بمرتادي مقاهي الإنترنت من أبنائنا وبناتنا ولساعات طويلة، أليس في الانترنت ما يمكن لابنائنا الافادة منه بشكل افضل مما عليه الحال؟ أم ان الانترنت ستخضع لما خضع الهاتف (بانواعه) والسيارة وغيرها من وسائل المواصلات والاتصال التي سخرها البعض للممارسات المرفوضة من معاكسات وتجسس واختراق وعبث لا منتهى له ولا رادع لا من دين او خلق, هل هذا ما ننتظره من شبابنا؟ لا أظن ذلك ولا آمله وأحسب ان بامكانهم القيام بما هو افضل من ذلك بكثير, انه ورغم وجود الامثلة السلبية التي اشرت اليها فقد رأيت نماذج مشرفة لما يقوم به شبابنا وبناتنا على الانترنت من مواقع تعليمية وحاسوبية وتوعوية وصفحات ادبية واسلامية وعلمية ومهنية وما الى ذلك من النماذج التي يفخر بها المرء, ولكن المؤسف ان هذه النماذج لاتزال قليلة بينما يتزايد اولئك الذين يقتلون اوقاتهم في التخاطب والحوار دونما طائل ليؤذوا انفسهم ويضيعوا اموالهم وجهودهم فيما لا فائدة ترجى منه.
وان المرتجي ان يعي شبابنا ان الانترنت ليست قنوات حوار وحسب ولو انهم غيروا نظرتهم الى الانترنت لوجدوا ان الوقت لايكاد يكفيهم للافادة منها على وجه أمثل, ان الانترنت نعمة انعم الله بها على انسان هذا العصر وحري بالمرء ان يفيد من هذه الوسيلة ويبحث عن اوجه الافادة منها في دينه وعمله وكافة شؤونه , كما ان نجاح ذلك الشاب الهندي في الحصول على بعثة دراسية واتمامها بنجاح انما كان لوجود النظرة السليمة لديه لما يحتاجه من الانترنت وللكيفية التي يستطيع بها استثمار ساعة غالية من الوقت على الانترنت لقد احسن الاستثمار وقطف الثمرة.
* جامعة انديانا

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved