| الاقتصادية
رعى صاحب السمو الملكي وزير الداخلية ورئيس مجلس القوى العاملة اللقاء السنوي الرابع لرجال الأعمال الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس القوى العاملة واستضافته الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية, ولقد اكتسب هذا اللقاء أهميته البالغة من كونه يأتي في فترة تتابع فيها التغيرات والقرارات الاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية ذات العلاقة المباشرة بسوق العمل السعودي مما قد يضاعف من تطلع المشاركين لمعرفة الوجهة الإدارية والتنظيمية المستقبلية لهذه السوق الهامة, وبالفعل فقد جاء اللقاء ساخناً والحوار جاداً حول أهم قضايا الساعة التي سيكون لها تأثير مباشر على هيكلة سوق العمل السعودي مثل نظام الاستثمار الاجنبي والنظام الضريبي وصناعة السياحة ومنظمة التجارة العالمية.
وإذا كانت وسائل الإعلام بمختلف أنواعها قد شاركت بفاعلية في تغطية اللقاء وإبراز محاوره وقضاياه الهامة، فإن هناك بعض الاستنتاجات الخاصة التي يمكن إبرازها على النحو التالي:
1 الجدية الملحوظة في لغة الحوار خاصة عندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يحفظه الله للجميع عدم رضاه عن مسيرة التوطين السابقة التي ركزت على الأقوال أكثر من تركيزها على الافعال, وهنا اعتقد ان رجل الأعمال قد تسلم اشارة قوية من صاحب القرار مضمونها ضرورة العمل الجاد على توطين فرص العمل دون الركون الى الإدعاءات السابقة والاعذار الواهية التي عطلت مسيرة السعودة وأبقت قراراتها اقوالاً بلا أفعال.
2 تأكيد معالي وزير التجارة أسامة جعفر فقيه تمشي نظام العمل والعمال مع متطلبات الانضمام الى منظمة التجارة العالمية وبالشكل الذي بدد الكثير من المخاوف لدى بعض المشاركين حيث نص على ان المادة التي تنص على ألا تقل نسبة الأيدي العاملة الوطنية عن 75% تتوافق مع الضوابط العامة للمنظمة.
ولكن ملاحظتي هنا لمعالي وزير التجارة هي أن نظام العمل والعمال السعودي قد نص على هذه المادة منذ أكثر من ثلاثين عاماً ومع ذلك ظلت مشاركة عنصر العمل السعودي في حدود 1% مما يعني ان وجود النص لا يعني بالضرورة التطبيق, ثم انه اذا كان التطبيق في السابق ضعيفاً فإنه من باب أولى ان يكون عندما تشتد المنافسة بين المستثمرين وعندما يصبح السعي نحو تدنية التكلفة أهم أهداف المنشأة الاقتصادية, وهنا أقول لمعالي وزير التجارة بأننا لا نخاف عدم وجود النص ولكن ما نخشاه القصور في التطبيق.
3 أفاد معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية بشروع الوزارة في إعداد قاعدة معلومات مركزية تحتوي على أهم المعلومات الضرورية لسوق العمل السعودي مما سيساهم في تحديد الوجهة المستقبلية والتنظيمية للسوق, وهنا اعتقد ان الجميع قد استبشر خيراً ببدء مرحلة التصحيح الحقيقة التي تنطلق من المعلومة الصحيحة ولكن السؤال الذي يتبادر الى ذهني أثناء سماعي لهذا الخبر السار هو لماذا تأخرت الوزارة في اعداد القاعدة المعلوماتية على الرغم من ان نظام العمل والعمال قد نص عليها منذ أكثر من ثلاثين عاماً؟ ثم هل لدى الوزارة من الآليات ما يكفل التجاوب الدقيق من قبل كل المنشآت العاملة في الاقتصاد الوطني؟ اعتقد ان حالة الترهل السابقة ستلقي بظلالها وظلامها على محاولة وزارة العمل مما قد يجعل هذه القاعدة حلماً لا يمكن الوصول اليه.
4 على الرغم من مشاركة معالي نائب وزير المالية والاقتصاد الوطني في حلقة النقاش الأولى وحضوره لحلقة النقاش الثانية إلا اننا لم نسمع من معاليه تعليقاً حول الإدعاء بأن السبب الرئيسي وراء الخلل يكمن في نقص الامكانات المادية والبشرية التي أدت الى الضعف العام في التعليم والتدريب والتطبيق والمراقبة, واذا صح قبول القاعدة الشعبية التي تقول بأن السكوت علامة الرضا، فإن مستقبل التعليم والتدريب ومستقبل جهود الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة بسوق العمل ستظل محل تساؤل وطني حتى تتحدث وزارة المالية والاقتصاد الوطني وحتى تتم مواجهة نقص الامكانات المادية والبشرية.
5 ومن أبرز الملاحظات التي يمكن الخروج بها من المشاركة في اللقاء السنوي الرابع النجاح الكبير لفكرة تدوير اللقاء سنوياً بين الغرف التجارية الصناعية الرئيسة في الرياض والدمام وجدة مما يكفل التنافس الشريف بين هذه الجهات ويضمن نشر الوعي الوطني المطلوب لقضية هامة كقضية توطين فرص العمل في ارجاء الوطن الكبير.
وأخيراً اجد أن من الضروري ابراز واحدة من أهم الملاحظات التي سادت خلال هذا اللقاء وهي اختفاء بعض الأصوات التي كانت تبحث عن المعوقات أكثر من بحثها عن الحلول وتبحث عن المصالح الخاصة قبل بحثها عن المكاسب الوطنية, لقد اتفق الجميع بأن وقت التوطين قد حان ولكن لم يتفق الجميع على الآليات التي تكفل تحقيق الهدف المنشود, ولكن الأمل يبقى قائماً ما قامت جهود أبناء الوطن المخلصين وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي وزير الداخلية ورئيس مجلس القوى العاملة الذي حمل نفسه هموم كل أبناء الوطن وأعلن استمرار تركيزه على مواجهتها حتى يحقق للمواطن الرفاهية المنشودة.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية خبير في البنك السعودي الأمريكي
|
|
|
|
|