| مقـالات
تعج الثقافة العربية بالكثير من الأقوال والحكم المأثورة الواصفة لسلوكيات وطرائق تفكير! الكثير من الحيوانات والطيور، وحتى الاسماك والزواحف! ومن فرط ولع العقل العربي بهذه الانجازات الاستقرائية لتلك السلوكيات، فإنك لن تعدم ملاحظة التبجح! بتطبيقها وعدم التردد في اطلاقها على بني الانسان، وكل حسب سلوكه، أو طريقة تفكيره، أو حتى شكله، إلى الدرجة التي قد توحي بأن الانسان العربي قد فهم كنه أسرار عقله الى الحد الذي انطلق من جرائه ترفا! الى ما يعج ومالا يعج في بيئته من مخلوقات أخرى، حتى ولو كان الدب القطبي! .
رب قائل يقول! ولم لا؟,, وما هو الخطأ في استقراء حقيقة الحيوانات ومن ثم تطبيقها على ما يناسبها من سمات وسلوكيات انسانية كالغباء والحذر والانتقام والجهل وعد واغلط! ، لأقول ان استقرائنا غير العلمي لسلوكيات مخلوقات بيئتنا قد أدى ولا زال يؤدي الى التعامل الانساني معها حسب ما فهمه الانسان خطأ عنها, وهذا بالطبع فيه ظلم لتلك المخلوقات مما أدى الى انقراض الكثير منها الأمر الذي من جرائه اضطررنا إلى اقامة محميات لحمايتها منا, خذ، مثلا، قولنا لأحدنا : أجهل من فراشة! ,, لأقول بأي حق غمطنا حق الفراشة بالذكاء، هل استخدمنا اختبارات سريرية من شأنها اختبار مدى حدة ذكاء الفراشة من عدمه؟ أم يا ترى أن الأمر لا يعدو كونه ملاحظة شخصية عابرة عن فراشة عابرة لديها من الظروف لحظتها ما لديها، فقط ليتم تعميم وضعها الخاص هذا على جميع الفراشات المحلقة حولنا بهجة ومرحا وسرورا؟!.
بل ما رأيكم في وصمنا لتلك الحيوانات بصفات أقلها الدناءة والغدر والخيانة من قبيل: أظلم من ذئب! ,, من استرعى الذئب ظلم! ,, ومستودع الذئب أظلم! ,, وكافأه مكافأة الذئب! ، اضافة الى تقولنا على ألسنة تلك الحيوانات غير الناطقة طبعا؟,, أين العدالة، مثلا، في قول من قال:
وأنت كذئب السوء إذ قال مرة! لعمروسة والذئب غرثان مرمل |
فهل من المعقول أن هذا الشاعر قد سمع الذئب حقا يقول الى أنثى الخروف العمروسة وليس العروسة! ما قال، وكما تفيد بقية القصيدة التي لا يتسع الحيز لذكرها كاملة؟!,, بل لماذا نبتئس من خوف الغراب وحرصه على حياته فنصمه بالحذر حسدا، بل ونطبق هذا على بعضنا البعض قائلين أحذر من غراب؟ ,, ومن يلوم هذا الغراب بحرصه على البقاء حيا في وجه همجية الانسان وقسوته؟,, أم يا ترى ان هذا الغراب المسكين! ينطبق عليه قول من قال حتى من الموت لم أخل من الحسد؟ ,, هل تمعنت بغيض من فيض تلك التقولات الحيوانية وفكرت بحيثياتها البيئية على الأقل: أروغ من ثعلب,, أظلم من حية أقوى من نملة: ما شاء الله! ,.
صدق من قال حين قال:
عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير |
للتواصل ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض
|
|
|
|
|