| العالم اليوم
اذا كانت اوروبا بكل دولها وقومياتها وتعدد ثقافاتها ومذاهبها الدينية والفكرية قد اكملت اطارها الاقليمي وصولاً الى الاتحاد الذي سيجمع كل اوروبا من غربها الى شرقها ومن شمالها الى جنوبها.
إذا كانت اوروبا قد نجحت في ذلك فإن العرب اولى بذلك، وإذا تعذرت الوحدة العربية لأسباب عديدة يطول ذكرها هنا، فإن توحيد الأقاليم العربية كبداية لإنجاز الحلم العربي، خطوة إيجابية يجب أن تحظى بالتأييد والمؤازرة من جميع العرب الذين لايجب أن يكتفوا بذلك، بل عليهم واجب المتابعة والملاحظة ودفع كل جهد تقوم به دول عربية لإنجاز اتحاد اقليمي في اطار الدائرة العربية التي تحتلها جامعة الدول العربية.
وفق هذا المفهوم تصبح مسيرة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عملاً يستوجب الملاحظة والمتابعة من كل ابناء الدول العربية وفي مقدمتهم مفكروها وساستها واصحاب الرأي فيها, فتجربة مجلس التعاون الخليجي تعد الآن افضل الاعمال العربية التي تؤسس وتؤطر للكيان العربي الموحد، ونجاح دول المجلس الست في إذابة الحواجز بينها والسير قدماً في توحيد القوانين وتوظيف الخصوصية القطرية لصالح العمل الجماعي يرفد العمل العربي الجماعي، ويقرب العرب كثيراً من حلمهم العربي,, الذي سيكون تحقيقه اقرب للحقيقة لوكتب للتجمعات الإقليمية العربية النجاح وتوفرت النوايا الحسنة لإنشائها، وليس استجابة لنزوة طائشة لحاكم متسلط كما كان عليه الاتحاد العربي.
والآن يوجد للعرب اتحادان إقليميان في اطار جامعتهم الأم، جامعة الدول العربية، احدهما في المشرق العربي حقق انجازات كبيرة وأصبح كياناً اقليمياً قائماً تتعامل معه الكيانات الإقليمية والمنظمات الدولية كحقيقة سياسية واقتصادية وعسكرية، ويأمل أبناؤه بمستقبل افضل بطموح الوصول الى الاقليم الواحد.
واتحاد آخر في المغرب العربي بدأ بداية طيبة، إلا أنه تعثر مثيراً الاحباط لدىكل العروبيين.
ولأن النجاح يقود لنجاح آخر ويجذب الآخرين فإن مسيرة مجلس التعاون الخليجي اصبحت تحظى بالمتابعة والتقدير من كل العرب قبل ابناء الخليج الذين اخذوا ومن وقت طويل يجنون ثمار نجاح المجلس.
ولقد وجد المتابعون لمسيرة مجلس التعاون الخليجي تطوراً في الفكر والتفاعل مع المتغيرات التي يشهدها العالم، وتجديداً واضافات في العمل السياسي والاقتصادي والعسكري والتنظيم، مشيرين بذلك الى نجاح تجربتي انشاء الهيئة الاستثمارية للمجلس والاجتماعات التشاورية لقادة المجلس التي تعقد في منتصف كل عام، اجتماع بلا جدول اعمال تناقش فيه القضايا الطارئة,, وتتابع من خلال مناقشاته ما تم انجازه لتقويم مسيرة المجلس، بأسلوب مرن بلا تشنج او مواقف سابقة، وكل هذا شيء مستحب ومطلوب لتعزيز العمل العربي العام الذي لا يزال وحتى الآن تغلب عليه المواقف المسبقة.
ولهذا فان انجازات وافعال قادة دول مجلس التعاون الخليجي تصلح ان تطبق على العمل العربي,, على الاقل بالاستفادة من آليات العمل التي أثبتت نجاحها في الخليج.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|