| الثقافية
الجميع هنا يسرعون داخل هذا البناء المتسامق,, تنفتح هذه البوابة الزجاجية الانيقة لتبتلعهم ثم تعاود الانغلاق من تلقاء نفسها.
انا لوحدي من يقف هنا في الخارج مشدوها موزع النظرات بين هذا وذاك.
الوجوه حولي اقرأها بوضوح,, تنم عن اختلاف في المشاعر والهواجس الا انهم رغم ذلك يعبرون البوابة دون عوائق, بينما اظل معلقا في فضاء دهشتي وعجزي عن ولوجها.
يثيرني مشهد رجل كسيح يدفع كرسيه المتحرك مبرزا اثناء دخوله بطاقة عبوره, لم تجد محاولاتي تجاوز هذا الزجاج الذي يفصلني عن دخول هذا البناء الشاهق,, كان الحارس المتجهم يشير الي بالابتعاد.
عاندت وامعنت بالرفض والاحتجاج امام البوابة الخرساء وهي مازالت تبتلع افواجا جديدة من العابرين للطريق جلست مفترشا الارض وبطريقة تنم عن عجز وتهالك ربما يتصورني البعض منهم بأنني بائس استجدي المارة احسانهم، فلم يلبث تفكيري الا ان انقطع بسقوط ورقة مالية بين يدي امسكت بالورقة اقلبها بدهشة ما لبثت ان نهضت لالحق بالرجل الذي القاها الا انني لم اظفر به لان البوابة قد ابتلعته.
كنت في شوق لان اقول لمن يراني امامها اني لست متسولا انما انا انسان أحاول اجتياز هذه العقبة اقتربت من زجاجها الصقيل لانظر الى صورتي بها,, هل توحي بأنني ابدو بالفعل متسولا وحالي تثير الشفقة.
اشحت بوجهي دون ان اجيب وانصرفت الى تدبر موقفي المحير, كنت اشعر باليأس والمرارة حتى خلت نفسي قزما صغيرا لا يتجاوز ابهام اليد.
تذكرت انني امسك بالورقة المالية فقد كانت مبللة لكثرة ما دعكتها بين اصابع يدي,, ولكي انتقم من مشهد كهذا شرعت في تمزيق الورقة المالية الى قطع صغيرة متناهية لانثرها في الهواء فتتساقط هنا وهناك, استدرت هاربا لادخل في الزحام محاولا التخلص من هذا الشعور بالمهانة والذل امام هذه البوابة التي خلفتها تبتلع مزيدا من الداخلين الى هذا البناء.
فاطمة عبدالمحسن الرومي
|
|
|
|
|