| الثقافية
دأبت بعض المؤسسات الثقافية في الآونة الأخيرة إلى إقامة معارض للكتب تجتمع فيها دور النشر المختلفة وتطرح ما لديها من كتب بصورة عشوائية بعض هذه المعارض تكون كبيرة مثل المعارض التي تقيمها الجامعات ربما يضاف إليها معرض جدة للكتاب والذي أقيم تحت إشراف الغرفة التجارية بجدة مؤخراً، وهنالك معارض محلية صغيرة تتبناها بعض دور النشر مثل المعارض التي تقام في كليات المعلمين أو التي تقيمها الجمعيات الخيرية النسوية، يتفق الجميع بأن تلك تندرج جميعها تحت مسمى معارض الكتب، وهنا نسأل هل هي حقا معارض للكتب؟ حتى نجيب على هذا السؤال يجب أن نتوقف عند كلمة معرض أو معارض لنطرح مثالا وهو ماذا لو أقيم معرض للسيارات وجلبت الشركات والمؤسسات المشتركة بعض السيارات القديمة لعرضها وأغلب هذه السيارات متوفرة في السوق وعلمها الناس، هل سيكون هنالك إقبال على ذلك؟، بالطبع لا إذا لم تكن المعروضات جديدة أو نادرة وغير متوفرة في السوق، نطبق هذا على معارض الكتاب ما قيمة معرض الكتاب إذا لم يقدم جديداً، ماذا يحدث في معارض الكتاب التي تقام داخل المملكة؟، للأسف يستغل إقبال الناس علىاقتناء الكتاب بالتخلص من الكتب المتراكمة في مستودعات بعض دور النشر، فتطرح بأسعار يحسبها البعض عروضاً خاصة فيقبل علىشرائها، بعض تلك الكتب تكون موجودة في أكثر من جناح ولدى أكثر من ناشر ويفاجأ البعض بسعر ذلك الكتاب فكل دار نشر تبيعه بالسعر الذي يناسبها وينطبق ذلك على أغلب كتب التراث، إضافة إلى ذلك يضيع الإصدار الجديد بين أرتال الإصدارات القديمة ويختفي رقم الطبعة ويتلاشى اسم الناشر الحقيقي لذلك الكتاب وتضيع حقوق المؤلف والناشر وعندها بالطبع تضيع حقوق القارئ.
إنه من المزعج الحديث عن معارض الكتب التي تقام أو أقيمت داخل المملكة وآخرها معرض جدة للكتاب لسبب مهم وهو عدم وضوح الرؤية لمعارض الكتاب، فعندما تفكر مؤسسة ما في إقامة معرض للكتاب، كل ما تقوم به تلك المؤسسة هو توجيه دعوات لدور النشر المختلفة في الداخل والخارج بخطاب تعميمي للمشاركة وبعد أن تقدم دور النشر تلك وبالذات العربية قوائم إصداراتها ومن ثم تقوم بشحن تلك الإصدارات تفاجأ تلك الدور بمنع عدد من الإصدارات كما حدث في معرض جدة للكتاب ويفاجأ زوار المعرض بالأجنحة الخاوية أو بإغلاقها بعد الافتتاح، كما قلت إنه من المزعج التحدث عن معارض الكتب لدينا لوجود تراكمات من الأخطاء مع عدم فهم كيف يكون معرض الكتاب متميزاً واسمحوا لي أن أوضح ذلك:
أولا: عندما تقرر مؤسسة ما إقامة معرض للكتاب يجب أن تخطط لذلك قبل مدة كافية من الزمن بحيث تطرح توجه تلك المؤسسة ونوعية الكتب التي تعرض فيها ودور النشر التي ستشارك ومدى التزام دور النشر بشروط المشاركة التي تحددها تلك المؤسسة مثل التقيد بعرض آخر الإصدارات وآخر الطبعات للسنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة وأن تقدم تلك الكتب بسعر خاص بالمعرض أقل من قيمتها في المكتبات وأن تحدد مساحة الجناح وفق عدد الكتب التي تقوم بعرضها وغيرها من الشروط التي تحددها المؤسسة التي تنوي إقامة المعرض.
ثانياً: أن تدرج أسماء وعناوين دور النشر المشاركة مع الإصدارات التي ستعرض في قوائم خاصة، تطبع وتوزع على نطاق واسع وبالإمكان بيعها بسعر خاص حتى يستفاد منها في اختيار الكتب مع سهولة الوصول للكتاب، وعندما يكون هنالك مزيد من الوقت بالإمكان الاستفادة من التقنية المعلوماتية الجديدة بتخزينها على أقراص مدمجة أو إذا أمكن طرحها عبر الإنترنت، وقد سبق أن قامت بطباعة تلك القوائم بعض المعارض الكبرى مثل المعرض الذي أقامته جامعة الملك سعود منذ سنوات طويلة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وبعض معارض الكتب التي أقيمت في دول الخليج، وحقيقة أنه من خلال طباعة تلك العناوين سيتم التأكد من عدم تكرار بعض الكتب إضافة إلى حتمية إدراج قيمة الكتاب - السعر الرسمي وسعر المعرض حتى لا يكون هنالك تلاعب بالأسعار من قبل دور النشر وباعة الكتب.
ثالثاً: تقوم إدارة المعرض بتأمين كل ما يساعد على عملية البيع والشراء من (فواتير) تكون من أصل واكثر من صورة و(أكياس) لحمل الكتب مع تشغيل عدد من العمال لحمل الكتب ونقلها خارج المعرض بعربات تخصص لذلك، وتجهيز أماكن لراحة مرتادي المعرض يباع فيها بعض المرطبات والوجبات الخفيفة.
رابعاً: هنالك بعض المؤسسات تشارك في المعرض للعرض فقط فيفضل أن تكون في مكان خاص في المعرض، ويطلب من تلك المؤسسات الاعتناء بأجنحتها والحرص على تقديم معلومات وافية عنها عن طريق الصور الكبيرة وعروض الفديو عبر أجهزة تلفزيون تخصص لذلك مدعمة بالمنشورات والملصقات التي تقدم عن طريق الإهداء.
خامساً: تسعى بعض المؤسسات التي تنوي إقامة معرض للكتاب أن يكون هنالك بعض الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية على هامش المهرجان، ويعلم الجميع عن التظاهرة الثقافية التي تصاحب معرض القاهرة للكتاب، وحقيقة يفضل أن تكون تلك الأنشطة ذات علاقة بالكتاب بحيث تعقد بعض الندوات حول بعض الكتب المتميزة والموجودة في المعرض كذلك استضافة بعض الشعراء ممن لهم دواوين شعرية جديدة في المعرض مع الحرص على إيجاد نوع من اللقاء بين المؤلف والقارئ من خلال تواجد المؤلف في الجناح الذي يعرض فيه آخر إصدار له وتوقيعه على كتبه المشتراة من قبل مرتادي المعرض والتي ستعطي تلك النسخ بعض التميز لوجود توقيعه عليها، ولا يمنع لتفعيل تلك التظاهرة الثقافية إقامة بعض العروض المسرحية الجادة والمتميزة، وإن أمكن تعرض بعض الأفلام السينمائية المتميزة والحاصلة على جوائز عالمية أو المأخوذة من بعض الأعمال الروائية الجيدة والمعروضة في المعرض ككتاب ولمزيد من التفعيل الثقافي يفضل أن تقوم المؤسسة بطباعة نشرة يومية تنشر فيها أخبار المعرض وبرامجه الثقافية.
سادساً: تحديد مواقيت محددة لفتح وإغلاق المعرض مع مراعاة أوقات الصلوات والحرص على أن يكون الوقت المتبقي كافياً لزيارة المعرض وشراء الكتب مع تحديد الفترة الصباحية لزيارات المدارس وتكون الفترة المسائية للجميع بحيث يتمكن كل مرتاد للمعرض بزيارته,بصحبة عائلته، ومن الملاحظ أن بعض المعارض تحدد يوما للنساء وحقيقة النساء يظلمن بتحديد ذلك اليوم حيث يكون غالبا بعد ثلاثة أو أربعة أيام من افتتاح المعرض إذا لم يكن آخر الأيام وعندها تكون أهم الكتب المعروضة قد نفدت وتجربة معرض جدة للكتاب بتخصيص الفترة المسائية للعوائل حقيقة جيدة, ربما هنالك الكثير الكثير من الأفكار عن الكتاب ومعارض الكتاب تلح علينا وهنالك جدل حولها ونحن هنا نعيش احتفالات الرياض عاصمة الثقافة العربية نطرح بعض هذه الآراء رغبة في أن يكون معرض الكتاب الذي سيقام قريبا في الرياض متميزا، ولن نجد أجمل من معرض للكتاب في كل الاحتفالات الثقافية، فليكن معرض الكتاب الذي سيقام في الرياض متميزا ولتبق الرياض عاصمة للثقافة للأبد.
|
|
|
|
|