| محليــات
في المجتمع:
لن يتبادر إلى ذهني سؤال عن مدى مسؤولية المجتمع عن النشء، ذلك لأنني على يقين بالغ من أن مسؤولية المجتمع لا تقل أهمية عن تلك المناطة بالأسرة، وبالمؤسسة التعليمية، ذلك لأن المجتمع هو بوتقة المتغيرات، والذين يشرفون على كافة أزرَّة تحريكه، وإفرازاته، ومخرجاته، إنما هم الذين يملكون حق الأداء، وبذلك إتاحة التفاعل اليقظ في الأداء الواضح المدروس الذي يواجه أفكاراً نيِّرة متابعة متوقدة عارفة وملحَّة بما هو ثابت وما هو قابل للتغير,,,، أو الغامض غير المدروس الذي يواجه اتكالية، ورميّ الأمور ونتائج الأحداث على سواه في غير متابعة ولا يقظة، غير عابىء بما هو ثابت حتى لو تزعزع، وبما هو قابل للتغير حتى لو بقي على ما هو عليه.
من هنا فإن المجتمع بمرافقه، ومسؤوليه، ومؤسساته كافة يضعون لبنة بل لبنات في أبنية النشء، إما أن تكون صلبة قوية فلا تزعزعها ريح الوارد أو المتغير، وإما أن تكون هشة ضعيفة فلا تقوى أمامها وتنهار,.
ولن يكون من اللائق ألاَّ تفسح أيّ من فئات المجتمع له نافذة كي يسهم في أمر عمل شيء من أجل الناشئة، إذا نظر إلى الأمور بواقعية وكل رأى في أبناء غيره أبناءه، كما يرى في أبنائه أبناء غيره,,، أما أن يدَّعي تولِّيه مسؤولية أبنائه فقط داخل الأسرة، فإنه بذلك يتنصَّل عن تكاتف المشاركة، ومؤازرة البناء لدعائم المجتمع الخاص، والإنساني العام.
ذلك لأن الاقتصاديين يلعبون دوراً في كل الذي تقدمه مرافق الخدمات التي يهيمنون عليها ووسائلها فماذا يقدمون؟
والإعلاميون يفعلون المثل وكذلك التجار، والفنانون، وأصحاب الفكر وذوو والأقلام وسواهم فَمَن مِن هؤلاء وضع نصب عينيه الناشئة كي يقدم لها ما تحتاج إليه، قبل أن تلجأ إلى مجتمعات أخرى كي تجد فيها ما لا يفيدها، وإن أفادها فبأسلوبها الذي تقرُّه وبالطريقة التي تسمح بها، وهما ربما لا يقرُّهما جماعة المجتمع فما بالك بأفراده، ألا يُنظر إلى ثوابت المجتمع ويُحرص عليها من أبناء المجتمع، دون الاعتماد على سواهم كي يكونوا أوصياء عليها؛ ألا يمكن للمجتمع وأفراده على وجه الخصوص أن يكونوا مسؤولين عن ذلك؟! مسؤولية من يضرب سياجه على حماه منعاً من أن يطأها غيره,,.
إن المجتمع بوتقة,,.
ينصهر فيها الكبير والصغير، وتدرب فيها المهارات والخبرات، والأولى أن تدرب على الخير لا على الشر، وأن تكسب من الخبرات أكثرها فائدة ومردوداً إيجابياً، ولا يتم ذلك في ضوء نيَّات مبيتة على التصدي للآخر من المجتمع ذاته، فروح الوفاق بين المفكرين، وقبول اجتهاد الموجهين، وإناطة الثقة بالمعلمين، والاعتماد على كل مسؤول له علاقة ما بالفرد اعتماداً يقوم على التقدير والمؤازرة,,, كل ذلك يكوِّن منظومة من السلوك الفردي والجمعي تنعكس على صلابة الفرد في مواجهة الداخل وفرزه والأخذ منه بما ينفع,,.
والمجتمع الذي يعي رعاته دورهم ممثلاً في مسؤولية وطنية، واجتماعية بحيث تقوم على التكاتف يرفض أيَّ متغيّرٍ سالب، ويحاربه ويقضي عليه، دون أن تكون الناشئة مَصدَراً مُمَثّلاً، أو مُمارساً أو ناقلاً له، إذ لن يتاح لها ذلك في ضوء وجود يقظة شاملة تحارب كلَّ دخيل سالب، وتحرص على كل ثابت موجب.
ولعل مناط كل ذلك الإيمان بالله تعالى،
وتحقيق قيم التربية الإسلامية،
وصناعة النماذج القدوة وإشهار مبدأ التنافس في هذه الصناعة، وهذه النماذج,,.
وإحاطة رموز الرعاة العاملين والمجتهدين بكثير من التقدير في المجتمع لحفزهم نحو المزيد,,.
من هنا تتكامل مسألة الناشئة,,.
وتستوي للنشء بيئة صالحة,,,، وأجواء صحية كي تنمو فيها مُقَدَّراتهم، وقدراتهم، في الضوء لا في العتمة، وعلى الصواب لا على الخطأ,,.
في جوٍّ وجداني يشد إلى البيئة الصغرى، ومن ثم الكبرى بحيث لا يخرج النشء عن أطرها لأنها عند ذلك تكون إلى المثالية أقرب.
وإن لم تحقق المثالية فلا أقل من أن يجد فيها الناشىء مظلته التي تقيه العثرات ولا تنبذه لمجرد الهفوات,,.
ألا فإن في النفس المزيد في هذا الأمر,,.
ألا فإن صوتها قد شقَّ عن النفس اطمئنانها، وبعثر في الحول الثقة، وأعادني إلى فتح فوَّهات الأسئلة,,.
وصوتها وحده أيضاً فتَّق خزائن الإجابات,,.
وآمل ألاَّ تمتد إليها الأصابع تحمل الأقفال من باب: الباب اللي يجيك منه الريح اغلقه كي تستريح .
و,,, انظروا معي إلى حيث الناشئة,,, استمعوا لهم، قابلوهم، امنحوهم وقتكم قليلاً كي تعملوا شيئاً خاصاً بهم,, وذلك فيما بينكم وبينهم وفيما بينكم وبينكم،,,.
وفيما بينكم وبين الله تعالى,,.
حفظ الله الناشئة يكلؤهم بعينه التي لا تغفل لحظةً ولا تنام,,.
وكنفهم في كنفه الذي لا يضر ولا يضام,.
ووفقكم جميعاً.
|
|
|
|
|