أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 30th April,2000العدد:10076الطبعة الأولىالأحد 25 ,محرم 1421

مقـالات

نوافذ
الحمى
أميمة الخميس
في بعض البلدان العربية تنتشر نظرة راسخة عن طبيعة الحياة في دول الخليج وبالتحديد الجانب الاقتصادي منها، حيث يحكمها (ستريو تايب) يجعل جميع من يذهب لدول الخليج للعمل فهو قد ذهب كي يقطف الأموال من أغصان الشجر، أو ليكتشفها مختبئة بين حجارة الطريق!! في شيء يشبه حمى الذهب التي باغتت ولاية (كالفورنيا) في السابق حيث أخذ يقصدها الكثير من سكان الولايات المتحدة بحثاً عن الذهب في الجبال والأنهار والسواقي، والكهوف، ومع اختلاف المسافة الزمنية والمكانية بين التجربتين إلا ان هذا لايجعلنا ننسى تلك الحقائب التي كانت تصلنا من بلدان الشام ومصر وبداخلها مئات المنمنمات الصغيرة القابلة للتسويق، ابتداء من المشغولات اليدوية، والثياب، انتهاء بالمساحيق التي ترجع الشباب والحيوية، ولعل الفارق الحضاري بين سكان الجزيرة وتلك المناطق (في تلك المرحلة فقط) جعل امكانية التسويق مرتفعة لا سيما وأن التسويق على الغالب كان يتم عبر سيدات يمتلكن اللطف والخبرة والحذاقة التي جعلت من الصعب عليهن، ان يكتفين بالمقاعد الخلفية كربات بيوت مرافقات لأزواجهن في دول الخليج.
ولكن تلك المرحلة أخذت في الضمور رويدا رويدا، واستبدلت بحمى من نوع آخر!! حيث حلم التجارة والرفاهية أصبحت حلماً يسيطر على قطاع واسع من المجموع، ولا أحد ينكر حق الجميع في الكسب الشريف المشروع، ولكن تلك التجارة اتخذت لها دهاليز ومسالك، غريبة ترهق الاقتصاد العام ولاتدفعه للأمام كما هو مفترض، فهي بالتحديد كالزوجة السرية او كزواج المسيار، والذي يتوارى مذعورا في الظل!! فالموظف يحلم بشراء عدد من السيارات ومن ثم بيعها عبر التقسيط لتحقيق الربح السريع، والمعلم يحلم بمكتب عقار يحقق من خلاله صولات وجولات عقارية، والمهندس يهيىء مكتب مشاريع لدوام ما بعد الظهيرة، والمعلمة تملأ حقيبتها بجوار دفاتر التحضير، بسلع قابلة للرواج بين المعلمات!! بينما يتفق جميعهم على أهمية استئجار دكان، ومن ثم تكديسه بمنتجات شرق آسيا مع بائع (هندي) غريب الوجه واليد واللسان، ناهيكم عن المطاعم والمقاهي واستراحات الإيجار, ولا يخفى علينا ان جميع الأنشطة التجارية السابقة هي أنشطة هامشية مستنزفة للاقتصاد المحلي وليست بداعمة له، بل هي مكرسة للمفهوم السلعي السائد لدينا، حيث تتجه بوصلة الأحلام نحو الكسب السريع وبأي شكل ووسيلة، وهذا المفهوم الاستهلاكي الشره من شأنه أن يحول أي شيء الى سلعة قابلة لسوق العرض والطلب، ويظل الخليج وأهله أسرى مقتنصي أحلام الثراء أو ممولي هذه الأحلام!!

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved