أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 3rd May,2000العدد:10079الطبعةالاولـيالاربعاء 28 ,محرم 1421

مقـالات

السعودة والدور على من؟!
د, سليمان بن عبدالله أبا الخيل *
لقد هيأ الله بهذه البلاد وأبنائها ولاة أمر صرفوا جهدهم واهتمامهم، وبذلوا كل غال ونفيس، وجندوا المقدرات الهائلة مادية كانت أو معنوية، مع ما تحتاج إليه من وقت وتفكير وتخطيط، ووضع برامج ووسائل وأساليب متنوعة النتائج، مختلفة في المدى قصراً وطولا، من أجل إسعاد وراحة وخدمة أفراد هذا الوطن، كباراً وصغاراً ذكوراً وإناثاً، وتحقيق الأمن العقدي والفكري والمادي والوظيفي لهم، وجعلهم أعضاء عاملين صالحين مصلحين، مدربين وواعين، مسلحين بسلاح الإيمان والمعتقد الصحيح، والمنهج السليم، الممتزج بمحبة الوطن والولاء لقادته وحكامه، والتعاون معهم على كل ما فيه تحقيق مصلحة الجميع، وذلك منذ عهد المؤسس، القائد المجاهد، الموحد الفاتح، الرجل الفذ المحنك، الذي صنع وبتوفيق من الله مجداً تليداً، وملكاً عزيزاً، وتوحيدا فريداً، نادر الوجود، صعب المنال، عظيم الكيان، أساسه القرآن الكريم والسنة المطهرة وسبيله منهج السلف الصالح، وقاعدته الإيمان الصادق، وهدفه إنقاذ البلاد والعباد من شرور الجهل والبدع والفساد، ونبذ الخلاف والاختلاف والشقاق والنزاع، وطمس معالم العصبية البغيضة، ووأد كل فتنة أو هوى أو شبهة، تحت ظل تطبيق شرع الله المطهر وتنفيذ حدوده وإقامة أحكامه، والتعاون على البر والتقوى، قال تعالى: الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ، إنه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله - وجعل جنة الخلد مثواه الذي قال: أنا قوي بالله ثم بشعبي ووعدهم بأنه سيجعلهم يتمتعون بالأمن والأمان والطمأنينة ورغد العيش وهاهم أبناؤه البررة الميامين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله ورعاهم يواصلون المشوار، ويتابعون المطاف ويبعثون الهمم، ويحيون الذكرى، يفعلون الخطط، ويتابعون النتائج، ويضعون الحوافز والجوائز، تشجيعاً لكل من هو بالسعودة مهتم ورائد، وعلى مصلحة الوطن والمواطن محافظ، يقول خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وفي ختام كلمتي أود أن أؤكد لكم حرصي الشديد على أن أبذل قصارى جهدي ومنتهى طاقتي للعمل الجاد في خدمة الإسلام الذي أكرمنا الله به وهذا الوطن الذي نعتز بالانتماء إليه بتوفيق من الله تعالى ثم بعون المخلصين من أبناء هذا الوطن الأوفياء الذين يبدون الرأي السديد والمشورة الناصحة والدعوة الصالحة.
وأعدكم أنا وإخواني وأسرتي جميعاً وخاصة أخي وولي عهدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بأن نبذل أقصى الطاقات للحفاظ على هذه المنجزات، ولاستمرار هذه النهضة التي تعيشها بلادنا لإسعاد المواطنين وخيرهم جميعا مستمدين العون من الله تعالى وكلنا ثقة بأن أبناء هذا الوطن سيكونون خير معين لنا في تحقيق ذلك إن شاء الله ا,ه.
يتابع ذلك ويرعاه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة، بكل دقة وعناية، كيف لا وهو الذي بذل نفسه ووقته وسخر كل الامكانات وجميع الأجهزة والرجالات، ذوي الخبرة والمهارات للحفاظ على أمن البلاد وراحة العباد، وحمايتها من العوادي والمؤثرات، وجميع المستحدثات المخالفة لعقيدتنا ومبادئنا، وديننا وتقاليدنا، متذرعاً بما عرف عنه من الصبر، والحكمة والنظرات الصائبة ، وسعة الاطلاع والمعرفة وأصالته الثقافية والعلمية المتميزة، والعاطفة الجياشة والعقل الكبير، والمحبة والتقدير للكبير والصغير، وحسن الولاء للدين، وطيب الوفاء لهذا الوطن الغالي مستمداً ذلك من واجبه الديني والوطني، مستلهماً إياه من توجيهات ولاة الأمر - رعاهم الله - يقول - حفظه الله -: إن علينا أن ندرك أهمية السعودة خصوصاً بعد أن استثمرت الدولة في إعداد وتعليم المواطن السعودي الشيء الكثير حتى أصبح مهيأً للعمل في مختلف المجالات ، ويقول أيضاً: إن السعودة خيار ضروري ومهم ذلك أن الآثار الايجابية له كثيرة، نظراً لما هو عليه المواطن السعودي من حرص وأداء، مما يكون له المردود المفيد على المنشأة التي تحرص على توظيف السعوديين .
وبناءً على ذلك فإن دولتنا الحبيبة ممثلة في قيادتنا هي كالأم الحنون لكل واحد من أبنائها، ترعاهم منذ طفولتهم وتعطف وتحن عليهم، وتوفر لهم جميع الضروريات والحاجيات بل وحتى الكماليات والتحسينيات، من رعاية لدينهم وأموالهم وأعراضهم وأنفسهم وعقولهم، وتأمين المأكل والمشارب والملابس والرعاية الصحية والاجتماعية، وفرص التعليم مع إعانتهم على ذلك مادياً ومعنوياً، ومتابعته في مختلف مراحل حياة الانسان حتى يصبح واحداً من الرجال الأوفياء المخلصين، والمبرزين الفائقين حتى إنها لم تسهم بعد تقاعدهم وتركهم لأعمالهم مما يدفعنا إلى القول بأنه لا يوجد نظير لذلك في العالم.
وهي لم ولن تقصر بذلك بل ستستمر عليه بإذن الله رائدها في ذلك أمن وأمان أهل هذه البلاد، وطمأنينتهم واستقرارهم ورغد عيشهم وتوفير فرص العمل لهم فوق كل شبر من أرضها وتحت كل بقعة من سمائها، ومادام أن هذه هي غاية حكومتنا، وهدفها الأول والأخير، فإن الدور بالتالي يكون على المواطن بصفة عامة, وأرباب الأعمال والمؤسسات الخاصة بصفة خاصة، عليهم أن يعطوا كما أخذوا، ويكونوا أوفياء لمن وفى لهم، ويساهموا ولو بجزء يسير جداً مما يجب عليهم تجاه بلدهم، فالجميع منا يعلم أنله ليس هناك استثمار خاص أو مشروع تجاري أو صناعي أو تعليمي أو اجتماعي أو زراعي أو غيرها صغيراً كان أو كبيراً إلا وللدولة أعزها الله اليد الطولى في قيامه، وإعانته وتسهيل مراحل إنشائه والوقوف معه إلى أن يصبح معلماً بارزاً أو مشروعاً جباراً دون منة أو أذى، يدر الأرباح الهائلة التي تعود في النهاية تامة على أربابه.
والمطلوب من أصحاب هذه الأعمال ليس أمراً غريباً أو مستغرباً تستحيل تلبيته، إنما هو أمر طبيعي وسهل على كل مخلص يدرك العواقب، ويثمن الحقائق، ويعرف الخلفيات ويدرس النتائج، ويتوخى الدقة، ويسعى إلى تأمين أعماله وتحقيق مصلحته.
إن توظيف السعوديين واستقطاب الأيدي العاملة منهم في المؤسسات الخاصة أصبح أمراً ضروريا تحتمه عدة عوامل:
1 الحفاظ على عقيدتنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا، لأنه لا يخفى علينا ما تجلبه العمالة الوافدة على اختلاف مستوياتها وتنوع اختصاصاتها من الأمور الدخيلة والغريبة على مجتمعنا مما يؤثر سلباً على النشء فضلا عن غيرهم.
2 الدعم القوي لاقتصاد البلد، فنحن ندرك ونعرف ونسمع عما يتم تحويله من مبالغ تفوق الخيال من تلك العمالة إلى بلادها، ولو أنها كانت تعطى لأبناء البلد لكانت رافداً مؤثراً في مسيرة اقتصادنا، حيث سيتم صرفها والتعامل بها، بين أبناء الوطن.
3 الوقوف مع فئة غالية وشريحة مؤثرة في مجتمعنا ألا وهي شباب الأمة الذين يمثلون رجال المستقبل وعدته وأمله الواعد وذلك بالمساهمة في توفير الأمن الوظيفي والتكفل بضمان الحياة الكريمة لهم وحمايتهم من الفراغ القاتل، ووقوفاً معهم تجاه المغريات والمؤثرات التي قد تجعلهم يتخبطون ويقعون في مهاوي الرذيلة مما سيكون له الأثر العكسي على المجتمع برمته.
4 تحقيق قاعدة الاعتماد على الذات في القدرات البشرية، والتقليل من الاعتماد على الغير إلا في أمر ضروري لا بد منه، فبلادنا - ولله الحمد - اليوم تزخر بالكفاءات والقدرات العلمية المدربة والمتمرسة في كل مجال وفن مع ما تمتلكه من مبادئ إسلامية قوية تدفعها إلى أن تكون أكثر وفاء، وأقوى أمانا وأحرص من غيرها على مقدرات بلادها، مما يجعل فيها الغناء والكفاية عن غيرها وزيادة.
وعليهم ألا يستمعوا إلى ما يقال عن الشباب في أنهم لا يؤدون ما يناط بهم من أعمال وفق المطلوب، وأنهم يتصفون بالخمول والكسل، وعدم الالتزام بالمواعيد، والحرص على ما يكلفون به، فهم فقط يريدون الحصول على الرواتب دون تعب أو مقابل، فهذا غير صحيح ولا يمثل الواقع، لأنه وان وجد فئة قليلة على هذا الشكل فإن النادر لا حكم له، إضافة إلى أنه يجب علينا أن نصبر عليهم، وندربهم ونعينهم على أنفسهم، ونتعامل معهم بحكمة وطول بال، وبتوجيه سليم وأنفس متقبلة، وليفرض كل واحد منهم أن هذا الذي أمامه هو ابنه أو قريب له فكيف سيتعامل معه؟
أليس باللين والمحبة، والسعي الحثيث وعبر كل السبل والوسائل وبذل كل غال ونفيس لأن يكون أفضل الناس أومن أفضلهم؟
5 ثم إن هناك من يقول إن الراغبين في العمل من السعوديين يحتاجون إلى تدريب وممارسة نظراً لقلة خبرتهم وضعف مهارتهم، ونقول: إن هذا غير صحيح وليس بملم لما يلي:
أ إن هذا حكم عام يحتاج إلى تفصيل وبيان، فأصابع يد الانسان ليست سواء، ثم إنه قد جرب كثير من أبناء الوطن في أعمال مكتبية وفنية ومهنية دقيقة فوجد منهم الحماس والتفاني في أداء ما يطلب منهم، والتطلع إلى المزيد من العمل ليقدموا مزيداً من العطاء.
ب ان من يستقدم للعمل في بلادنا في الغالب يأتي وهو خامة لا يعرف من الأمور التي جاء من أجلها إلا النزر اليسير، ومن ثم يتعلم ويتدرب في مؤسسات بلادنا ويكتسب الخبرات والمهارات من خلال أجهزتها وآلاتها بعد أن يكلف الشيء الكثير، وليس هذا فحسب بل إنه عندما يتمرن ويتمرس ويدرك طريقة العمل ويتقنه قد يتلكأ ويتشرط ويسبب الإزعاج والمشاكل لصاحب العمل لأنه عرف أنه لا يمكن أن يستغني عنه، أو يطلب الرجوع إلى بلاده فيخسر الشيء الكثير من الجهد والمال دون مقابل، أما ابن الوطن فإنه بين أيدينا ولن يحصل منه مثل ما يحصل من غيره، وعلى فرض أنه حصل ذلك فإنه ما اكتسبه من تجربة سيعمل على استفراغها ويستفاد منه في مجتمعه، ففرق بين هذا وذاك.
ثم إن الدور الآخر والأخير على بيت القصيد، ومحور الاهتمام ومرتكز القضية، وقاعدة الأمة الشباب الباحثون عن فرص العمل، ويتركز ما يلزمهم في هذا الأمر فيما يلي:
أ الالتحاق بأي عمل يتاح لهم، واستغلال الفرص، دون التشرط والتذمر والتلكؤ، فالبداية دائما تكون صعبة، ولكن ما أسرع أن يتمرس الانسان ويتمرن حتى يصبح العمل جزءا منه لا يستطيع أن يتخلف عنه إلا لعذر.
ب التدرع بالصبر في أداء ما يوكل إليه من مهام، فقد تكون الوظيفة في نظر هذا الشاب أو ذاك ضعيفة، أو قليلة في مقابل ما يدفع كأجر لها، أو يرى أنها غير مناسبة له، ولكن بالتفاؤل والاستمرار وبذل الجهد يترقى الإنسان ويتدرج حتى يصل إلى مستوى رفيع يشبع نهمه المادي والاجتماعي.
ج اكتساب المهارات والقدرات التي تهيؤه للقيام بالعمل حسبا يراد منه.
د,الحرص على الالتزام بالمواعيد والأوقات المخصصة للعمل، وعدم التهاون بها مهما كان السبب، وعليه أن يقدم الواجبات على المندوبات والمباحات، وهو بهذا يطبق مبادئ الشريعة، وما يجب أن يكون عليه المسلم في معاملاته وتعاملاته من جهة، ومن جهة أخرى يكسب عطف صاحب العمل وثناءه عليه وتمسكه به.
ه تحمل الغربة، وما يتبعها من مشقة في سبيل كسب الرزق، وتأمين متطلبات الحياة، فالتعب في البداية سبب للراحة فيما بعد.
و التأمل في حال وحياة من عزفوا عن العمل، وركنوا إلى الكسل والخمول واستسلموا للفراغ، ولم يرفعوا بتحسين وضعهم واعتمادهم على أنفسهم رأسا، حتى صاروا فريسة لشياطين الانس يتصرفون فيهم كيف شاءوا، مما جعل البعض منهم يقعون في مخالفات تخل بدينه وسلوكه.
نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل, وأن يحفظ علينا ديننا وأمتنا وولاة أمرنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved