أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 3rd May,2000العدد:10079الطبعةالاولـيالاربعاء 28 ,محرم 1421

مقـالات

حقوق الإنسان,, وعدالة الأحكام الإسلامية
مندل عبدالله القباع
حدث قديم جديد ذلك الذي تتعرض له المملكة من هجوم صارخ وحملة ضارية مفتعلة على جهاز العدالة الإسلامية المعمول به في المملكة وذلك الهجوم يأتي من قِبَل منظمة العفو الدولية بزعم الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايته الأمر الذي يمثل تدخلاً مريباً في الشئون الداخلية للمملكة، ومحاولة للمساس بكيانها، والتشكيك في مبادئها وشرعتها وقيمها وثقافتها وحضارتها العريقة تحت دعاوى مغرضة لا تخدم سوى الشأن الغربي وأهدافه البغيضة.
وفي مقالنا هذا لن نعرض لموقف الشريعة الإسلامية من حقوق الإنسان وصيانة كرامته باعتباره مستخلفاً في الأرض لإعمارها، حيث إنه موقف معلوم للكافة القاصي منهم والداني، لكننا سوف نعرض الواقع الذي يشغلنا في مسألة حقوق الإنسان والمنظمات الدولية التي يعنيها الأمر والتي تتمثل في منظمة العفو الدولية، والحقوقيين الدوليين، والحقوقيين الأمريكيين ومنظمات المرأة والأقليات والأطفال,, إلخ.
هذه المنظمات جميعها تنطلق من شرعية دولية تتمثل في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذين قد صدرا في غضون عام 1966م، وما لحق بهما من بروتوكولات وغيرها من الإتفاقات التي تخص قطاع النساء أو الأطفال أو الاقليات أو أيٍّ من الجماعات الأخرى التي تحظى باهتمام تلك المحافل الدولية.
وفي مواجهة هذا الإعلان وتلك المواثيق الدولية صدر الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عن الجامعة العربية وكذلك صدر الميثاق الإسلامي لحقوق الإنسان الصادر عن المؤتمر الإسلامي, وقد جاء الميثاقان في ظل أبعاد جوهرية أساسية في خصوصيتنا وهي منظومة القيم واللغة ونوعية الحياة التي تفرقنا عن الدول الغربية,,، إلا أنه إمعاناً في التنكر لأيّ آلية عربية أو إسلامية فلا يعتمد من قبل الآخر إلا بما صدر عن المجتمع الدولي كله ممثلاً في الأمم المتحدة باعتباره أمراً عالمياً وحمايته مسئولية عالمية، والمنظمة الدولية راعية له ومحافظة عليه, فإن كان ذلك كذلك، فهذا يعتبر نيلاً من الهوية الوطنية والخصوصية العربية الحضارية والدينية التي تحدد ملامح الترابط في العلاقات الجماعية وعلاقتها بتفاعل الدول بعضها مع البعض وفقاً لمعايير الأصالة والقيم والثقافة والتراث.
إن الاقتصار على ما صدر عن المجتمع الدولي وحدة بإيعاز من سلطة مهيمنة واحدة فيه محاولة للامتثال للهيمنة العالمية والتي أكد موقفها الدعوة للعولمة وجعل العالم كله منزوع الحدود الفاصلة، وكما يطلقون عليه القرية الكونية الواحدة التي تخضع لقيادة أحادية الجانب فيما بعد انهيار الكتلة الشرقية وتقطع أوصالها وتفككها مما عزز من قوة وهيمنة الغرب على الشئون العالمية والمصير العالمي.
ونحن نعتبر ان هذه الهيمنة وفرض الأمر الواقع فيه انتهاك للسيادة الوطنية, وفيه قضاء على قيم العدل والحق والفضيلة والحرية، وفيه نيل من الولاء لحقوق الإنسان الاساسية تلك التي صيغت في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة والتي يضاف إليها تهيئة الظروف لتحقيق العدل والوفاء بالالتزامات الناشئة عن المعاهدات ومصادر القانون الدولي من أجل العيش في وئام وتسامح وسلام وصيانة السلم والأمن الدوليين.
وعلى صعيد العالم الآن هل هذه هي الصورة التي تحرص عليها مبادئ الأمم المتحدة والتي تحميها مبادئ حقوق الإنسان؟ أبداً، لقد انتهت مقولة الأمم المتحدة راعية العدل والسلام في ضوء انحسار دور المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ذاتها, فلقد انقضّت القوى المهيمنة على ميثاق الأمم المتحدة المتضمن حقوق الدول وعدم جواز التدخل في الشئون الداخلية رقم 2131 لعام 1965م، والذي أعيد التأكيد عليه في 12/12/1974م، وكذلك في الإعلان الصادر عن الجمعية العامة في 9/12/1981م والمسمى بإعلان عدم جواز التدخل في الشئون الداخلية للدول.
إذن التدخل الحالي في شؤون المملكة بذريعة حماية حقوق الإنسان يعد انتهاكاً لحرمة المملكة وسياستها، وأمراً ليس مقبولاً، حيث لم تحكمه معايير قيمية وأخلاقية، وإنما جاء لغاية قد تكون سياسية لتقليص دور الدولة في ممارسة سيادتها على كيانها الوطني وممارساتها الداخلية التي تنبثق من معطيات مصدر تشريعي إلهي لن نحيد عنه أبداً .
وهذا الأمر هو الذي حدا بوزير العدل في المملكة د,عبدالله بن محمد آل الشيخ أن يوجه الدعوة للمنظمة الدولية لتفحّص النظام القضائي الإسلامي وإظهار ما عليه من كيفية الحفاظ على حقوق الإنسان المشروعة بموجب تطبيق نظام العدالة الإسلامية وهو المرجعية التي يقاس عليها السلوك العام وقيم التفاعلات والانفعالات مما يؤدي إلى إظهار الحقيقة كي تراجع المنظمة موقفها حيث إن ما جاء بانتقاد منظمة العفو الدولية هو أمر مقصود وأن المصلحة العربية والسيادة الوطنية فوق كل اعتبار وبما يحقق لنا المكانة التي نستحقها ويؤكد على دورنا الفعال ووعينا المسؤول.


أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved