| مقـالات
خلال ندوة حقوق الإنسان في الإسلام التي عقدتها رابطة العالم الإسلامي بروما في النصف الثاني من شهر ذي القعدة لعام 1420ه وشارك فيها علماء وباحثون وقانونيون ودبلوماسيون مسلمون ومن ديانات اخرى واحتضنها المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإيطالية الذي يعتبر احد المفاخر الإسلامية في اوروبا من حيث السعة والبناء وقد شيد على نفقة حكومة المملكة العربية السعودية، خلال هذه الندوة حصلت مداخلات مفيدة جدا سبق لي التعليق على بعضها بزاويتي الاسبوعية بصحيفة المدينة مثل مسألة وجود اصل شرعي للمحاماة في الفقه الإسلامي، واعود اليوم للتعليق على بعضها الآخر بعد ان قرأت تعليقا للاخ الدكتور حمد الماجد مدير المركز الإسلامي في لندن الذي كان من ضمن حضور الندوة والفاعلين فيها، وذلك في مقاله الاسبوعي الذي نشر مؤخرا بجريدة الشرق الاوسط فقد عارض الكاتب الماجد ما ذهب اليه احد المعلقين وهو إمام المركز الإسلامي في روما الشيخ حماد شويته حول مسألة الميراث في الاسلام وان بعض من يريدون توجيه سهامهم الى الدين الإسلامي واتهامه بالحط من قدر المرأة يوردون مسألة ان الانثى تأخذ نصف ما يأخذه الرجل من الميراث، حيث تضمن التعليق الجيد لإمام المسجد الجامع بالمركز نقطة هامة وهي أن المسألة ليست مسألة ذكورة وانوثة او ان الانثى تأخذ في جميع الاحوال نصف ما يأخذه الرجل، بل ان المسألة مرتبطة بموقع الانثى في العائلة فقد تأخذ في حالة من الحالات نصف ما يأخذه اخوها الرجل بالنسبة للأولاد مثلا ولكنها في موقع آخر قد تأخذ ما يأخذه عشرة رجال مثل البنت التي ترث ولها عم شقيق او اعمام اشقاء فتأخذ النصف والنصف الثاني للعم أو الاعمام الاشقاء واذا كان للمتوفى ابنتان وعشرون اخا فإن ما تأخذه البنتان يساوي ضعف ما يأخذه جميع الاخوة العشرين، اي ان للبنتين الثلثين وللاعمام الثلث وهكذا!!، ولكن يبدو ان تعليق الشيخ الإمام لم يعجب الدكتور الماجد واعتبر قوله ان مسألة الميراث ليست مسألة ذكورة وانوثة فقط لا تنسجم مع ما جاء في القرآن الكريم من تحديد للذكر والأنثى، ثم جاء الكاتب بقوله عز وجل للذكر مثل حظ الانثيين ! وأرى ان الدكتور الماجد قد اخفق في تعليقه وجانبه الصواب ولم يفهم مراد الشيخ الإمام وعزز بما قاله ما يدعيه الذين يقولون ان مسألة تقسيم الميراث تنظر الى الذكورة والانوثة دون غيرها من الامور الشرعية وذلك للاسباب التالية:
أولا: ان الكاتب قد اجتزأ الآية التي استشهد بها واخرجها عن سياقها وهي الآية الحادية عشرة من سورة النساء التي نصها يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين الى آخر الآية فظن انه قوى بذلك الاجتزاء حجته ولكنه لم يرع جانب الامانة العلمية التي تحتم عليه ان يورد الآية من اولها ليفهم القارئ انها واردة بداية في مسألة تقسيم الميراث بين الابناء ذكورا واناثا للذكر مثل حظ الأنثيين وان حكم ما تأخذ الابنة الانثى يتغير حسب موقعها داخل الاسرة وليس لأنها انثى فقط!؟.
ثانيا: ان ما قاله الإمام صحيح فقهيا ولا يتعارض مع ما جاء به القرآن الكريم او فقه الميراث واجتهاده في محله وفيه لفتة فكرية جيدة ولجم لمن يحاول ان يتهم المسلمين بالانتقاص من حقوق المرأة ولا يعتبر مثل هذا الدفاع عن الفقه الإسلامي مجاراة لغير المسلمين او تهاونا معهم ولكنه من باب اقامة الحجة عليهم بل وعلى المرجفين من المسلمين الذين يتبعون كل ناعق!.
ثالثا: ان فقهاء الإسلام قد فندوا من قديم الزمان وفي هذا العصر مزاعم الذين توقفوا عند مسألة تفضيل الابن الذكر على الابنة الانثى في الميراث وذكروا ما في ذلك من حكم إلهية وذلك كله مفصل في كتب الفقه والتفسير لمن اراد الحق وسعى اليه، اما الذي يبحث عن الباطل وقصده اللجج ودافعه الهوى فإنه سيقول لمن يجادله ويقيم الحجة عليه عنز ولو طارت !، وأقول لأخي الدكتور حمد الماجد ان تعليق إمام المسجد الجامع ليس فيه ما يخالف العقيدة والسنة بل يعزز الفهم الجيد لها وقد اجتهد الرجل وقرأ وفكر وتدبر فوجد او اخذ عن غيره نقطة فقهية يثبتها واقع توزيع المواريث وهي ان مسألة للذكر مثل حظ الأنثيين ليست عامة على كل ذكر وانثى ممن يستحق الميراث ولكنها ترتبط بموقع الانثى والذكر من العائلة، وفي ذلك دحض لجانب مما يقوله الذين يرون ان المسألة هي ذكورة وأنوثة فقط لا غير ، ولا ارى ان إمام المركز الإسلامي قد أخطأ في توضيح وجهة نظر إسلامية حول هذا الأمر!.
تعزير وتشهير
آلمني جدا ما قرأته في جريدة عكاظ بعددها الصادر يوم الاحد 11/1/1421ه حول الشبان الشاذين جنسيا الذين اصدرت احدى المحاكم بالجنوب احكاما تعزيرية بالسجن لمدد مختلفة بعضها يصل الى ست سنوات مع ألفين وخمسمائة جلدة بعد اعترافهم شرعا بقيامهم بالتشبه بالنساء ثم تمكين الآخرين من انفسهم كما جاء في الخبر المبني على الصك الشرعي الصادر ضدهم وليس مصدر ألمي انهم عوقبوا وعزروا بل ان ما صدر ضدهم قليل في حالة الاصرار والمجاهرة بالمعصية والمفاخرة بأنهم جنس ثالث او ليدي بوي كما يسمى امثالهم في الغرب الذي يكثر فيه الشذوذ حتى اصبح امرا مألوفا لديهم لا يعيب صاحبه بين الناس، ولكن مصدر ألمي امور عدة منها ما يلي:
أولا: ان يبلغ الفساد النفسي والخلقي لدى هؤلاء الشبان الى الحد الذي يمارسون فيه الشذوذ بهذه الطريقة المعلنة حتى سمع بهم القاصي والداني في بلدتهم وتهافت امثالهم عليهم يدعونهم في حفلاتهم للرقص بزي نسائي ثم اكمال الحفلة بما ذكر في الخبر والصك الشرعي!؟.
ثانيا: انه على الرغم من استحقاقهم للعقوبة التعزيرية فلم يكن من المناسب نشر اسمائهم الرباعية في صحيفة يومية سيارة لأن في ذلك نوعا من التشهير وقد صدر الحكم الشرعي بالتعزير ولم يتضمن التشهير فكيف يجوز التشهير بهم والتقاط اسمائهم من الصك الشرعي او الكشوفات الرسمية مع ان كل هذه الامور اما ان يصدر بها حكم شرعي او امر إداري عالي المستوى كما هو الحال بالنسبة لبيانات وزارة الداخلية بخصوص القتلة والمجرمين!.
ثالثا: لم يأخذ ناشرو الخبر في حسبانهم ان لهؤلاء الشباب اخوات صبايا على وشك الزواج وان الفضيحة سوف تشمل العائلة كلها وقد يتسبب هذا التشهير في انصراف الشباب الآخرين عن التقدم للزواج من بنات تلك الاسر بل قد يصل الامر الى قيام بعل احمق متزوج من إحدى بنات اسر المذنبين بطلاق حليلته لشعوره بالعار ان خال اولاده شاذ جنسيا وعلَم في هذا المجال واسمه الرباعي منشور في الصحف!!، اضافة الى ما ينال بقية الاسرة من شباب ووالد ووالدة من خزي وعار واذا كان التشهير بالقتلة والمجرمين له ما يبرره لاسيما ان القرار رسمي وهدفه الإعلان عن موقف رسمي من الجريمة المروعة ضد الآخرين فإن التشهير هنا لا يوجد له مبرر لأنه لا يوجد طرف ثانٍ في هذه الجريمة فالشباب مذنبون وجانون على انفسهم اولا واخيرا، وتعزيرهم انما جاء لتأديبهم على مجاهرتهم بالمعاصي واعترافهم باللواط حتى لا ينتشر مرضهم بين اندادهم من الشباب.
رابعا: ان هناك من يرى ان وضعهم في سجن عام ولسنوات عديدة لن يحل المشكلة وقد يخرجون من السجن وقد ازدادوا شذوذا وانهم كانوا يحتاجون الى دراسة لوضعهم من النواحي النفسية والصحية والخلقية والتربوية والاجتماعية وان يودعوا دورا خاصة تحت اشراف تربوي ونفسي دقيق وان تكون مدة الحجز مرتبطة بتحسن سلوكهم وبعودتهم الى صوابهم واقلاعهم عن هذه العادة السيئة والجريمة النكراء وعلمهم ان ما يقومون به اعتداء على تعاليم السماء ثم على الخلق والكرامة الإنسانية، وان يكون خروجهم بموجب تقرير تشارك في تسطيره عدة جهات بما في ذلك اطباء عضويون ونفسيون وتربويون وعلماء شرعيون، واذا كان للمسألة جانب علاجي مرتبط بالشذوذ فلابد من تغطيته حتى يشفوا من هذا الداء العضال!؟.
خامسا: لابد أن نسأل,, لماذا ظهر هؤلاء وهل يوجد لهم اشباه وما هو سبب ظهورهم المعلن وهل هم مرضى ام مجرمون وهل يستحقون الشفقة ام العقاب او الاثنين معا,, ألا تستحق المسألة بحثا اوسع واشمل؟!.
الجوهرة,, جوهرة!
في جامعة أم القرى وفي كليات الطالبات كان هناك فرح وابتهاج بإنشاء صالة صيفية تبرعت بتكاليفها الأميرة الطيبة الجوهرة البراهيم او أم عبدالعزيز اذا اردنا لقبها بلا تكاليف، وكان مبلغ التبرع عشرين مليون ريال.
وقد كنت اسمع عن اعمال خيرية عديدة لهذه الاميرة الوقورة فلا اعجب لذلك لأنها من اسرة كريمة اصيلة، وهي تقوم بهذه الاعمال الحسنة بدافع اصيل في نفسها واقبال دائم على الخير وبعيدا عن الدعاية والإعلام إلا ما يتسرب من الاعمال بحكم الظروف والمناسبات.
وقد سميت الجوهرة وهي حقا كذلك بارك الله فيها ولها وكثّر من أمثالها.
|
|
|
|
|