| أفاق اسلامية
* تحقيق: يوسف بن ناصر البواردي
الجزء الثاني
دائما يدفع الأبناء فاتورة خلاف الآباء ومشكلاتهم!! لكن اذا كان هذا الخلاف تطاحناً وضربا موجعا,, فان الفاتورة تكون هذه المرة مرتفعة جدا!! هذه قصة فتاة عاشت بين احضان اسرة غير مستقرة، أب وأم يتشاجران على كل كبيرة وصغيرة، اصبحت سمة هذه الأسرة التخاصم في الصباح والمساء,, ولّد هذا النزاع عند الأبناء شعورا بالخوف وعدم الاطمئنان ومن ثم الحياة الأليمة,, تُحدِّثنا هذه الفتاة عن هذه المأساة التي تناشد فيها الآباء والأمهات قائلة: يا من استرعاهم الله هذه الرعية التي سيسألون عنها يوم القيامة,, هلاّ اعتبرتم بما يحدث حولكم من ضحايا الطلاق,, فنحن كنا في أسرة مستقرة يرفرف عليها السكون والهدوء والمودة,, وسبحان من غير الحال وبدل المآل, اصبحت حياتنا سلسلة من الخلافات والمشاحنات بين أبي وأمي، لا يكاد يمر يوم إلا وتنشب المعارك الضارية تتخللها الصيحات والشتائم؛ بل الضرب الذي نرى فيه دماء أمنا تسيل,, حيث أذكر في أحد الأيام أن والدي تشاجر مع أمي حول قضية تافهة تضخمت فما كان من أبي إلا أن جرّ أمي على الأرض على مرأى منا وأراد إخراجها في الشارع وهي تصرخ بأعلى صوتها لولا رحمة الله,, لقد أصبحت حياتنا مملة ومخيفة وغريبة بعكس الناس تماماً,, الأبناء في بيوتهم يفرحون بقدوم والدهم ونحن نفرح فرحاً شديداً بخروجه,, الأبناء في بيوتهم يحزنون لخروج والدهم,, ونحن نتضايق ونشمئز من مجيئه,, الى ان أتى ذلك اليوم وطلّقت فيه أمي التي كنا نبكي تحت قدميها وهي تحمل أمتعتها,, أوضحت لنا أن السبب الرئيسي في اختيارها لهذا القرار حتى لا نصاب بحالة نفسية او جنونية من كثرة ما نراه من شجار وشتائم,, ولكن يا ترى ماذا نتج عن هذا الطلاق؟! لقد اصبحنا غرباء في هذا المجتمع,, في المدرسة وفي الشارع وفي كل مكان,, لقد حاصرنا المجتمع بالاتهامات والنظرات الغريبة,, ومن الطالبات من رفضت صداقتي والسبب أن أمها حينما علمت أنني بنت مطلقة خشيت على أخلاق بنتها,, هل لهذا الحد يحكم على أبناء المطلقات بالأخلاق السافلة؟!! أم ان الطلاق له نتائجه المعروفة؟ أصبحنا ننتظر الأسئلة كل يوم عن سبب طلاق أمنا,, والمصيبة العظمى في هذه المأساة قضية أحد اخوتي الذي وقع في قضية أخلاقية وهو الآن في دار الملاحظة,, إلى غير ذلك من الحالة النفسية عند بعض اخوتي الذين كرهوا الزواج وهذه العلاقة الإنسانية!!
أخي القارىء: ما قرأته قبل قليل صيحة ضمن آلاف الصيحات فهل يا ترى ستجد قلباً واعياً يدرك عظم هذه القضية، فلقد أكدت الدراسات العديدة التي أجريت أن الطلاق وما يتبعه من آثار وأخطار تصيب شخصية الأبناء بالاضطراب والقلق والتوتر، ولقد شملت هذه الدراسات الاحداث المودعين بمؤسسات الاحداث، وأظهرت ان اكثر من ثلثي المودعين بها قد انحرفوا من جراء تصدّع أسرهم بالطلاق، وزواج الأم من آخر لا يطيقه الأبناء، وزواج الأب من اخرى يخشى منها على الأبناء,, كما ان اغلب الأبناء الذين يعانون نتيجة غياب الأب أو الأم او كليهما من جراء الطلاق يبحثون عن عالم ينسون فيه مشاكلهم فيقعون فريسة في أيدي رفاق السوء بينما ينحدر أكثر من نصف هؤلاء الأبناء في ظلال الانطوائية وحب الانعزال والانسحاب.
تجارب ونتائج
ولكن على الجانب الآخر أخي القارىء تجارب طويلة لنساء فوق الثلاثين والخمسين صارت حياتهن هادئة ومستقرة، ويبعثن هذه التجارب لكل زوجين سواء دخلا عش الزوجية ام لم يدخلا.
تقول الأخت أم خالد: لقد اتضح لي من خلال ثلاثين سنة تزوجتها ان احترام الزوج وعدم الدخول معه في مصادمات وقت الغضب كفيل بإذن الله باستمرار الحياة الزوجية.
وتقول إحدى المدرسات: لقد أحسست ان زوجي يقدّر علاقتي به التي بلغت اربعين سنة بسبب وقوفي معه دائما وقت الشدائد، حيث ان ذلك يعتبر جميلا لن ينساه الزوج ولو طالت المدة.
وتقول الأخت (ن, ح) انا مدرّسة منذ عشرين سنة وعندي تسع فتيات وقد اتضح لي قبل زواجي ان غالبية حدوث الطلاق من فوضوية المعلمات وعدم التنسيق في ذلك، فحينما تزوجت كنت أذهب الى المدرسة وقد جهزت كل متطلبات البيت ويأتي زوجي ولا يحس بأي تقصير.
أما الأخت أم صالح فتؤكد على ان الزوجة الصالحة هي التي اثبتت جدارتها في ذلك وعقدت العزم على أن تكون زوجة له في الجنة؛ فهي في علاقتها مع زوجها تسره إذا نظر إليها ولا تغضبه وتحفظه في نفسه وماله.
الحلال البغيض
ما سبق حديث عن تجارب الزواج ولكن ما هو مفهوم الطلاق؟ يحدثنا فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عضو هيئة كبار العلماء حول المفهوم الصحيح للطلاق فيقول: مما لاشك فيه ان الطلاق عملية هدم لبناء الأسرة، وقد يأتي عند بداية الطريق وقت وضع اللبنات في الأساس، وقد يأتي متأخراً بعد إنجاب الأولاد,, ومع التسليم بأن الطلاق عملية هدم الا انه في الإسلام هدم منظم يحافظ على اللبنة فينقلها من مكان الى آخر اكثر تلاؤما دون كسرها او اهمالها,, مضيفاً فضيلته أن الأصل في الطلاق مكروه، إذا إنه يحصل به تفويت مصالح الزواج، وتشتيت الأسرة، وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبغض الحلال إلى الله الطلاق رواه ابو داود وابن ماجة والبيهقي والحاكم وغيرهم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه ويقول الشيخ ابن عثيمين: يكره الطلاق من غير سبب ولا حاجة لما رواه مسلم في صحيحه في كتاب (صفة المنافقين وأحكامهم) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، فيجيء أحدهم يعني من جنود إبليس فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول له: ما صنعت شيئاَ ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرّقت بينه وبين زوجته فيدنيه منه ويقول: نعم أنت وقال في رواية: فيلتزمه يعني يضمه اليه ويعانقه ,, ويؤكد فضيلته أن الطلاق ضرورة إنسانية تحتمها الفطرة البشرية، ويقتضيها الإصلاح الاجتماعي، وذلك لزوجين ظنا أن يعيشا في سعادة ثم اكتشفا أنهما كانا مخطئين، وأنه يستحيل بقاؤهما الى الأبد زوجين، مضيفاً كذلك أن الطلاق ليس شراً محضاً على المرأة، بل قد يكون خيراً لها وللرجل في حالات كثيرة، وقد يكون نجاة لها من وضع اجتماعي لا تطيق الصبر عليه، او من زوج ظالم لا يحترم لها حقاً ولا يرعى لها حرمة ولا كرامة، أو من زوج فاجر لا يخاف الله تعالى ولا يرجوه، فجواره شؤم، وفراقه خير وبر، أو حتى من زوج كتب الله بغضه في قلبها، فهي لا تطيقه بحال من الأحوال,, ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أصحاب السنن وأحمد وغيرهم عن ثوبان رضي الله عنه وهو حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة طلبت الطلاق أو سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ولا شك أن هذا الحديث صريح في تحريم أن تسأل المرأة زوجها أن يطلقها من غير سبب.
بغض المرأة
ويسهب الشيخ ابن عثيمين في حديثه قائلا: لا شك أن بغض المرأة زوجها بغضاً يحول بينها وبين القيام بحقوقه والوفاء بحاجته الشرعية يعد سبباً وجيهاً للطلاق,, ولهذا لما اختلعت حبيبة بنت سهل الأنصاري من زوجها ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه وقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : والله يا رسول الله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام وكانت تبغضه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بطلاقها وقال: خذ الحديقة وطلقها تطليقة وكان رجلاً دميماً ولكنه كان خطيباً مفوهاً، جهير الصوت، وكان من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، شهد معركة أحد وبيعة الرضوان، وهذا الحديث صحيح، رواه مالك وأبو داود والنسائي وغيرهم,, وبذلك يتضح لنا الخطأ الذي يقع فيه البعض حين يقول إن الطلاق ظلم للمرأة، فهناك العديد من الحالات يصبح فيها الطلاق مطلباً ملحاً تحاول المرأة تحقيقه ولكن يحول بينها وبينه رجل ظالم، متلاعب، محتال، يلعب بها ويحتال عليها فلا تستطيع أن تثبت عند القاضي ما يدعو الى إلزام زوجها بالطلاق، مع أن المرأة مستعدة أن تفتدي نفسها من زوجها بالغالي والنفيس.
وفاق ومحبة
ثم تحدث بعد ذلك فضيلة الشيخ د, صالح بن عبدالله بن حميد عضو مجلس الشورى وإمام وخطيب المسجد الحرام حيث اشار إلى ان العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية مادية ولا شهوانية بهيمية، بل علاقة روحية كريمة وحينما تصح هذه العلاقة وتصدق هذه الصلة فإنها تمتد الى الحياة الآخرة بعد الممات: (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم), (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم).
مضيفاً فضيلته أن مما يحفظ هذه العلاقة ويحافظ عليها المعاشرة بالمعروف، ولا يتحقق ذلك الا بمعرفة كل طرف ما له وما عليه,, وان نشدان الكمال في البيت وأهل البيت أمر متعذر، والأمل في استكمال كل الصفات فيهم أو في غيرهم شيء بعيد المنال في الطبع البشري,, مؤكدا فضيلته كذلك أن من رجاحة العقل ونضج التفكير توطين النفس على قبول بعض المضايقات والغض عن بعض المنغصات، والرجل هو رب الأسرة مطالب بتبصير نفسه أكثر من المرأة، وقد علم أنها ضعيفة في خَلقها وخُلُقها إذا حوسبت على كل شيء عجزت عن كل شيء، والمبالغة في تقويمها يقود الى كسرها وكسرها طلاقها,, يقول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: (واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا) مشيرا إلى أن الاعوجاج في المرأة من أصل الخلقة فلابد من مسايرته والصبر عليه، فعلى الرجل الا يسترسل مع ماقد يظهر من مشاعر الضيق من أهله وليصرف النظر عن بعض جوانب النقص فيهم، وعليه أن يتذكر ولا يتنكر لجوانب الخير فيهم وإنه لواجد في ذلك شيئا كثيرا,, مستدلا فضيلته بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة اي لا يبغض ولا يكره إن كره منها خلقا رضى منها آخر), وليتأن في ذلك كثيرا فلئن رأى بعض ما يكره فهو لا يدري أين أسباب الخير وموارد الصلاح, يقول عز من قائل: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).
أين السكن والمودة؟!
ويطرح فضيلته بعض التساؤلات بقوله: كيف تكون الراحة؟ وأين السكن والمودة؟ إذا كان رب البيت ثقيل الطبع سيىء العشرة ضيق الأفق، يغلبه حمق ويعميه تعجل بطيء في الرضا سريع في الغضب، إذا دخل فكثير المن وإذا خرج فسيىء الظن، وقد علم أن حسن العشرة وأسباب السعادة لا تكون الا في اللين والبعد عن الظنون والأوهام التي لا أساس لها,, إن الغيرة قد تذهب ببعض الناس الى سوء ظن,, يحمله على تأويل الكلام والشك في التصرفات، مما ينغص العيش ويقلق البال من غير مستند صحيح قال سبحانه: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
أما المرأة المسلمة فينبهها فضيلته بقوله: فلتعلم المرأة المسلمة أن السعادة والمودة والرحمة لا تتم الا حين تكون ذات عفة ودين تعرف ما لها فلا تتجاوزه ولا تتعداه, تستجيب لزوجها فهو الذي له القوامة عليها يصونها ويحفظها وينفق عليها، فتجب طاعته وحفظه في نفسها وماله، تتقن عملها وتقوم به وتعتني بنفسها وبيتها, فهي زوجة صالحة وأم شفيقة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، تعترف بجميل زوجها ولا تتنكر للفضل والعشرة الحسنة حيث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا التنكر ويقول: (رأيت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن, قيل: أيكفرن بالله؟ قال: لا, يكفرن العشير لو أحسنت لإحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط), فلابد من دمح الزلات والغض عن الهفوات,, ولا تسيء إليه اذا حضر ولا تخونه اذا غاب, بهذا يحصل التراضي وتدوم العشرة ويسود الألف والمودة والرحمة, وكما قال عليه الصلاة والسلام: (أيما أمرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة).
تراكم المشاعر
وفي هذا الصدد ترى الدكتورة رقية بنت محمد المحارب بأن هناك قولا شائعا أن (المشاعر المكبوتة لا تموت) والطلاق محصلة لمشاعر كثيرة تراكمت فوصلت الى حد الانفجار,, وهذا في الغالب، وإلا فهناك حالات ليس للطلاق أي مبرر مقنع, لذلك تعتبر د, رقية ان العلاقة الزوجية هي استثمار لابد من تنميته، ووضع الخطط، وإيجاد الوسائل لنجاحه؛ ولكن هناك اشياء من العقل السكوت والتغاضي عنها لأنها من طبيعة البشر التي لا يمكن الا التعايش معها,, موضحة ان من الأشياء الفعالة لديمومة العلاقة الزوجية بدون منغصات حقيقية الصراحة والتفاهم ومناقشة الأمور بشكل هادىء وعقلاني، وهذه الصراحة والتفاهم لا تؤتي ثمارها الا في أجواء من الاحترام المتبادل، فبدون التقدير والاحترام لا يمكن ان يعطي الإنسان مشاعره، ولذا كانت الوصية النبوية باختيار ذات الدين، لأنها تهيىء الجو ولأنها تعي دورها، والواجبات التي عليها، ولهذا أيضاً كان الحث على تزويج من ترضون دينه وخلقه، لأنه يتقي الله، ولأنه يتمتع بصفات اخلاقية تحثه على العدل والتسامح والعطف والحنان,, وعندما يبتعد المجتمع عن هدي الكتاب والسنّة، وتكثر الطروحات التي تحث على التمرد تستترف الجهود البشرية والإمكانات المادية والفكرية لحلول مشكلاته وقد كان في غنى عنها,, ولهذا فإن ثبات العلاقة الزوجية علامة على صحة بنية المجتمع وتماسك أركانه,, ومجرد وصول الزوجين الى طريق مسدود دليل على ان التفاهم لم يكن تاماً أو أن الاتفاق على التعامل مع المشكلات كان ناقصاً او معدوماً, وتستطرد د, رقية بقولها: كما ان الشركاء يعقدون الاجتماعات لمراجعة سير الشركة فإن الزوجين شريكان في اهم مؤسسة ولذا فهما أولى من غيرهما بعقد جلسات يفتحان يها العقول والقلوب، ويتفقان على وسائل تقوية هذه الرابطة وحمايتها من الخلل.
ورقة وقلم
وتنصح د, رقية الزوجين بأن يجلسا بورقة وقلم يضعان الخطط العامة لمستقبل علاقتهما، يتعاهدان على التعاون على طلب العلم والعبادة والدعوة وتربية الاطفال، ويتوزعان الأدوار ويتفهمان المواقف,, حتى لو مضى على الزواج سنوات فإن هذا ليس مبررا لعدم فتح صفحة جديدة,, كما تشير د, المحارب الى وسيلة ثانية هي عدم تدخل اطراف اخرى في هذه العلاقة فليس من المصلحة اطلاع الاقارب أو الأصدقاء على تصرفات الزوج أو الزوجة لأن هذا للأسف يحدث كثيراً وربما ادى الى تضخيم قضية صغيرة.
وتنتقل د, رقية الى الوسيلة الثالثة لمنع الطلاق فتقول: تقوية المحبة عن طريق الهدية والتعامل الحسن والمبادرة الى الإحسان كلما سنحت فرصة، وهذا فيه زيادة للرصيد العاطفي يستفيد منه الزوجان في أوقات الشدة كما الرصيد المالي الذي يستفاد منه أوقات الأزمات,ثم تشير الى الوسيلة الرابعة وهي قراءة الكتب والأشرطة التي تتحدث عن العلاقة الزوجية وسبل تطويرها والمبنية على فقه شرعي وبعد ثقافي اصيل والمكتبة الاسلامية زاخرة بكثير من الكتب والاشرطة المفيدة.
وتقول د, رقية مسترسلة: أما بعد حدوث الخلاف فإن احب الوسائل الفعالة كتابة الرسائل الى الطرف الآخر,, وكتابة الرسائل عموما شيء جميل بين المعارف والأصدقاء لما فيها من تجديد للمودة، وتطييب للخواطر، ولما تحمله من معاني الوفاء والمحبة,, وكتابة الرسالة بعد حدوث الخلاف تضعف من حدة المشاعر الغضبى، وتساعد على بث الهموم بكل صراحة، وتجعل في خاتمتها دعوة للطرف الآخر للمسامحة أو الاعتذار، أو تبيين شيء كان خافياً,, ذلك ان بعض النفوس لا تستطيع المواجهة المباشرة,, كذلك من الوسائل المفيدة اللجوء الى الله عز وجل بالدعاء والتضرع والاستغفار من الذنوب فإن ما يحدث للانسان إنما هو نتيجة لذنوبه وخطاياه,, ولو عمرت القلوب والبيوت بالتقوى لم يجد الشيطان مأوى ولم يجد الفرصة لأن يفرق بين المرء وزوجه.
حديث لا يخلو من الصراحة
بعد ذلك يتحدث فضيلة الشيخ محمد بن عبدالعزيز الماجد رئيس مركز هيئة الشفاء حول قضية مهمة بشيء من الصراحة حيث يشير الى ان هذه القضية سبب رئيسي في لجوء بعض الازواج على الزواج من زوجاتهم او تطليق زوجاتهم,, موضحاً أن هذه القضية لها علاقة في مشروعية النكاح وهي العلاقة الجنسية بين الزوجين (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) وهذا الحديث يمس واقعاً نعيشه شئنا أم أبينا ومطلب لأكثر الناس لاسيما مع دخول ثقافات أخرى واتصالنا بالعالم الخارجي.
ويشير الماجد إلى أن المرأة في الماضي كانت أكثر تحفظا وقت العشرة مع زوجها أما الآن فالأمر مختلف تماماً اذا عرفنا ذلك فإنه ينبغي على الزوج او الزوجة مواكبة هذه الأمور فيما أحل الله وأباحه لاسيما وان الشارع الحكيم يقول عن ذلك (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) ومستدلاً بقول عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لساني، وتقول كان ينام بين شعبي الأربع)، فعلى المرأة العاقلة أن تستجيب لرغبات زوجها وأن تعف بصره وفرجه وذلك بالتزين له والتفنن له وإغرائه كما يجب على الزوج ان يتزين لزوجته ويغتسل لها ويتطيب لها (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف),, ويضيف الشيخ الماجد أنه وللأسف الشديد حينما نتتبع شأن الذين يبحثون عن زوجة اخرى إنما يبحث عنها لغرض الشهوة في الغالب فعلى المرأة اللبيبة العاقلة أن تفطن لذلك ولا تجعل للزوج عليها مدخلاً في ذلك,, ويشير الماجد كذلك الى قضية مهمة وهي انه عندما تسأل إحدى النساء عن سبب وقوعها في الفساد أو إنشاء علاقة محرمة فإنك لتعجب كل العجب إذا علمت الأسباب في ذلك فبعضهن تشير الى ان الزوج لا يبالي بزوجته ولا يعطيها كفايتها من هذا الحق الشرعي وبعضهن تتضايق من شبقه وكثرة إتيانه لها وبعضهن تبرر أنها تتزين له وتتعب في ذلك ولا تجد منه الا التحطيم والسخرية والاستهزاء.
قبل الإقدام على الطلاق
ويوجه الشيخ سعود بن عبدالله المعجب رئيس محكمة الضمان والأنكحة في ختام هذا التحقيق نصيحته للزوج قبل الإقدام على الطلاق فيقول: والذي انصح به الأزواج قبل الإقدام على الطلاق ان يتقوا الله عز وجل في النساء والأولاد، فإن الطلاق عواقبه وخيمة على الأسرة بأكملها؛ فالغالب ان الطلاق يؤدي الى ضياع الأولاد إلا من رحم الله، فالولد بحاجة الى والديه خاصة في بداية حياته محتاج الى مراقبتهما له وتوجيهه وإرشاده الى الطريق الصحيح، والملاحظ أن من أسباب انحراف الشباب هو بعدهم أو فقدهم لأحد والديهم، فعلى الزوج أن يتقي الله في أولاده ويبتعد عن الغضب والتعجل في اتخاذ القرار، وأذكّره بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) كما أذكّر الزوجة بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) أخرجه أحمد وأبو داود, كما أنه يجب على الأزواج الفهم الكامل للحقوق والواجبات التي تجب على كل واحد منهما، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي),, كما وجّه فضيلته نصيحته قائلا: أنصح المقدم على الطلاق إذا كان مصراً عليه الالتزام بطلاق السنّة بأن يطلق زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ولا يتعجل ويضيّق على نفسه بإيقاع الطلاق ثلاثاً ليكون باب الأمل مفتوحاً أمامه إذا عاد لرشده ورغب مراجعة زوجته بعد زوال الغضب,
|
|
|
|
|