|
| الاخيــرة
تتباين الاستراتيجيات طبقا لواقع الدول فبعض الدول تعطي الأولوية في استراتيجيتها لضمان أمنها أو ترتيب وضعها السياسي لكن المملكة بحمد الله قد تجاوزت هذه الأمور بمراحل فكان لابد لها ان تضع استراتيجية ما، ذات منطلقات اقتصادية في ظل استقرارها الأمني والسياسي, والمنطلقات الاستراتيجية تنبع في الغالب من المعطيات الطبيعية والبشرية المتاحة، وعين البصير العاشق للانتاج يرى أن ينابيع الانتاج القابل للاستمرار لن يتأتى إلا من خلال الاختيار الأمثل للقطاعات الاقتصادية ومن ثم القدرة على ادارتها بالأسلوب الأمثل حتى تعطي أُكلها عطاء اقتصاديا يتحلى بالديمومة على المنافسة.
وأرض المملكة لا تخلو من معطيات طبيعية تتيح مجالا انتاجيا منافسا، واتاحة الفرصة للاستثمار المحلي والأجنبي فيما بعد انتاج النفط ثم اقراره وبدأت خطوات تنفيذه، وبمقدار أهمية هذا الجانب تبقى جوانب أخرى تحتاج الى قرار آخر بعد دراسته والقناعة بجدواه.
والتقنية أحد هذه القطاعات الاستراتيجية التي تحتاج الى خطوة جريئة لمناسبتها لما هو متاح في المملكة، والتقنية لا تحتاج الى معدات ثقيلة كما أنها لا تستلزم عوامل طبيعية، أو مواد خام شأن المنتجات البتروكيماوية, وهي الخيار الثاني لجلب العملة الصعبة كبديل عن البترول الخام، وغيرها من القطاعات لن يكون جالبا للعملة الصعبة بقدر ما ينحصر أثره في تقليل استنزافها.
وللحاسوب وبرامجه والخدمات التي يقدمها فرصة أكبر من غيرها اذا ما توفرت القوى البشرية القادرة على التعامل مع هذا النوع من الابداع وحتى يتوفر هذا الصنف البشري لابد من تبني خطوات ادارية غير مألوفة في مجتمعنا وهي في ذاتها تحتاج الى استراتيجية جريئة نتسلق من خلالها الى عالم جديد يكون الأوحد في الحقبة القادمة, وقبل أن نحصر أملنا في التدريب علينا ان نسلك طريقا أصعب مسلكا وأجدى نفعا، وحسبنا ان يتمثل ذلك في معايير التقويم للقوى البشرية في الكفاءة الانتاجية والقدرة العلمية، ومقدار الجدية في العمل وأن يكون لدى الادارة امكانية الاستغناء عمن يثبت عدم كفاءته وقدرته على الابداع في اسلوبه الاداري.
إن من الحكمة ادراك حقيقة التغير في المفاهيم الادارية الحديثة والمرتبطة بالمنافسة وكون ذلك لا يسمح بمحاولات وظيفية تسمح للبعض بالتربع على كرسي الادارة لتحقيق الوجاهة الاجتماعية، كما أن من العدل ان يتاح للمنتج الراغب في الانتاج مناخا اداريا ومعنويا يساعده على الابداع في انتاجه والتميز في عطائه.
والتقنية في ذاتها لا تسمح بغير الابداع والابداع لن يتم مناله دون مناخ انتاجي مميز وهذا المناخ لن يكون متوفرا دون الكفاءة الادارية والجدية في العمل والتفاني فيه.
وهذا يتطلب تغييرا شاملا في مفاهيم اجتماعية في نظر البعض أصعب منالا من التغييرات المادية التي يمكن شراؤها بمبالغ مالية.
|
|
|
|
|
