هل يمكن أن نرى أياً من أدبائنا ومفكرينا,.
شعرائنا,, وقصاصينا,.
شيوخاً,, وشباباً,, كباراً وصغاراً,.
المسئولين في القطاعات المختلفة أمنية,, اجتماعية,, تربوية,, وغيرها,.
هل يمكن ان نرى أو نشاهد أياً من هؤلاء في انديتنا الرياضية؟!.
لا أريدهم لاعبين,, ولا اعضاء مجلس ادارة,, وإن كانت هذه موجودة لدى البعض لكن دون فعالية تذكر,.
ولا اريدهم مزاولين للنشاطات الرياضية,, وإن كانت هذه مطلبا,, لكنه يحتاج لأمور كثيرة تتطلب مناقشة أوسع واكبر,.
ولا أريدهم مرتادين يومياً لهذه الاندية لقضاء وقت الفراغ,,والجلوس الى اللاعب الفلاني,, او المسئول الفلاني,.
لا أريدهم كذلك,.
لكنني اريدهم فقط,, وعلى الأقل محاضرين,,ومتحدثين مؤدين رسالتهم نحو المجتمع عبر هذه الاندية من خلال طرح هموم وقضايا المجتمع ومشاكله,, وتلمس الحلول لهذه المشاكل خاصة ما يتعلق بالشباب سواء كان ذلك بمبادرة منهم,, او بمبادرة من جهاتهم,, او بمبادرة من النادي نفسه.
هل يمكن ان تقدم هيئة ما,, مسئولة عن كثير من قضايا المجتمع ومشاكله بتنظيم لقاء مفتوح (ندوة,, محاضرة,, الخ) في احد انديتنا الرياضية,, يحضرها منسوبو النادي بمختلف فئاتهم,, وغيرهم من مرتاديه والمسئولون حول قضية ما,, لها علاقة بالمجتمع وذات تأثير كبير فيه.
بل يمكن تنظيم اللقاء نفسه في اكثر من ناد لضمان توعية اكبر قطاع من الجماهير,, على اعتبار صعوبة حضور منسوبي كل الأندية,, اوبعضها لقاء مثل هذا في ناد آخر,, لأسباب لامجال لشرحها الآن.
** وفي الضفة الأخرى:
هل يمكن أن نشاهد أياً من رياضيينا المشهورين,, او المعروفين في احد أنديتنا الادبية في حوار مع منسوبي ومرتادي النادي حول قضايا مشتركة؟!
قد يعتقد البعض صعوبة ذلك,؟!
وقد يرى هؤلاء ان الأدب والرياضه يسيران في خطين متوازيين.
وهذه مقولة قديمة لا تتناسب وروح العصر,,، فلم يعد الاديب او المثقف مرتبطا ارتباطاً فكريا وروحيا وحيدا بالكتاب باعتباره (خير جليس) كما تعلمنا ذلك في المرحلة الابتدائية,, ينهل منه مايشبع رغبته وهوايته وينمي فكره ومداركه.
ولم يعد الرياضي ذلك الذي يفكر بقدمة فقط, او ان ثقافته محصورة في قدميه,, كماكان يقول البعض.
فقد تنوعت مصادر الثقافة,, ولم يعد الكتاب مصدرها الوحيد.
وارتفع مستوى الفكر,, ولم تعد الرياضة وسيلة لهو وقتل للفراغ فقط,, بل اصبحت قناة ثقافية ورمزا للحضارة.
وهو رأي لم يصدر من فراغ,, بل ان الواقع يفرض ذلك,, ويؤكده,.
ولقد أتاحت لي فرصة اللقاء ببعض مفكرينا وأدبائنا في غير مناسبة,, شرف التعرف إلى هؤلاء, ولمست فكراً رياضيا واعيا (وهذا طبيعي) لديهم وثقافة رياضية واسعة,, بل متابعة لبعض النشاطات الرياضية وانتماءات لبعض الاندية.
كما ان مايطرحه بعض اللاعبين والرياضيين بمختلف اتجاهاتهم وبمختلف الالعاب من افكار ورؤى رياضية سواء على شكل مقالات صحفية,,او مقابلات اذاعية وتلفزيونية يؤكد مالدى هؤلاء من فكر,, وثقافة واسعة.
طبعاً,, ليس كل الأدباء والمفكرين مثقفين رياضيا وليس كل اللاعبين مبدعين رياضيا، ولكن النسبة موجودة وإن اختلفت وبصورة لاتقبل الجدل وتنفي تلك المقولة البائده عن (الخطين المتوازيين)!,, بل ان الرياضة والأدب او الفكر لا يسير ان في خطين متوازيين,, وانما يتقاطعان في نقطة واحدة,, تتقاطع فيها كثير من الخطوط,, التي ترسم وتشكل توجهاتنا وتحدد ملامح حياتنا العامة, وهي الابداع.
فالعالِم الفقيه مبدع,, والمفكر والأديب شاعراً او ناثراً مبدع,, والرياضي مبدع والفنان التشكيلي مبدع,,وغيرهم,, كلٌّ مبدع في مجاله,.
ومن هنا تقع علينا مسئولية البحث عن نقطة التقاطع هذه والسعي الى توسيعها وتحويلها الى (دائرة) التقاء بدلاً من نقطة تقاطع.
وفي المجال الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن,, فإن علينا مسئولية البحث عن اسلوب,, أو طريقة,, اوصيغة ما,, لردم الهوة,, او تضييق الفجوة بين الأدب والرياضة وهي هوة وهمية بناء على الأسس التي استندت عليها وهي اسس غير منطقية في مجملها,, وذلك من خلال (تأديب الرياضة او ترويض الأدب) إن صح التعبير ولا أعني التأديب وارجو ألا يتبادر ذلك الى اذهان البعض بنيّة او بغيرها على انه بمعناه اللغوي ولا الترويض ايضا بقدر ما اعني اشتقاقاً من الأدب والرياضة.
اذكر انني قبل عقد ونصف,, و(في منتصف الاسبوع) ايضا طرحت موضوعاً كهذا,, وتساءلت فيه عن مدى امكانية نقل ناد أدبي لبعض نشاطاته الى ناد رياضي، كأن يقوم النادي الأدبي بتنظيم محاضرة,, او ندوة ادبية فكرية,, في قاعة احد الاندية,, او ان ينظم النادي الأدبي في مقره ندوة او محاضرة عن موضوع رياضي ليس شرطاً ان يكون رياضيا بحتا (وليس رياضيات بحتة) واعني مما يأخذ الطابع الرياضي ويكون له التصاق,, او صلة وثيقة بالمجتمع (التعصب الرياضي مثلا,, الرياضة وسيلة ام غاية,؟! الرياضة واجهة حضارية واعلامية,, الرياضة والادب هل يلتقيان؟!,,,) الخ من مواضيع هامة وحيوية,, لكنني اجد نفسي اليوم معيداً لطرح الموضوع وبصورة اكثر إلحاحاً,, وربما مناقشة من زوايا اخرى استجدت مع تطورات التقنية الحديثة وتعدد المشارب والثقافات ونمو اجيال جديدة.
ولعل السبب الرئيس في إعادة الطرح,, او بالأحرى ما اوحى لي بذلك,, هو اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م, اذ اننا ورغم مضي ثلاثة اشهر حتى الآن من بداية العام (ربع المدة) لم نلمس اي تحرك من اي ناد تجاه هذا الموضوع,, والمشاركة فيه,.
انني لا اطرح هذا التساؤل من منطلق كون الاندية ثقافية,, اجتماعية,, رياضية,, وكما تنص على ذلك اللوائح فتلك مسألة أخرى,,، ولكن من منطلق هي مؤسسات اجتماعية في المقام الاول,, تقع عليها مسئولية كبرى تجاه المجتمع وتجاه الوطن للتفاعل مع قضاياه، والمساهمة في تفعيلها وتنمية النواحي الايجابية فيها.
لقد سمعنا وتابعنا كثيراً من الفعاليات التي نظمتها وتنظمها كثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية وبمختلف التوجهات والاهتمامات (اجتماعية عسكرية تعليمية الخ) لكننا حتى الآن لم نسمع او نلمس تحركاً لأي من الجهات الرياضية وهي جهات تقع عليها مسئولية كبرى في هذه الناحية لأهميتها,,، ولنوعية التوجه الذي تنتهجه والشريحة التي تتعامل معها,, إلى جانب كونها تنضوي تحت لواء الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهي الجهة الراعية والمسئولة عن الاحتفالات بالرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000.
وعندما اقول الجهات الرياضية,, فإنني لا اعني فقط الاندية الرياضية,,وانما كل الجهات الرياضية,, مثل الاتحادات,, واللجنة الأولمبية,, وأي جهات اخرى ذات توجُّه شبابي,, او رياضي,.
وايضا,, فإنني عندما اتحدث عن تفاعل هذه الجهات ومسئولياتها بالمشاركة في الاحتفال بالرياض عاصمة للثقافة العربية,, فإنني لا اعني الثقافة من حيث مفهومها العتيق,, او مفهومها الدال على فكر,, وقراءة,, او كتاب,, فالثقافة ليست القراءة فقط,, ومعين الثقافة ليس الكتاب وحده,, ولكنها مفهوم واسع وكل عمل في نظري يؤدي إلى تنوير الفكر,, وبث الوعي,, ويزيد من الرصيد المعلوماتي والمعرفي يمكن ان يندرج تحت هذا المفهوم,.
واعتقد ان الوقت الآن مناسب وقد حان اكثر من أي وقت مضى لهيئاتنا الرياضية لمشاركة فعالة في هذه المناسبة,, فالوقت ما زال مبكراً,, لوضع برامج ونشاطات مميزة وخاصة,, والمناسبات الرياضية كثيرة اذا ما اردنا استغلال هذه المناسبات,, او اردنا إبراز النشاطات وفق استقلالية معينة.
وأرى ان الاتحادات الرياضية,, واللجنة الاولمبية تتحمل هي الاخرى مسئولية اكبر,, من حيث نقل هذا الحدث والاحتفاء به عالميا,, من خلال المشاركات الخارجية,, بما يحقق صدى أوسع,, ومردوداً اكثر ايجابية يرتقي بفكرنا وثقافتنا الى مستوى اعلى,, وينثر إبداعنا على الآخرين,.
إن امامنا مناسبتين هامتين:
دورة الالعاب الأولمبية في استراليا,, (اولمبياد سدني2000)، والتي ستقام خلال هذا الصيف.
كأس أمم آسيا 2000 والتي سيستضيفها لبنان الشقيق خلال الأشهر القادمة.
وكلاهما مناسبتان هامتان,, يمكن استغلالهما لنقل صوتنا الثقافي الى هناك,, والتأكيد على ان الرياض وهي بيت العرب الكبير,, وموئل أفئدتهم,, فهي ايضا منار عقولهم,, وعاصمة لثقافتهم,.
والله من وراء القصد.
|