أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 3rd May,2000العدد:10079الطبعةالاولـيالاربعاء 28 ,محرم 1421

مقـالات

سفر يستحق القراءة والاقتناء
رفع الحرج في الشريعة الإسلامية (2)
حمد بن عبدالله القاضي
** إن هذا الكتاب رفع الحرج في الشريعة الاسلامية لمؤلفه الشيخ الفاضل: صالح بن حميد كتاب نفيس حقا يحتاج إليه كل مسلم ليعود إليه، وليرجع الى فصوله وابوابه لينفعه في دينه، ويدرك يُسر إسلامه.
لقد قدم المؤلف وفقه الله بحثا متكاملا حول القاعدة الشرعية المشقة تجلب التيسير وعرّف ما هي المشقة المقصودة، وأنواعها من مشقة عادية وغيرها، وقد قدم كلاما جميلا في هذا الخصوص يصعب نقله لطوله، ولكني اشير الى الحرج ليصل المسلم الى المعنى المقصود في قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج (سورة الحج الآية 78).
وقد تحدث عن اعتبارات المشقة فعند الحديث عن النظر في المأمورات والمنهيّات قال: المنهيّات تجتنب على الاطلاق، اما المأمورات فيأتي الانسان منها بقدر الاستطاعة, ومن ثم سومح في ترك بعض الواجبات بأدنى مشقة كالقيام في الصلاة والفطر والطهارة ولم يسامح في الإقدام على المنهيات وخصوصا الكبائر وكل ذلك يرجع الى قاعدة: درء المفاسد أولى من جلب المصالح ص , 39.
ثم تطرق الى الحرج ومعناه، ومما جاء في هذا الفصل ما أورده من تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- للحرج فقد كان يقول -رضي الله عنه- في قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج توسعة الاسلام ما جعل الله من التوبة والكفارات, ص 44
وقد عرف المؤلف الحرج تعريفا منطقيا حيث قال: الحرج كل ما أدى الى مشقة زائدة في البدن او النفس او المال حالا او مآلا , ص 47.
وفي البحث الثالث بيّن العلاقة بين الحرج والضرورة والحاجة، وعرّف كل واحد منها تعريفا دقيقا.
***
* * وقد تحدث المؤلف عن الامور الحاجية أي التي تحتاج اليها الامة والافراد من حيث التوسعة ورفع الحرج، واشار الى عناية الشريعة بالامور الحاجية قائلا: وعناية الشريعة بالامور الحاجية تقرب من عنايتها بالضروريات،وقد ذكر العلماء: ان الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت او خاصة، والمراد بكونها عامة: ان يكون الاحتياج شاملا جميع الامة, والمراد بكونها خاصة: ان يكون الاحتياج لطائفة كأهل بلد او حرفة كما هو في العرف العام والخاص، وقد يشمل الخصوص بعض الحالات الفردية , ص 53.
وفي الفصل الثاني تحدث بتفصيل عن أدلة رفع الحرج وقد ذكر في النوع الاول ادلة النص على رفع الحرج منها ما ورد في القرآن الكريم، واكتفى بذكر نصين مما تحدث ونقله المؤلف من اقوال المفسرين حولهما:
1 قال الله تعالى في سورة المائدة: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون (سورة المائدة الآية 6) هذا جزء من آية كريمة في سورة المائدة جاء ختاما للكلام عن أحكام الوضوء والغسل من الجنابة والتيمم عند فقد الماء او العجز عن استعماله، مما يبين أن الغاية في هذه التشريعات ليس الإعنات والمشقة، وانما هو تكليف مع تخفيف للتطهير واتمام النعمة.
2 قال تعالى في سورة الحج: وما جعل عليكم الدين من حرج ملة أبيكم ابراهيم .
هذا جزء من آية كريمة جاء تعقيبا بعدها أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالركوع والسجود والاتيان بمجمل الطاعات من العبادة وفعل الخير والمجاهدة في الله حق جهاده حيث يقول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون, وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم (سورة الحج الآية 77 78).
يقول أهل التفسير في هاتين الآيتين من المائدة والحج: ان اله سبحانه وتعالى ما كلف عباده ما لايطيقون،وما ألزمهم بشيء يشق عليهم إلا جعل الله لهم فرجا ومخرجا, صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- انه قال: انما ذلك سعة الإسلام وما جعل الله فيه من التوبة والكفارات فليس هناك ضيق الا ومنه مخرج ومخلص، فمنه ما يكون بالتوبة، ومنه ما يكون برد المظالم فليس في دين الاسلام ما لا سبيل الى الخلاص من عقوبته, ص 59 60.
ثم أورد في النوع الثاني آيات التفسير والتخفيف وأورد هنا انموذجا واحدا منها:
يقول تعالى في احكام الصيام: يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (سورة البقرة الآية 185).
تبين هذه الآية الكريمة ان الله سبحانه وتعالى اراد بتشريعه الاحكام اليسر، واليسر: كل ما لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم، اما العسر فهو ما يجهد النفس او يضر الجسم ودلالتها على المقصود ظاهرة, فإذا اراد الله اليسر ونفي العسر كما هو نص الآية الكريمة فقد نفى الحرج، وهل الحرج الا العسر واذا اراد اليسر فقد نفى الحرج, والآية وإن كانت واردة في شأن الرخص في الصيام الا ان المراد منها العموم، كما صرح بذلك غير واحد من المفسرين وقوله سبحانه: ولا يريد بكم العسر تأكيد لإرادة اليسر ص 68.
***
** وفي المبحث الثاني الذي عنوانه: الادلة من السنة النبوية في موضوع رفع الحرج أورد المؤلف عشرات الادلة وشروحها وتفسيرها، وقد ذكر في هذا الفصل ثلاثة فروع هي:
الفرع الاول: في بيان يسر هذا الدين وسماحته ورفع الحرج عنه.
الفرع الثاني: في خشية النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون قد شق على أمته.
الفرع الثالث: في أمر الصحابة بالتخفيف ونهيهم عن التعمق والتشديد وإنكار ذلك عليهم ص 75.
ومما أورد عن سماحة الاسلام من خلال احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الاحاديث النبوية:
ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث محجن بن الادرع: إن الله تعالى رضي لهذه الامة اليسر وكره لها العسر .
وقال لمعاذ بن جبل وأبي موسى الاشعري لما بعثهما الى اليمن: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا .
ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: إن الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا , ص 77
وقد أورد في امر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بالتخفيف ونهيهم عن التشديد.
كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي عليه الصلاة والسلام ثم اتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله، ولآتين رسول الله فلأخبرنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: انا أصحاب نواضح وهي الابل التي يستقى عليها نعمل بالنهار، وان معاذا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: يا معاذ أفتان انت؟ اقرأ بكذا وفي الرواية الاخرى: سبح اسم ربك الأعلى ، والليل اذا يغشى ، والضحى , ص 82.
***
** وفي المبحث الثالث أورد مناهج الصحابة والتابعين في رفع الحرج والتيسير,, وهو مبحث جميل واف,, وقد اورد ادلة كثيرة من اقوالهم واعمالهم.
ويقول انس بن مالك -رضي الله عنه-: كنا عند عمر رضي الله عنه فسمعته يقول: نهينا عن التكلف وهذه الصيغة وان كان لها حكم المرفوع كما هو معلوم في مصطلح الحديث غير انها تدل على ان البعد عن التكلف هو منهج عمر وغيره من الصحابة يقول به ويدعو اليه اقتداء بالقدوة الاولى والأسوة الحسنة محمد صلى الله عليه وسلم الذي أوحى اليه ربه: قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ص 88.
وابن عباس في هذا الصنيع يطبق سنة علمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس نفسه في الصحيحين وغيرهما من انه عليه الصلاة والسلام جمع في المدينة سبعا أو ثمانيا من غير خوف ولا مطر، وفي رواية من غير خوف ولا سفر, وسيأتي ذكر ذلك مفصلا ان شاء الله وقد علل ابن عباس ذلك بقوله: صنع ذلك لئلا تحرج امته ص 90 91.
* **
** ثم يطالعنا باب مظاهر التخفيف في الاحكام وأنواعه بودي لو نقلت كل ما ورد في هذا الفصل لكنني هنا فقط اردت في هذه القراءة لهذا الكتاب القيم النفيس الذي يحتاج اليه كل مسلم ان أعرّف به فقط.
وهذه أولا الفصول والمباحث التي وردت في هذا الباب:
الفصل الاول: الاحكام المخففة ابتداء وهو على مبحثين:
المبحث الاول: العبادات وفيه فرعان:
الفرع الاول: في الفرائض.
الفرع الثاني: في النوافل.
المبحث الثاني: التيسير في غير العبادات وفيه اربعة فروع:
الفرع الأول: الاصل في المنافع الاباحة.
الفرع الثاني: الاصل في المضار التحريم.
الفرع الثالث: التعامل بين الناس على أصل الاباحة.
الفرع الرابع: وجه التيسير في العقوبات والزواج وذلك في ثلاث مقامات.
المقام الاول: الرحمة بالمجتمع.
المقام الثاني: الرحمة بالمتهم والجاني.
المقام الثالث: باب التوبة والكفارات وفيه مسألتان:
المسألة الاولى: التوبة والحرج النفسي.
المسألة الثانية: الكفارات واثرها في رفع الحرج.
الكفارات في نصوص الشرع على ثلاثة انواع:
النوع الاول: ما يصيب المسلم من البلايا والمحن.
النوع الثاني: الفرائض والتطوعات.
النوع الثالث: الكفارات الخاصة.
الكافرون والتوبة.
الفصل الثاني: الأحكام المشروعة للاعذار وفيه مبحثان:
المبحث الاول: تعريف الرخصة.
الرخصة في اللغة.
إطلاقات الرخصة.
الرخصة في الاصطلاح.
تعريف البيضاوي في المنهاج
المبحث الثاني: اقسام الرخصة وحكمها.
تقسيم الحنفية:
القسم الاول: الرخصة الحقيقية.
القسم الثاني الرخصة المجازية.
أقسام الرخصة عند الشافعية.
رأي الشاطبي في حكم الرخصة.
المكلف والأخذ بالرخصة.
الفصل الثالث: ما سقط عن هذه الامة مما كلفت به الامم السابقة.
الفصل الرابع: أنواع التخفيف:
اولا: في مجال الأحكام الاصلية.
ثانيا: في مجال الأحكام الطارئة.
***
** وأتوقف وقفات يسيرة عند بعض فصول هذا الباب.
لقد تحدث المؤلف عن جانب التيسير في غير العبادات، وأورد ادلة ذلك مثل قوله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (سورة الاعراف 32).
أما غير العبادات من الأشياء والعادات والمعاملات فهي على اصل الاباحة ينظر فيها الى حصول المنافع كما ينظر الى العلل والبواعث فهي معللة بمصالح الناس ومنافعهم وإقامة العدل بينهم ودفع الفساد عنهم فلا يقتصر فيه على النص بل يعدى الحكم الى كل ما تتحقق فيه العلة, ومن أجل بسط هذا فإني اعرض لبيان قاعدتي الاصل في المنافع الاباحة والاصل في المضار التحريم مع ذكر الادلة ص 107.
ومن الحديث أورد قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا وتلا وماكان ربك نسيا ص110
ثم أورد قولاً نفيساً للامام ابن تيمية رحمه الله:
واما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه فالاصل فيها العفو وعدم الحظر فلا يحظر منها الا ما حظره الله سبحانه وتعالى ص 112.
وفي مجال التيسير والرحمة في العقوبات أورد عددا من الادلة ومنها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى عليه وسلم ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فان كان له مخرج فخلوا سبيله فان الامام ان يخطىء في العفو خير من ان يخطىء في العقوبة ص 121.
يتبع

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved