أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 4th May,2000العدد:10080الطبعةالاولـيالخميس 29 ,محرم 1421

مقـالات

شدو
الشائعة !
د, فارس الغزي
لا ريب أن الشائعة (سلوك) ممقوت، ولا ريب، كذلك، أن لها من العواقب الوخيمة ما لها، على الرغم من عدم صحتها وحقيقة انطلاقها من فم فرد واحد فقط،! حسنا، دعونا نبتعد عن الانشائية والنمطية السائدتين عند التطرق لموضوع الشائعة، ونقوم (باختلاق شائعة) ومن ثم نتتبع (علميا) مراحل ترعرعها وتأججها واستفحالها على الرغم من سخافة كنهها, (تقول) الشائعة: ان (ص) توفي في حادث أليم,, وقد أثبتت الفحوصات الطبية أنه قد تعاطى قدراً كبيراً من المخدرات الأمر الذي افقده توازنه وتحكمه بنفسه ومركبته فحصل ما حصل ,,و,,و,,و,, وهكذا تبدأ الشائعة (بالدبيب الهامس!) ويموت (ص) رغم أنف حقيقة كونه لا يزال حيا يرزق، ويبذل (ص) جهوداً جهيدة لإثبات (حياته) ولكنه يفشل فشلاً ذريعاً: ولما لا؟: فهو ميت (إشاعيا!)، و"نفي التهمة إثبات لها"، كما يقال,, الآن وقد خرجت الشائعة من (قمقمها)، فسوف تمر بمراحل ثلاث ذات صلة ببعضها البعض: الأولى منها يعرف ب)Leveling(: ألا وهو توالي عملية انتشار وانتقال الشائعة من فرد إلى فرد مع تواصل مهمة (تنظيف) الشائعة من الشوائب والتفاصيل المملة التي قد تؤثر على مصداقيتها لدى المتلقي, مثلا، ولنعود إلى مثالنا الأول: في تلك النقطة الزمنية (فلان) سوف يسأل فلانا عما إذا سمع عن ما حصل ل(ص)، وفي حال نفي الفلان (الثاني)، فسوف يرد عليه (الفلان) الأول (اقتضابا) بالقول: "والله مدري!,, سمعت أنه حصل له حادث مروري وهو غير صاحي!",, لا حظوا كيف (تقلصت) الشائعة واختصرت بل وأضيف إليها المزيد من الابهام وذلك من أجل إضفاء المزيد من المصداقية إليها ولتسهيل عملية انتقالها من فرد إلى آخر، خصوصا أن الفرد (الناقل) للشائعة سوف يبدي (تمنعا) مصطنعا بخصوص سرد كل تفاصيل الشائعة بحجة (عدم التشمت!) الأمر الذي سوف يزيد، طبعا، من عملية التشويق والتلقي.
المرحلة الثانية من مراحل سير الشائعة تعرف ب)Sharpening(: حيث تتعدد روايات الشائعة فيقوم كل فرد بالعمل على صياغتها بطريقة تناسب (خياله) ويضيف إليها ما يعتقد أنه أكثر إثارة وأهمية، ومرة أخرى نعود إلى مثالنا الأول: فكما ذكرت آنفا أن (ص) مات بحادث سببه المخدرات: في تلك المرحلة، ولتأكيد حكاية الموت، فسوف (يشيع) هنا وهناك الكثير من أسباب التعاطي وتتباين، كذلك، نوعية المخدر، وكميته,,، وتختلف روايات (أين ومتى وكيف ولماذا,,),, وحينها تترسخ فكرة موت (ص): وعلى غرار: "تعددت الأسباب، والموت واحد!".
المرحلة الأخيرة من (طيران!) الشائعة تعرف ب)Assimilation(: وهي مرحلة أخيرة كما ذكرت، ولذا فهي مرحلة تعنى بالصياغة (الأبدية) للشائعة وذلك من خلال العمل على لم شتاتها وجمع تفاصيلها وتناقضاتها ومن ثم المبادرة بصياغتها صياغة تناسب فكر وسلوك (الوسط الاجتماعي) الذي انطلقت (منه/ إليه)، فمثلا التأكيد على موت (ص) خبر ذو قابلية ومصداقية حيث أن الموت حق,, وموت (ص) بسبب مخدر معروف بوجوده وانتشاره بالبيئة الاجتماعية وليس بغريب عنها دليل (ثقافي) آخر على صحة الشائعة،,, وإشاعة أن الحادث سببه (ص) نتيجة حتمية لما هو متعرف عليه من أن المخدرات تسبب الحوادث,,.
وهكذا يموت (ص) حيا رغم أنف (قلبه) النابض بالحياة!
للتواصل ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved