| أفاق اسلامية
قال أهل العلم: إن الأسماء قوالب المعاني؛ ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم استحب التسمية ببعض الأسماء دون البعض لما تحمل من معان سامية تعود على حامليها كاسم حارث وهمّام واستحبابه صلى الله عليه وسلم التسمية بعبدالله، وعبدالرحمن، وماذاك إلا لما يحملان من معان سامية، ويكفيك منها عبودية الله.
فإذا علمنا هذا، فإن تسمية بعض الأفراد بالأسماء التي لها معان قبيحة أو معان ساذجة ستنتج هذه التسميات أفرادا يترجمون هذه المسميات الى الواقع,, وقد صدق من قال: اسم على مسمى.
وعليه فيجب علينا عند اطلاقنا للكنى والأسماء أن نراعي ما تحمل من معان سامية، لأن ذلك عائد على صاحبه بالراحة، والتفاعل مع واقعه بنفسه.
ولقد بين لنا الشرع العظيم، وذلك في كتاب الله حكم التنابز بالألقاب فقد قال تعالى:(ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون).
والنهي في نص الشارع يحمل على التحريم فقوله (ولا تنابزوا بالألقاب) يدل على تحريم هذا الفعل، لاسيما ما يحدث التنابز بالألقاب من افتراق جماعة المسلمين، واختلاف قلوبهم، ولاشك أن هذا من خطوات الشيطان فقد قال تعالى:(ولا تتبعوا خطوات الشيطان).
لاسيما لما يحمل هذا الفعل، وهو التنابز بالألقاب من خصلة منبوذة مبغوضة محرمة في الشرع، وهي غمط الناس، وهو احتقار الناس، وازدراؤهم، وذلك لا يحصل إلا بالنظر الى النفس بعين النقص.
ولذلك تجد بعد النظر في المتعلقات والمترتبات على التنابز بالألقاب من الآثار والأضرار مالا يجعلك تتراخى في اطلاق التحريم على هذا الفعل.
وأخيرا لا ننسى قول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح:المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ,ان الحد من انتشار ظاهرة التنابز بالألقاب التي صارت متداولة وسمة ثابتة يمكن أن ينحصر في ثلاثة أمور:
الأمر الأول: غرس وتأسيس مبدأ وغاية عظيمة، ألا وهي تعظيم النص الشرعي، وأخذه بقوة وجدية بالعلم به وإعماله, وما ذاك إلا لأن النص الشرعي لما أنزله الله أنزله حتى يعيش الناس في هذه الأرض ذوات فعالة ونفوسا عاملة وعالمة، ولذلك يقول الله عزوجل مخاطبا نبيّاً من أنبيائه (يا يحيى خذ الكتاب بقوة)، فإذا علم الناس هذا المبدأ، وأدركوا هذه الغاية فلا يمكن أن ينازلوا النص الشرعي في ميدان واقعهم بأي نوع من المنازلة سواء عقلية أو عرفية أو ذاتية.
الأمر الثاني: البيان للناس بأن النفوس يكمل بعضها بعضا قال تعالى:(وجعلنا بعضكم لبعض فتنمة أتصبرون وكان ربك بصيرا) قال أهل العلم: أي وجعلنا بعضكم أيها الناس لبعض ابتلاء واختبارا بالهدى والضلال والغنى والفقر والصحة والمرض هل تصبرون، فتقومون بما أوجبه الله عليكم، وتشكرون له فيثيبكم مولاكم، أو لا تصبرون فتستحقون العقوبة، وكان ربك يا محمد بصيرا بمن يجزع، أو يصبر وبمن يكفر أو يشكر, فإذا أدرك الناس هذا الأمر سنكسر صنم حب الذات، وازدراء الآخرين، ونحطم ذاك البرج العاجي الذي قد علاه ذاك المسكين الذي خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب.
الأمر الثالث: تفقيه الناس بقاعدة (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وأن المقياس الحقيقي عند الله عزوجل هو التقوى,لاسيما أن تناسي حقيقة هذه القاعدة ينتج لنا مجتمعا يتطاول ببنيان المادة وهندسة الشخوص مع خواء روحي,وزد على ذاك أن الأمة تعود الى اصل واحد, فعن حذيفة رضي الله عنه كما عند أبي بكر البزار في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:كلكم بنود آدم، وآدم خلق من تراب، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان ، ولما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن العصبية الجاهلية: دعوها فإنها منتنة، والتي هي النافخة الأولى لروح هذه الظاهرة البشعة في جسد الأمة.
الشيخ/ خالد بن عبدالعزيز السعيد رئيس كتابة عدل محافظة الجبيل
|
|
|
|
|