| عزيزتـي الجزيرة
لا شك ان الإدارة المدرسية تبذل جهودا كبيرة لاختيار المديرين والوكلاء الذين يتناسبون مع معطيات التعليم وذلك من خلال لجنة تهتم وتعتمد على فهم صفات المرشح السلوكية والانفعالية وردود الأفعال من خلال المقابلات الشخصية، وقد تفشل هذه اللجنة في بعض الاختيار ولا تلام لأنها مجتهدة تصيب وتخطىء في اجتهادها وكلنا نتساءل ما هي أسباب سوء الاختيار؟
يجب ان ندرك جميعا ان الرجل القيادي المرشح يجب ان يتصف بصفات أساسية من أهمها ما يسمى (فن التعامل مع الآخرين) فمعظم مشاكل المديرين والوكلاء مع معلميهم بشكل خاص ومع غيرهم بشكل عام غالبا ما تكون بسبب عدم اكتساب هذا الفن الرفيع من قبل المدير او الوكيل.
وانني اقترح على الإدارة المدرسية ان تقوم بدراسة سلوك المرشح من خلال اسلوبه وتعامله مع الآخرين ومن خلال اسلوب المرشح في حل القضايا المدرسية من خلال الواقع الملموس داخل المدارس وليس من خلال المقابلات الشخصية فقط, كما اقترح على إخواننا في الإدارة المدرسية إعطاء دورات مكثفة للمرشحين قبل تكليفهم بالعمل تعتمد هذه الدورات على النواحي السلوكية وأساليب التعامل مع المشكلات بالاضافة الى الجوانب الإدارية - ويعتبر فن التعامل مع الآخرين صفة وطبعا مخلوقا لدى بعض الناس، فهو لا يحتاج الى ان يكتسب، وهناك من لا تتوفر فيه هذه الصفة فلا مانع ان تكتسب هذه الصفة فيصير تطبعا من خلال الدورات والمحاضرات فهو فن يدرس في الدول المتقدمة ولا شك ان الطبع أفضل من التطبع فيجب ان يكون المرشح يحمل صفات نفسية وسلوكية معينة مثل الفراسة واللباقة وحسن التعامل مع الآخرين، ومن هذا المنطلق أود ان أوجه رسالة الى إخواني مديري ووكلاء المدارس فاقول:
أولا: يجب ان يعلم مدير أو وكيل المدرسة ان الإنسان يتكون من جسم وعقل ومشاعر وهو محتاج الى تغذية هذه الأمور جميعها فيجب عليك ان تتعامل مع هذا الإنسان بجميع مكوناته وليس مع الفكر فقط او العقل فقط دون ان تهتم بمشاعر هذا الإنسان الذي تتعامل معه.
ويجب علينا ان نهتم بالسلوكيات البسيطة لانها قد تكون عند غيرنا كبيرة فمثلا إنسان يكلمك وهو ينظر إليك فهو يحترمك ويقدرك وهناك إنسان يكلمك وهو ينظر الى ورقة أمامه او الى مكان آخر حتى إذا سكتّ عن الحوار قال لك تفضل أكمل وهو ينظر الى الأرض مثلا فهذا يدل انه غير مهتم بك فهذه أمثلة على السلوك المصاحب للكلام.
إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نلتزم الحكمة في التعامل مع الناس والحكمة هي الطريقة المثلى التي يعرض بها الإنسان ما عنده من أفكار ومن أحكام تنال احترام الناس وتقديرهم قال تعالى: ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فيجب على المدير ان يكون لينا في غير تفريط يستخدم أسلوب المشورة مع معلميه ويحترم رأيهم ويعطيهم حقهم من التقدير ويغض الطرف عن الهفوات غير المؤثرة فهي وسيلة من وسائل التشجيع وتنمية السلوك الحسن.
ويختلف اسلوب التعامل باختلاف الشخصية فطريقة التعامل مع شخص شكّاك وحساس تختلف عن طريقة التعامل مع شخص سوي اي ان الأساليب تختلف باختلاف الشخصيات وباختلاف الصفات التي تكون بارزة في الآخرين.
ثانيا: يجب ان يعلم مدير او وكيل المدرسة ان الناس يكرهون النصيحة في العلن، فيجب ان تكون النصيحة والتوجيه سرا وعلى انفراد فإن ذلك اقرب الى القبول يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعه فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه فإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لم تعط طاعه |
وعلى المدير ألا يستعجل نتائج النصح والتوجيه فلا بد من وقت كاف للقبول والتغيير الإيجابي عند المعلم.
ثالثا: يجب ان يعلم المدير او وكيل المدرسة ان الناس يكرهون الأسلوب المباشر في النقد والأمر فطبيعة البشر تكره ذلك فالأفضل ان تقدم هذا النقد أو الأمر بطريقة الطف فان ذلك أدعى للقبول ومثال ذلك عندما تريد شيئا من احد المعلمين فتقول له: وكلي ثقة بانك قادر على إنجاز هذا العمل لانك من افضل الموظفين او المعلمين في هذه المدرسة لكفاءتك بدلا من ان تقول: افعل كذا او لا تفعل كذا، فطريقة الأمر غير المباشر ادعى الى القبول وان كانت النتيجة قد تتساوى في الحالتين فبالأسلوب المناسب يصل المدير الى ما يريده حبّا لا كرها.
رابعا: يجب ان يعلم مدير او وكيل المدرسة ان الناس يكرهون من يركز على السلبيات دون الحسنات فعلى المدير ألا يغفل عن إيجابيات المعلمين ويركز فقط على السلبيات اما انتقاما او عيبا في اسلوب مدير المدرسة، وقد نكره أشياء في بعض الناس ولكن عندما نفتقدهم ونخالط من هم أسوأ منهم ندرك الخير الذي كان فيهم ولم نعبأ به يقول الشاعر:
دعوت على عمرو فمات فسرّني فعاشرت أقواما بكيت على عمرِو |
ويقول كورتو في كتاب (لمحات في فن القيادة): هناك طريقتان للحياة: طريقة سلبية قائمة على رؤية مساوىء الرجال والأعمال، ترى الأخطاء ليس لاصلاحها بل لاستغلالها بشكل هدام والعودة إليها بمناسبة وبدون مناسبة، وطريقة أخرى تنظر إلى الامور بعين الرضا وتبحث عن محاسن الرجال لتنميتها وتحسينها، وترحم ضعفهم وأخطاءهم وتعمل على صلاحها .
خامساً: يجب أن يعلم المدير أو الوكيل أن الناس يكرهون من لا ينسى الزلات لاسباب مختلفة.
سادساً: يجب أن يعلم مدير أو وكيل المدرسة أن الناس يكرهون من يتسرع في التوبيخ والتأنيب في غيرمحل التأنيب ومن غير تأنٍّ ومن دون سؤال ولا استفسار وقد يكتشف المدير بعد السؤال أن هناك اجتهاداً صحيحا وأنه استعجل بالتأنيب فينقلب الوضع إلى أن المدير يحتاج إلى تأنيب لتصرفه الخاطىء فلا بد أن يحقق المدير شيئاً هاما جدا وهو ما يسمى (الارتياح الوظيفي).
سابعاً: يجب أن يعلم مدير أو وكيل المدرسة أن الناس لا يحبون بل لا يرضون أن يتخذ النظام وسيلة للانتقام الشخصي مستغلا الصلاحيات في ظل الآخرين فالإدارة أمانة سوف تحاسب عليها وتذكر دائما أنه يوجد من هو أقوى منك وقادر على الانتقام منك للمظلوم.
ثامناً: يجب على مدير أو وكيل المدرسة معرفة أن الناس يكرهون من يعاملهم باستعلاء ويجب أن يعرف المدير كيف يصل إلى قلوب الآخرين ويكسب محبتهم واحترامهم عبر أساليب عدة منها: الاهتمام بالآخرين والنظر إلى مشاكلهم ومساعدتهم والاستماع إلى حديث الآخرين وأخذ المشورة منهم والتواضع لهم والبعد عن الجدل وتقدير الآخرين واظهار محبتك لهم والشكر والتشجيع الدائم للآخرين وان تنادي الآخرين بأحب أسمائهم مع فتح المجال أمام الآخرين لتحقيق ذواتهم ، فالانسان لا يقبل أن يكون لديه مزايا مهملة فيجب أن يوظف المدير معلميه مع ما يملكون من مزايا مثل فن الخطابة أو فن الإدارة أو فن التنظيم أو فيما يتعلق بالنشاط المدرسي فيجب ابراز مواهب المعلمين في ذلك، وتصحيح الأخطاء دون نسيان الايجابيات.
فهد عبدالعزيز العريني
|
|
|
|
|