أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 30th April,2000العدد:10076الطبعة الأولىالأحد 25 ,محرم 1421

الاقتصادية

صباح الاستراتيجية يا وطن
د, صنهات بن بدر العتيبي
عندما نقول إن عدد الطلاب في عام 2000م سيكون كذا وإننا نحتاج إلى كذا مدرسة لهؤلاء الطلاب فتلك خطة وليست استراتيجية، وتحديد عدد المستشفيات المطلوبة في عام 2000م بناء على الأعداد المتوقعة للسكان يعتبر كذلك نوعا من التخطيط وليست عملية لوضع استراتيجية للقطاع الصحي، وخطة القطاع الصناعي تكشف ربما أعداد المصانع وكميات انتاجها وتوزيعاتها الجغرافية,, وما الى ذلك ولكنها لا تصل في مضمونها الى تحديد الوجه أو مسار استراتيجي محدد ومستمر ومرن للصناعة الوطنية والذي يمكن ان نسميه استراتيجية الصناعة الوطنية.
الذي يوجد لدينا غالبا نشاطات من فصيلة التخطيط وتنزوي التوجهات الاستراتيجية في أغلب الوزارات والمصالح الحكومية وربما كثير من شركات القطاع الخاص، حتى جاء المجلس الاقتصادي الأعلى ثم الهيئة العليا للاستثمار وهي جهات معنية بالاستراتيجية الاقتصادية الوطنية والاستراتيجيات القطاعية لمختلف القطاعات الانتاجية والخدمية.
التخطيط هو مجرد تنبؤ وتوقعات وقراءة تحليلية للسلاسل الزمنية لا تزيد عن عرض جداول وأرقام ذات قيمة قصوى لسبر أغوار المستقبل ومحاولة استكشافه, التخطيط ليس سوى تفكير في تصرفات وحساب أرقام ولا يهتم بخلق مسارات للتصرفات المستقبلية, الاستراتيجية من ناحية أخرى هي تنبؤ وقراءة الأحداث المستقبلية المتوقعة والبحث عن صيغة للمصلحة العليا تمنحنا التميز والاختلاف عن الآخرين والتفوق عليهم أسس للميزة التنافسية ثم بناء جمع القرارات والتصرفات والسياسات لتصب في مصلحة هذه الصيغة وتنميتها واستمراريتها ,, الاستراتيجية تخلق مسارا للقرارات والتصرفات وتبني قدرة مستمرة لمواجهة المستقبل والاستعداد له.
هذا المسار الذي حددته الاستراتيجية تتوفر فيه خمسة خصال رئيسة هي: الرؤية والاستمرارية والشمولية والتجانس وايقان المصلحة.
الاستراتيجية توضح الرؤية المسيطرة على الأفكار والتصرفات المتعلقة بأمر معين على المدى الطويل,, فوجود استراتيجية اقتصادية واضحة يعني توفر قدرة من نوع خاص على معرفة: من نحن؟ ماذا نريد؟ كيف نصل؟
أي معرفة الهوية الاقتصادية والأهداف المبتغاة على المدى الطويل وبعض من طرق وأساليب الحركة والتصرف وتوزيع الموارد التي تساهم في الوصول الى الأهداف والرؤية المبنية على التحليل الاستراتيجي تغطي سوءة تبرز عادة في أجواء التفكير غير الاستراتيجي وهي التفاجؤ بالأرقام والأحداث والمتغيرات وتوالي الأزمات تبعا لذلك.
الاستمرارية هي خاصية أخرى للتفكير الاستراتيجي بمعنى ان الاستراتيجية تخلق جوا صحيا تنمو وتستمر فيه القرارات والتصرفات على أسس ثابتة لعل أهمها معرفة المصلحة العليا وكيف تتحقق؟
وتبعا لذلك تتقلص حالات التردد والتخبط في القرارات والتصرفات وتكون قراراتنا أقل عرضة للتعديل والمراجعة والالغاء لأنها بنيت من الوهلة الأولى على فهم صحيح وتوقع نير ورؤية ثاقبة.
الشمولية والتجانس صفتان أساسيتان توفرهما الاستراتيجية وتعني الأولى ان الاستراتيجية تقدم حلولا عامة لكافة المشاكل والقضايا المستفحلة وعلى كافة الأصعدة والقطاعات الصناعية والتعليمية والصحية والثقافية,, الخ، وتتميز هذه الحلول بشموليتها بحيث يندر ان نعالج مشكلة قطاع وننسى مشاكل أخرى تؤرق قطاعات أخرى, أما التجانس فهو صفة مشتقة من قدرة الاستراتيجية على تحقيق التجانس والتناغم والتعاضد ما بين اجزاء وقطاعات الاقتصاد الوطني، هذه الصفة تعني انه لا قطاع ينجح على حساب قطاع آخر، وانه لا تعمل قطاعات الاقتصاد في اتجاهات متضادة أو لا تعمل لتحقيق أهداف مختلفة أو متعاكسة.
وأخيرا، لعل من أهم الخصائص التي توفرها الاستراتيجية التعرف على مصادر وبواعث ومنطلقات التفوق ومعرفة كيف السبيل الى تحقيق والمحافظة على المصلحة أو المصالح العليا للاقتصاد الوطني, في عالم ادارة الأعمال تتمحور هذه الفكرة حول معرفة أسس تحقيق والمحافظة على الميزة التنافسية التي تجعل المنشأة تتفوق على الآخرين وعلى الظروف المحيطة في الصناعة على المدى الطويل, أما في مسألة الاقتصاد الكلي فان الاستراتيجية الوطنية العليا تبدأ في تحديد مصالح عليا أهداف، توجهات، سياسات، موارد بحيث تصب كل القرارات والتصرفات الصحية والتعليمية والصناعية والاجتماعية والثقافية في سبيل تحقيقها وتنميتها والمحافظة عليها.
من هنا نرى ان الاستراتيجية الحقيقية توضح رؤية ثاقبة للهوية والمسيرة واستمرارية عنفوانية للقرارات والتصرفات التي تتدفق بدون انقطاع او تراجعات، وشمولية مع تنسيق حتمي بين القطاعات المختلفة بدون تناقضات أو صراعات وأخيرا توضح المصالح التي نتفق كلنا على أن لها الأولوية في الحماية والتنمية.
فهل هذا يشبه التخطيط والحسابات الكمية وسيناريوهات الأرقام؟
* إدارة استراتيجية .

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved