أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 30th April,2000العدد:10076الطبعة الأولىالأحد 25 ,محرم 1421

الاقتصادية

هل نتدارك أهمية المحافظة على المصادر المائية البديلة؟
أ,د, عبدالعزيز بن حامد أبو زنادة *
لعله من الصعوبة بمكان الفصل بين قضايا المياه والبيئة وحماية الطبيعة في الوقت الراهن,, إذ يؤكد العلم الحديث على الارتباط الوثيق بينها شئنا أم أبينا,, خاصة بعد تعدي الحدود الآمنة لاستغلال الموارد بسبب التنمية غير المتوافقة مع البيئة أو الموارد المتاحة, وإذا كان إطار الحملة الحالية لزيادة الوعي بقيمة الأدوات والصيانة في ترشيد استخدام المياه إلا أنه لابد أن نقتنع بحاجتنا الماسة لوضع خطة شاملة بعيدة المدى لمعاجلة هذا الموضوع الحيوي حتى نحقق الكفاءة المطلوبة في اقتصاديات المياه ونحافظ عليها في إطار محافظتنا على البيئة.
نحمد الله أن مسيرة عطاء حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين تتواصل بغية المحافظة على مواردنا الطبيعية متجليا هذه المرة في تدشين سمو سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني للحملة الوطنية الثالثة لترشيد استخدام المياه, فلا شك أن قضية المياه معقدة وذات أبعاد متشابكة وتستحق الدعم والاهتمام المتواصل.
قد يغفل البعض عن أهمية بعض مصادر المياه المتجددة خاصة المتمثلة في الأراضي الرطبة من ينابيع أو دحول أو عيون أو بحيرات مثل عيون ليلى,, الخ, فمع ندرة مصادر المياه العذبة في منطقتنا الصحراوية يتعاظم دور تلك المصادر وبالأخص فيما يتصل بدعم أشكال عديدة من الحياة الفطرية من ثدييات وطيور وغيرها, ومع تنامي الاحتياجات السكانية وبرامج التنمية للموارد المائية فلا بد من السعي الحثيث للمحافظة على ما بقي من موارد مائية وتقنين استخدامها لمختلف الأغراض وإيجاد مصادر كافية لتلبية الاحتياجات وتخفيف الضغط على الموارد المتاحة من خلال الترشيد وإيجاد المصادر البديلة.
هناك أسباب عديدة وراء تدهور الأراضي الرطبة, ولعل تأثير استنزاف بحيرات المياه الداخلية التي تكونت عبر تاريخ طويل لأغراض الزراعة قد فاق كل تأثير, هناك أسباب أخرى ساعدت على نضوب واختفاء العديد من الأراضي الرطبة منها إزالة الغطاء النباتي المتمثل في إزالة الغابات والرعي الجائر والتي أدت مجتمعه إلى تدهور طبقة التربة السطحية وعدم تماسكها وفقدها للقدرة على استيعاب مياه الأمطار وقلة فرص امتصاصها وتخزينها وبالتالي استغلالها فيما بعد.
لاشك أن انحسار الغطاء النباتي وفقدان خصوبة الأرض بتحويل استغلالها إلى استخدامات غير طبيعية وتعرية الأرض واندثار الأراضي الرطبة خاصة المياه الداخلية الدائمة وتناقص المياه الجوفية وتلوث المياه السطحية والجوفية تمثل جميعها تحديات كبرى تحتاج إلى عناية فائقة,, فهي النتيجة الحتمية للممارسات الجائرة وغير الواعية من ناحية الاستهلاك.
يحتاج الأمر إلى إعادة النظر في صون مصادر المياه المتمثلة في الأراضي الرطبة على وجه الخصوص وذلك من خلال الضوابط التي تضمن ممارسات تتسم بأساليب التنمية المستدامة للموارد والتي تؤدي إلى استقرار التربة في مناطق مستجمعات مياه الأمطار, كما أن التوسع في زراعة الأشجار على شكل أحزمة تحمي النباتات الأخرى وتكافح التصحر تساعد على استقرار التربة والموارد المائية.
نحمد الله تعالى أن حكومتنا الرشيدة تسير بخطى واثقة في خطوط متوازية,, فإلى جانب هذه الحملات التوعوية بذلت الدولة يرعاها الله جهودا كبيرة خلال الأعوام الماضية وحققت تقدما رائدا وملحوظا في زيادة موارد المياه عن طريق محاولة تأمين موارد جديدة مثل زيادة إنشاء السدود الضخمة لحجز مياه الأمطار, وزيادة كميات المياه المحلاة من البحر عن طريق إنشاء محطات تحلية جديدة بتكنولوجيا متقدمة, وعلى الرغم من أن تحلية مياه البحر ربما تعتبر أكثر الحلول المثالية لزيادة موارد المياه العذبة إلا أن هناك التكلفة الاقتصادية العالية وارتفاع معدلات استهلاك الطاقة,, الأمر الذي يلزمنا بإعادة النظر في كيفية استخدامها بحيث لا تهدر قطرة واحدة منها، وذلك من خلال ابتكار الطرق الكفيلة بذلك سواء من حيث الاقتصاد في استخدامها أو من حيث التمكن من إعادة استخدامها سواء بتدويرها أو بشكل مباشرة ولأغراض معينة, كما يجب توجيه اهتمامنا بحمايتها من الملوثات بشتى أشكالها.
إن تطوير توجيه السلوكيات فيما يتعلق باستخدام الموارد الطبيعية لا سيما موارد المياه والطاقة والغطاء النباتي والأحياء الفطرية قد صارت قضايا عصرية شديدة الإلحاح,, الأمر الذي يستدعي إعادة ترتيب الأهداف والأولويات الاقتصادية, وأما الأمن المائي فلم يعد من الرفاهية في شيء بل لا يمكن فصله عن الأمن الغذائي أو الأمن البيئي بأي حال من الأحوال, علينا أن ندرك حقيقة ندرة المياه وقيمة ما بقي لنا من مصادر مائية وان يكون لدينا استراتيجية واضحة السياسات والخطط تتناول جميع جوانب قضية المياه من النواحي الفنية والاقتصادية والتشريعية في الحاضر والمستقبل.
* الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved